بوداود عمير: أتيح لي قراءة كتاب ممتع 

صدر حديثا في فرنسا، أصدره النجم السينمائي الفرنسي المثير للجدل جيرار ديبارديو؛ وهو واحد من ألمع نجوم السينما الفرنسية، وأشهرهم على الإطلاق. الكتاب يحمل عنوان "هناك" أو "في مكان آخر"؛ يتضمن مواقفه الصريحة ضد ماضي بلده وحاضره، ويوجّه نقدا لاذعا للفرنسيين كأفراد ومجتمع.

يصف مثلا الجزائر قبل غزو الفرنسيين لها، بأنها كانت "بلدا مزدهرا، بينابيعها وأراضيها الخصبة وحقولها من القمح والحمضيات. تسعون في المائة من سكانها من المتعلمين، المدارس في كل مكان والجامعات. كانت الجزائر بلدا غنيا ومتحضرا". قبل أن يغزوها الفرنسيون "معظمهم من الأميين، ومن الجنود المخبولين، دخلوا لغزو هذا البلد وتدمير توازنه؛ كانت مجزرة يجب أن نتذكر ذلك..." ثم يسخر جيرار ديبارديو من التاريخ الفرنسي الذي يعتبر الماريشال بيجو بطلا قوميا، يذكر بتعليمات الماريشال المسجلة والموجودة في المكتبة الوطنية الفرنسية، والتي يدعو فيها جنوده إلى إحراق ونهب القرى وإبادة الجزائريين.

بالنسبة لديبارديو، الشيء الوحيد الذي يمنح بعض الأمل في فرنسا هم: المهاجرون "هؤلاء الناس الذين يأتون إلى هنا، وينشرون عطرا فواحا من مكان آخر. ما زالوا يخرجون إلى الشارع ويتسكعون ويتحدثون ولديهم الكثير من الأشياء ليقدموها لنا. إذا كان هناك شيء يمكن أن ينعش اكتئابنا الوطني، هو تلك الثقافات الأخرى".

ما يزعجه في فرنسا، هذا الصمت المريب بين الناس في الشوارع، يقول ديبارديو: "في فرنسا ماذا تسمع مساء في الشوارع؟ لا شيء، صمت المقابر. عندما أعود من روسيا والجزائر وإثيوبيا وأوزبكستان، يساورني انطباع بأنه في غيابي انفجرت قنبلة. أستغرب جدا هذا الفراغ، هذا الصمت المقلق، الذي يخيّم على الشوارع الفرنسية، في نظرات الناس، في أذهانهم، لم أر بلدًا لا يتوقف فيه الناس في الشارع للتحدث مع بعضهم البعض، يهرولون من مكان إلى آخر ويعودون بسرعة إلى منازلهم".