في ضربة أمنية ناجحة، أعلنت قوات الجيش الليبي، إلقاء القبض على الإرهابي المصري، هشام عشماوي، الضابط السابق بالجيش الذي يعد أحد أخطر المُتشدِّدين الإسلاميين في المنطقة، والمشتبه بتورطه في سلسلة من العمليات لاستهداف قوات الجيش والشرطة المصرية، وزعزعة استقرار البلاد.

وقال العقيد أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، إن قوات الجيش تمكنت من توقيف الإرهابي المصري في عملية نوعية تمت بالاشتراك بين أفرع الجيش، الذي يقوم حالياً بعملية إحكام السيطرة على مدينة درنة (شرقي ليبيا) عقب تطهيرها من سيطرة الجماعات الإرهابية المنضوية تحت مسمى مجلس شورى مجاهدي درنة، وقال المسماري، إن من المحتمل تسليمه إلى مصر عقب انتهاء التحقيق معه.

تنسيق أمني

وكان عشماوي يستخدم مدينة درنة، التي تقع على بُعد نحو 165 ميلاً غرب الحدود المصرية، كنقطة انطلاق للعبور إلى مصر وشنِّ هجماتٍ عليها. وأكد مسؤولون أمنيون مصريون، القبض على عشماوي، ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية، عن وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب المصري اللواء أركان حرب أحمد العوضي، أن العملية التي نفذها الجيش الليبي، فجر الاثنين، ونجحت في إلقاء القبض على الضابط المصري السابق، المشتبه بتورطه في عمليات مسلحة ضد الأمن المصري، جاءت نتيجة التنسيق بين الجانبين المصري والليبي، مشددا على أن التنسيق يجري كذلك من أجل تسليم عشماوي لأجهزة الأمن المصرية.

وقال العوضي في تصريحاته إن "عملية القبض على هذا الإرهابي الخطير الذي قام بالكثير من العمليات ضد المصريين عموما، والشرطة المصرية خاصة، وهو من الأشخاص أو الإرهابيين الأكثر خطورة، كونه ضابطا سابقا بالقوات المسلحة، نتيجة لعمليات التنسيق بين القيادة السياسية المصرية والجيش الليبي؛ لتتبع تلك العناصر والقبض عليها، لخطورتهم على الأمن القومي المصري، وخطورتهم على المصريين".

وحول تقديم السلطات المصرية طلبا لتسليم عشماوي، أكد العوضي "أكيد، هذا ضمن الأمور التي يتم التنسيق فيها مع الجانب الليبي"، متابعا "بالتأكيد لابد من تسليمه للسلطات الأمنية المصرية للتحقيق معه، والحصول على المعلومات الغزيرة المتوفرة لديه".

من جانبه، وقال المتحدث الرسمى باسم القوات المسلحة الليبية، العميد أحمد المسمارى، إن هناك تنسيقًا على أعلى مستوى وعملًا مشتركًَا بين مصر وليبيا في ملف الحرب على الإرهاب، موضحًا أن القوات المسلحة الليبية ألقت القبض على الإرهابي المصري هشام عشماوي في ليبيا بعدما ألقت القوات المسلحة المصرية القبض على إرهابي ليبي في مصر، وتحديدًا في منطقة الواحات.

وأضاف المسماري، خلال استضافته بفضائية "إكسترا نيوز": "في البداية كانت المعركة مع المجموعات الإرهابية المسلحة لديهم خطط خاصة واستحداث في عملية القتال، لكن الآن القتال أصبح ضد بعض الدول الداعمة للإرهاب، ونؤكد للشعب الليبي لا يقاتل إلا الإرهاب ولا يقاتل إلا من أجل حرية وكرامة الشعب الليبي".

ونقلت صحيفة "اليوم السابع"، عن العميد أحمد المسمارى:قوله إن الأجهزة الأمنية التابعة للجيش الليبي، بدأت التحقيق مع الإرهابى المصرى هشام عشماوى، الذى ألقى القبض عليه فى حى المغار بمدينة درنة.وأكد المسمارى، أن السلطات الليبية لم تقرر بعد موعد تسليم الإرهابى المصرى هشام عشماوى إلى القاهرة، مشيرا لوجود تنسيق وتعاون كامل بين مصر وليبيا فى مجال مكافحة الإرهاب، ومتابعة للطرف المصرى لسير التحقيقات مع عشماوى.

ضربة مزدوجة

ويعد هشام عشماوى أحد أقوى الشخصيات الإرهابية فى تنظيمى "المرابطون" و"أنصار بيت المقدس" الذى كان مسئولا عن سلسلة من العمليات الإرهابية ضد القوات المسلحة والشرطة، كان أبرزها محاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق عام 2013، وعملية الواحات أكتوبر 2017، التي راح ضحيتها 16 من رجال الشرطة.

وفيما تركزت الأنظار على الإرهابي المصري هشام عشماوي عند إلقاء القبض عليه في حي المغار بمدينة درنة شرقي ليبيا، تحدثت مصادر أمنية عن أن الجيش الوطنى تمكن من القبض على قيادات إرهابية ليبية لا تقل فى خطورتها عن عشماوى، مشيرة إلى أن أخطر إرهابيى تنظيم القاعدة فى ليبيا وشمال أفريقيا المدعو "مرعى زغبية" من ضمن القيادات التى تم ضبطها.

ويعتبر زغبية المولود عام 1960، ويسكن منطقة "خريبيش" في مدينة بنغازي، أحد أهم قيادات القاعدة في ليبيا.وانضم إلى الجماعة الليبية المقاتلة بقيادة عبد الحكيم الحاج، قبل أن يتوجه إلى أفغانستان عام 2001 للانضمام لتنظيم القاعدة.وأدرج اسمه على قائمة الجزاءات الموحدة لمجلس الأمن في 2 أغسطس 2006 لارتباطه بتنظيم القاعدة أو أسامة بن لادن أو حركة طالبان.

وقُبض على زغبية في إيطاليا وسجن في أحد السجون الإيطالية بتهمة التآمر وارتكاب أعمال إرهابية ضد السلطات الإيطالية، وحكمت عليه محكمة جنايات ميلانو في الـ20 من ديسمبر/كانون الأول 2007 بالسجن 6 سنوات لانتمائه إلى جماعة إجرامية ذات أهداف "إرهابية" ولتلقيه سلعًا مسروقة، وأكدت محكمة الجنايات الاستئنافية لميلانو هذا الحكم في الـ20 من نوفمبر/تشرين الثاني 2008

وحسب الناطق الرسمي للجيش الليبي، فإن زغبية استطاع أن يخرج من السجن في إيطاليا، بدون أن تتضح الطريقة التي خرج بها، ووصل بعد ذلك إلى تركيا وحصل على لجوء سياسي فيها، بعد أحداث فبراير / شباط 2011.بعد ذلك، رجع إلى ليبيا وشكّل مع شخصيات أخرى كتائب أطلق عليها "سرايا راف الله السحاتي" التي تضم في صفوفها أغلب المنتمين للتيارات الإسلامية المتطرفة في مدينة بنغازي.

وشارك زغبية في القتال في صفوف "مجلس شورى ثوار بنغازي" الذي كان يقوده زعيم تنظيم أنصار الشريعة محمد الزهاوي ووسام بن حميد.وبعد إنتصارات الجيش الليبي في بنغازي وبدء انفراط عقد التنظيمات الإرهابية فيها، اتجه زغبية إلى مدينة درنة عام 2014، وانضم إلى تنظيم "المرابطون" الذي أسسه المصري هشام العشماوي.

دعم

ويرى مراقبون إنَّ اعتقال قيادات إرهابية بهذا الحجم في ليبيا، من شأنه أن يقدم دعماً لحملة مكافحة الإرهاب في مصر، خاصة وأنه يأتي بالتزامن مع تواصل حملات الجيش المصري لتطهير سيناء من الإرهاب، إذ أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية، الإثنين، البيان الـ 28 للعملية الشاملة سيناء 2018، والذي أعلنت فيه مقتل 52 إرهابيا في سيناء، في إطار عملية عسكرية واسعة، بدأت في فبراير/شباط الماضي، وتستهدف تطهير المنطقة من متشددين موالين لتنظيم داعش الإرهابي، نفّذوا هجمات خلال السنوات القليلة الماضية أسفرت عن مقتل المئات من قوات الأمن والمدنيين.

كان تنظيم داعش قد أعلن في وقت سابق هذا الشهر مقتل قيادي كبير في صفوفه في سيناء، وهو ما يمثل ضربة للمتشددين. وعرّف التنظيمُ القياديَّ بأنه فلسطيني يدعى أبو حمزة المقدسي، وقال بيان أورده حساب تواصل اجتماعي منسوب للتنظيم أن المقدسي، فلسطيني الجنسية، كان مسؤولا عن عمليات التخطيط والتدريب لداعش في سيناء دون الإدلاء بأي تفاصيل بشأن كيفية مقتله ومتى وأين حدث ذلك بالتحديد.

قالت وكالة أنباء "رويترز"، إن اعتراف داعش بمقتل عضو بارز بفرع التنظيم في شبه جزيرة سيناء يمثل ضربة للمسلحين الذين يقفون وراء موجة من الهجمات استهدف الجيش المصري والمدنيين.وأشارت الوكالة البريطانية: "الجيش والشرطة المصريان ينفذان عملية في سيناء منذ فبراير الماضي لسحق المسلحين المنتمين لداعش.

ونوهت رويترز إلى أن العملية المذكورة انطلقت بعد هجوم على مسجد في نوفمبر الماضي أدّى إلى مقتل مئات المصلين.وقال الجيش المصري إن المئات من المسلحين المشتبه بهم قتلوا بجانب عدد من الجنود خلال العملية التي يشارك فيها آلاف القوات مدعومين بأسلحة ثقيلة وقوة جوية.

ويرى الكثير من الخبراء الأمنيين إنّ العملية العسكرية التي أسفرت عن القبض على القيادات الإرهابية، تعتبر نجاحًا للتعاون الأمني بين مصر وليبيا، لتأمين الحدود الاستراتيجية بين البلدين.حيث ستُسهم كثيرًا في دحر الإرهاب واجتثاثه من جذوره خلال الفترة المقبلة، لأن ذلك بمثابة ضربة قاصمة لكل التنظيمات الإرهابية سواء في مصر أو المنطقة كلها.

ومثل إنتشار الجماعات الإرهابية خلال السنوات الماضية، مصدر قلق لدول الجوار وخاصة الجارة الشرقية مصر، التي يمكن اعتبارها من أكثر الدول تأثراً بالفوضى التي عصفت بليبيا.ويرى مراقبون، أنه من الطبيعى جدا أن يكون هناك تنسيق أمني بين الجارتين والذي من شأنه أن يكون طريقا لإجتثاث العناصر الإرهابية من أراضيها.