طبول الحرب تقرع لترسم حال محيط مدينة سرت الليبية،في ظل تهديدات ووعيد متبادل تغذيه الأطماع التركية الساعية للسيطرة على الحقول النفطية لنهب ثروات الليبيين دعما لاقتصاد أنقرة المتهالك،لكن هذه الأطماع تواجه برفض ليبي متصاعد واصرار على مواجهتها وسط امكانية تدخل مصري لردع الغزو التركي وايقاف تمدده في الأراضي الليبية والمنطقة عموما.

إلى ذلك،أكد الناطق باسم الجيش أحمد المسماري أن الساعات القادمة ستشهد معركة كبرى فاصلة بين الليبيين والأتراك بمحيط سرت الجفرة.وقال المسماري في مقابلة مع قناة "الحدث"،إن الساعات القادمة ستشهد معركة كبرى بمحيط سرت الجفرة مضيفا رصدنا تحركات لقوات الوفاق ومليشياتها في محيط سرت الجفرة.

وأوضح المسماري أن الجيش ينتظرانطلاق المعارك في أي لحظة وأنه لم يقوم بالهجوم لكنه سيردع أي قوات تحاول التقدم موضحا أنه اتخذ كل ما يلزم ورصد كل الإمكانيات لإفشال محاولة الوفاق للوصول للهلال النفطي حيث أن الجيش يحمي مصالح الشعب الليبي والشركاء الأجانب من شركات معنية بالنفط الليبي.وأكد أن المعركة القادمة لن تكون ليبية فقط وستشهد تدخلا إقليميا وأجنبيا مبينا أن تركيا عادت الاتحاد الأوروبي واليونان ومصر وأرسلت رسائل سلبية في اتجاهات عديدة.

وتاتي هذه التصريحات بعد خطوة جديدة،قام بها البرلمان الليبي، الثلاثاء،حيث منح الجيش المصري، حق التدخل المباشر في الأراضي الليبية، لمواجة الغزو التركي.وقال البرلمان الليبي،  في بيان جديد إن "من حق القوات المسلحة المصرية التدخل لحماية أمننا القومي المشترك، إذا رأت أن هناك خطرا وشيكا يطالنا، والعمل على تحقيق الاستقرار في بلادنا والمنطقة".

وجدد البرلمان الليبي، في بيانه، ترحيبه بما جاء في كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي بحضور ممثلين عن القبائل الليبية، داعيا إلى "تضافر الجهود بين الشقيقتين ليبيا ومصر بما يضمن دحر المحتل الغازي التركي".وأشار إلى أن "ذلك يأتي في ظل ما تتعرض له بلادنا من تدخل تركي سافر وانتهاك لسيادة ليبيا بمباركة الميليشيات المسلحة المسيطرة على غرب البلاد، وسلطة الأمر الواقع الخاضعة لهم، ولما تمثله جمهورية مصر العربية من عمق إستراتيجي لليبيا على كل الأصعدة: الأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية، على مر التاريخ".

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي،قال في 20 يونيو الماضي، أن أي تدخل من الجانب المصري في ليبيا باتت تتوفر له الشرعية الدولية، خاصة مع مواصلة دول خارجية عمليات تسليح المليشيات المتطرفة، مشيرا إلى أن "سرت والجفرة خط أحمر"، وأن جاهزية القوات المسلحة المصرية للقتال صارت أمرا ضروريا.

وفي 24 يونيو/ حزيران،أكد المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، أن الشعب الليبي سيطلب رسميًا من مصر التدخل بقوات عسكرية إذا اقتضت ضرورات الحفاظ على الأمن القومي الليبي والأمن القومي المصري، وذلك دفاعا شرعيًا عن النفس حال قيام الميليشيات الإرهابية والمسلحة بتجاوز الخط الأحمر الذي تحدث عنه الرئيس السيسي ومحاولة تجاوز مدينتي سرت أو الجفرة.

ويأتي بيان البرلمان الليبي، بعد ساعات من تصريحات أدلى بها وزير الخارجية المصري سامح شكري، قال فيها: إن حديث تركيا عن التدخل وتنفيذ عمل عسكري مباشر في ليبيا في سرت والجفرة تحديدا هو أمر خطير، وخرق لقرارات مجلس الأمن وقواعد الشرعية الدولية، لافتًا إلى أن "هذا سيكون تأثيره بالغ الخطورة".وشدد على أنه لن يكون هناك أي احتمال لعدم التصدي ومواجهة مثل هذا الاعتداء الذي يُصور من قبل الشعب الليبي الشقيق بأنه فرض احتلال عثماني تركي على بلادهم في الوقت الراهن، مضيفا أن الجيش الليبي أكد أنه سيدافع عن أرضه.

وقوبل قرار البرلمان الليبي بطلب التدخل المصري بتأييد من المجلس الأعلى لمشايخ وأعيان ليبيا،الذي قال في بيان له أن "القبائل الليبية تقف ضد المشروع التركي وستتصدى له بكل ما لديها من قوة".وطالب المجلس الليبيين بالوقوف بقوة خلف قيادته السياسية والعسكرية ومساندة الجيش المصري في حال تقدمت قواته لردع العدوان التركي".وقال المجلس إن "التصعيد التركي جاء بعد رفض الشعب الليبي إعادة تصدير النفط تحت سلطة مصرف ليبيا المركزي الموالي لحكومة فايز السراج وتركيا".

وحول امكانية التدخل المصري في ليبيا،قال عضو لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان المصري، يحيى الكدواني، إن مصر لن تلجأ للحل العسكري في ليبيا إلا للضرورة القصوى. وأوضح الكدواني، في تصريحات لراديو "سبوتنيك"، أن "مصر حددت خطا أحمر إذا تجاوزته الميليشيات المسلحة فسيكون لمصر موقف رادع دون تردد.

ولفت الكدواني الى أن مصر ترفض اللجوء للحل العسكري، ولن تلجأ إليه إلا للضرورة القصوى وهي قادرة على ردع أي قوة مشددا على أن الجيش المصري سيكون خلف القبائل الليبية وخلف الجيش الليبي للمساندة، مؤكدا أن مصر تستطيع الوصول إلى أبعد من طرابلس إلا أنها ملتزمة بالخط الأحمر سرت والجفرة.

وأشار إلى أن "مجلس النواب الليبي صاحب الحق في إصدار أي قرارات تصب في صالح الشعب الليبي ووحدة أراضيه وأمنه القومي" مبينا أن مصر تعتبر الشعب الليبي امتدادا للشعب المصري وأن الأمن القومي الليبي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري وأن مصر يهمها الحفاظ علي مقدرات الشعب الليبي ومساندة إرادته لتحقيق الاستقرار.

وتاتي هذه التطورات ردا على التعنت التركي واصرار نظام أردوغان على احتلال مدينتي سرت والجفرة ووضع يده على الحقول النفطية.حيث أعلنت تركيا رفضها وقف إطلاق النار في ليبيا في الوقت الراهن، معتبرة أنه ليس في مصلحة حكومة الوفاق الليبية الموالية لها، مطالبة بسيطرة هذه الحكومة على سرت والجفرة قبل أي حديث عن وقف إطلاق النار.

ولفتت تركيا أيضاً إلى الاستعدادات لعملية عسكرية كبيرة في سرت اكتملت،وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن حكومة الوفاق لن تستفيد في حال إعلان وقف لإطلاق النار الآن على امتداد خطوط القتال الحالية، مشيراً إلى أنه لا بد لـحكومة الوفاق من السيطرة على مدينة سرت الساحلية، والقاعدة الجوية في الجفرة، قبل أن توافق على وقف لإطلاق النار.

وأضاف جاويش أوغلو، في مقابلة تلفزيونية،الاثنين، أن بلاده تتفاوض مع روسيا لإخراج قوات الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، من سرت والجفرة، مشيراً إلى أنه في حال فشلت هذه المحادثات، فإن الاستعدادات لعملية عسكرية كبيرة هناك قد اكتملت، وبقي فقط صدور قرار بشأنها.

وزعم أوغلو إجراء اتصالات مع مصر خلال الفترة الماضية،لكن وزير الخارجية المصري سامح شكري،نفى ذلك قائلا أنه: "لم يحدث تواصل بين مصر وتركيا، والتحدث عن عمل عسكري مباشر في ليبيا أمر خطير وخرق لقرار مجلس الأمن وقواعد الشرعية الدولية، وسيكون تأثيره بالغ الخطورة على الأوضاع في ليبيا".

وفي 6 يونيو/حزيران الماضي، طرحت مصر مبادرة تضمن العودة للحلول السلمية في ليبيا ووقف إطلاق النار، ولاقت تأييدا دوليا وعربيا واسعا.وتضمنت المبادرة المصرية، التي أطلق عليها "إعلان القاهرة"، التأكيد على وحدة وسلامة الأراضي الليبية واستقلالها، واحترام كافة الجهود والمبادرات الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والعمل على استعادة الدولة لمؤسساتها الوطنية مع تحديد آلية وطنية ليبية ليبية ملائمة لإحياء المسار السياسي برعاية الأمم المتحدة.

ورغم التزام الجيش الليبي بتعهداته الدولية وقرار وقف إطلاق النار المنبثق عن إعلان القاهرة، فإن المليشيات الموالية لتركيا والمرتزقة السوريين لا يزالون يحشدون قواتهم لشن هجمات على مواقع تابعة للجيش الوطني.فيما تواصل أنقرة عمليات ارسال المرتزقة والارهابيين وشحنات السلاح لدعم حلفائها.

وقال الناطق باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري،في تصريحات تلفزيونية،إن تركيا قامت بنقل 17 ألف مرتزق سوري إلى طرابلس، وعدد من الإرهابيين، فضلاً عن تزويدهم بالأسلحة الثقيلة، مضيفاً أن جماعة الإخوان الليبية هي المسيطرة على مفاصل الغرب الليبي بالتنسيق مع الإخوان في تركيا، وفق قوله.

وتابع المسماري أن عناصر ليبية متشددة هي التي تتصدر المشهد في طرابلس على عكس الجيش الليبي الذي يقاتل من أجل السلام في ليبيا، متهماً النظام التركي بأنه يسعى للتحكم في خطوط الغاز في مليتة غرب البلاد، مؤكداً أن أردوغان يريد وضع أوروبا في كماشة، كما يسعى لاستخدام التنظيمات الإرهابية لاستهداف أمن واستقرار ليبيا.

وطالب الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي نائب رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيب بوريل، تركيا باحترام التزاماتها بموجب مخرجات مؤتمر برلين واحترام حظر السلاح إلى ليبيا. وقال خلال مؤتمر صحفي عقب اجتماع للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء: "نحن عازمون على تعزيز نظام العقوبات للمساهمة في تنفيذ أفضل لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الأمر الذي سيزيد أيضًا من فاعلية عمليتنا إيريني.

وأضاف أنه كان هناك إجماع بين الدول الأعضاء على أن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا تتعرض حاليًا لضغوط مستمرة، حسب بيان على موقع الاتحاد الأوروبي.وتابع: "هناك تطورات مقلقة، لا سيما في شرق المتوسط وفيما يتعلق بليبيا تؤثر بشكل مباشر على مصالحنا. وبالتالي، يجب على تركيا معالجة العديد من القضايا الخطيرة من أجل تغيير ديناميكية المواجهة الحالية وخلق بيئة من الثقة مع أنقرة".

ويسعى أردوغان للسيطرة على مدينة سرت كونها مفتاح السيطرة على منطقة "الهلال النفطي" في ليبيا ، والتي تساهم بنسبة 60٪ من صادرات النفط الليبية.ومدينة سرت التي لديها حقول نفط مهمة ومرافق تحميل الناقلات،ذات أهمية عسكرية أيضًا،كونها مدينة حامية تسمح بالسيطرة على الساحل الليبي بين طرابلس إلى الغرب وبنغازي من الشرق.أما الجفرة،فتحتوى على قاعدة جوية تسمح بالسيطرة على المجال الجوي الليبي بأكمله،بالإضافة إلى كونها طريقًا رئيسيًا يربط جنوب البلاد بالساحل.وخلاصة القول ، إن السيطرة على الجفرة يعني السيطرة على كل ليبيا.

ويرى مراقبون أن الاطماع التركية تهدد باشعال حرب كبيرة في ليبيا قد تكون تداعياتها أكثر خطورة من سابقاتها على ليبيا والمنطقة ككل،وهو ما حذر منه وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش،في تغريدة له بموقع "تويتر" "طبول الحرب التي تقرع حول سرت في ليبيا الشقيقة تهدد بتطور جسيم وتبعات إنسانية وسياسية خطيرة".داعيا "إلى الوقف الفوري لإطلاق النار وتغليب الحكمة، والدخول في حوار بين الأطراف الليبية وضمن مرجعيات دولية واضحة، وتجاهل التحريض الإقليمي وغاياته".