تعمقت الأزمة السياسية والأمنية في في ظل عجز متكرر لإيجاد مخرج للأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ أحداث 2011.

وفي إطار الانفلات الأمني والانقسام السياسي الذي تعيشه منذ سنوات،تشهد ليبيا تصاعدا كبيرا في معدل الجريمة مع مواصلة الجماعات المسلحة ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في ظل استمرار افلاتها من العقاب.

حيث تتواصل جرائم المليشيات والجماعات المسلحة في جميع أنحاء ليبيا من اختطاف مئات المدنيين واخفائهم بشكل قسري،والاعتداء بالعنف والاغتصاب والقتل.

من ذلك،تشهد البلاد منذ سنوات تصاعدا كبيرا في معدل الجريمة، حيث وصلت إلى 55 ألف جريمة جنائية بين سنتي 2011 و 2016.

وبحسب جهاز المباحث العامة الليبي فإن عدد الجرائم الجنائية التي سجلها بين 2011 و 2016 بلغت 55 ألف جريمة تختلف ما بين قتل واختطاف وابتزاز، مشيرا إلى أن هذه الإحصائية شملت 35 مديرية أمن في البلاد لكن 20 مديرية أخرى لم تشملها إحصائيات الجرائم المرتكبة في نطاقها.

وفي حين عبر مسؤولو الجهاز عن عدم قدرتهم على التصدي للجريمة، بسبب انتشار السلاح بموازاة كثرة الأجهزة الأمنية التي أنشئت حديثا لم تحدد الصلاحيات الموكلة لها، يرى نشطاء حقوقيون أن الإحصائية تعتبر قصورا كبيرا.

في نفس الإطار،يقول الناشط السياسي أسامة الوكواك لــ"العربية.نت" في وقت سابق أن الجريمة في ليبيا ارتقت لمستوى الجريمة المنظمة وهي التي تقود الصراع في ليبيا بعد الثورة وتقوض توحيد الدولة" وتابع " بمرور الوقت تطورت ديناميات النشاط الإجرامي وأسواقه فهي الآن تجوب الصحراء الليبية المنفتحة على دول الجوار".

وأوضح أن "تمتع شبكات الجريمة بالنفود السياسي أفادها في تجنب الملاحقات الجنائية، وإن لزم كما هو مشاهد من قبل الميليشيات إلى تعطل الدولة والقانون والعدالة قسرا عدة مرات".

يرى مراقبون أن هذه الظاهرة جديدة ومسقطة على الواقع الليبي الذي تعتبر مرجعيته  الثقافية العربية الإسلامية تقدس الحق في الحياة وترفض صناعة الموت مهما كانت الخلفيات والأهداف.

وتشير التقارير إلى أن ليبيا ما قبل سقوط نظام معمر القذافي من أقل البلدان العربية ارتكابا للجرائم.

حيث دشنت حادثة اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس إثر عملية اختطاف مسلسل الدم الطويل الذي يأبى النهاية.

ومازال الغموض يكتنفها إلى اليوم في ظل مؤشرات تدل عن تورط جهات إقليمية مرتبطة بدول أجنبية غالبا ما كانت عينها على ليبيا.

ولئن كان من الصعب تفكيك ظاهرة الجريمة في ليبيا نظرا للتعقيدات السياسية والأمنية وما ترافقها من تصفيات وابتزاز، فإنه من الممكن تحسس مكامن خطورتها خاصة بشأن اغتيال الناشطات واختطاف البنات واغتصابهن واستخدامهن كرهائن للمساومة بين الفرقاء الليبيين على امتداد سنوات من الانتهاكات لأبسط حقوق الإنسان.

وتبدو ظاهرة الجريمة المنظمة بشتى مظاهرها الذراع الميداني للتنظيمات السياسية سواء منها المسلحة أو غير المسلحة التي جعلت من نفسها غطاء للاغتيال والقتل والنهب والاختطاف والاغتصاب لتضفي عليها مشروعية القوة وتستخدمها للمساواة والابتزاز.

من جانب آخر،احتلت الدولة الليبية المركز 19، في مؤشر الجريمة حيث حصلت على 62.27 درجة بتقييم مرتفع، وفي مؤشر الأمان حصلت على 37.73 درجة، وذلك وفق قاعدة البيانات العالمية "نامبيو" التي أعلنت أحدث تصنيف لها للدول الأكثر والأقل أمانًا في العالم من حيث الجريمة.

وتُعتبر مستويات الجريمة منخفضة جدًا إذا كانت أقل من 20، أما ما بين 20 إلى 40 فهي منخفضة، وما بين 40 إلى 60 فهي معتدلة، في حين تعتبر مرتفعة إذا كانت بين 60 و80، وإذا كانت أعلى من 80 فهي مرتفعة للغاية، ويعتمد مؤشر الجريمة على معايير عديدة؛ مثل جرائم القتل والسرقة والسطو والاغتصاب.

من ذلك،يرى مراقبون أنه لم تقد الفوضى الأمنية وسطوة الميليشيات المسلحة إلى الاغتيالات السياسية الممنهجة لتصفية الخصوم المختلفين فكريا وسياسيا ومصلحيا والمرتبطين بجهات خارجية فقط، بل الأخطر من ذلك أنها قادت البلاد إلى الجريمة بشكل مفزع على الرغم من أنها ليست من سمات المجتمع.