وجدت الجماعات المتطرفة في ليبيا طوال سبع سنوات مكانا مناسبا للنمو والتوسع  لدرجة أن داعش كان ينظم استعراضات عسكرية علنا في مناطق أعلن سيطرته عليها.

ويمثل وضع داعش فى ليبيا واحدة من أهم أوراق الصراع، ليس في ليبيا وحدها، وإنما في كل الدول التي يوجد فيها داعش ونجح في الإعلان عن نفسه بشكل دعائي.

هذا الملف يتفرع عنه إشكال لا يقل أهمية و هو وضع المقاتلين الأجانب في بؤر التوتر و خاصة سوريا إثر دحر تنظيم داعش في أهم معاقله حيث يتساءل مراقبون حول مصير هءلاء المقاتلين من بينهم الليبيون منهم.

وقد أصبح هذا الملف محل توظيف سياسي خاصة و أن ليبيا تعيش منذ أشهر على وقع العملية التي أطلقها الجيش الليبي لتحرير طرابلس.

من ذلك،ينحصر اليوم وجود المقاتلين الأجانب في سوريا في إدلب، أخر معاقل المعارضة المسلحة و المجموعات المتطرفة، المدعومة من تركيا. كما تحتضن تركيا أعداداً كبيرة من هؤلاء المقاتلين. الأمر الذي دفع أردوغان للمسارعة بالاتصال بالرئيس الروسي مباشرة بعد تصريحاتها حول نقل المقاتلين من إدلب نحو ليبيا. 

هذه الأعداد الكبيرة من المقاتلين وعوائلهم تحولت مع الوقت إلى عبئ أمني على تركيا، و مصدر احراج سياسي، تريد التخلص منه. كما أن السلطات التركية لا تصنف كل الجماعات كتنظيمات إرهابية، باستثناء تنظيم داعش. الكثير من هذه الجماعات تملك ممثلين لها ومكاتب داخل الأراضي التركية.

من جانب آخر،أطلقت روسيا تحذيرا جديدا من إمكانية تحويل ليبيا إلى قاعدة للتنظيمات الإرهابية في ظل رفض الدول الأوروبية استقبال مواطنيها الذين قاتلوا مع الجماعات الإرهابية، وذلك في فترة تمكن فيها إرهابيون من الفرار من شمال سوريا مستغلين الهجوم التركي على الأراضي السورية.

واعتبر وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، في وقت سابق  أن ليبيا تخاطر بأن تصبح قاعدة كبرى للإرهابيين في شمال أفريقيا، في ظل رفض عدة دول أوروبية استقبال مواطنيها الذين قاتلوا في صفوف التنظيمات الإرهابية.

ويتوافق التحذير الروسي من إمكانية تحويل ليبيا إلى قاعدة للإرهابيين مع تحذير أطلقه الجيش الليبي خلال الأيام القليلة الماضية وحذر ضمنه من فتح تركيا ممرا آمنا للإرهابيين للتحول إلى ليبيا.

وكان المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي اللواء أحمد المسماري أعرب عن مخاوف من نقل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان آلاف الإرهابيين من تنظيم داعش إلى البلاد بعد غزوه سوريا.

وقال المسماري إن الغزو التركي لشمالي سوريا ربما يؤدي إلى هروب عناصر داعش من السجون التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية.

ويخشى الليبيون من أن يؤدي العدوان التركي على الشمال السوري، لإطلاق المئات من عناصر تنظيم داعش ونقلها إلى الشطر الغربي من بلادهم.

إذ أوضح الناطق الرسمي باسم غرفة عمليات الكرامة العميد خالد المحجوب، أنّ الجيش الليبي يضع في اعتباره إمكانية نقل إرهابيي داعش من شمالي سوريا إلى غربي ليبيا لمساندة الميليشيات، ومستعد للقضاء عليهم وإحباط كل المؤامرات التي تستهدف الأمن الوطني والاستقرار الليبي.

وأضاف المحجوب لـجريدة البيان، إنّ هناك اتجاهاً واضحاً من قبل تركيا لاستعمال آلاف الإرهابيين من تنظيم داعش ممن كانوا تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، في تنفيذ أجنداته في دول أخرى ومنها ليبيا.

وأوضح أنّه تمّ تسجيل وصول مئات الإرهابيين التابعين لجبهة النصرة من سوريا إلى ليبيا عبر تركيا للقتال في صفوف الميليشيات خلال الأشهر الماضية، وأنّ هناك غرفة عمليات يديرها أتراك وقيادات إرهابية ليبية مقيمة في تركيا، لاستقطاب الإرهابيين ونقلهم إلى ليبيا ضمن المخطط التركي لعرقلة تقدم الجيش الوطني في محاور القتال.

يرى مراقبون أنه لا يمكن قراءة هذا الحماس التركي لنقل المقاتلين إلى ليبيا إلا في إطار اتجاه تركيا لإنقاذ المجموعات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق بشكل مستميت عبر بدء جسر جوي متواصل لتوفير الدعم والعتاد لتلك المليشيات بنمط يعكس مدى تراجع الوضع وهشاشة قدرات الكتائب المدعومة من أنقرة.