هوت مؤشرات بورصة مصر بنحو حاد، وخسر رأسمالها السوقي، ما يزيد عن 34 مليار جنيه (4.8 مليار دولار) على مدار الثلاث جلسات الماضية، منذ الإعلان عن نية الحكومة المصرية، لفرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية المحققة، من التعامل في البورصة.ورأي محللون وخبراء أسواق مال، أن تصريحات الحكومة المتضاربة بشأن فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية من عدمه، أربك حسابات المستثمرين ودفعهم إلى البيع بعنف، في محاولة للتخلص من الأسهم، خوفا من مزيد من الانهيارات في الجلسات القادمة.

ووفقا لإحصائيات أجراها مراسل الأناضول، خسر المؤشر الرئيسي "EGX30" ما نسبته 9.6% في 3 جلسات فقط ليتراجع عن أعلي مستوياته في 70 شهرا ، والتي وصل إليها في جلسة الاثنين الماضي، ليصل إلى مستوى 7894.73 نقطة، وهو أدني مستوي له في شهر ونصف.وأكد مسئول في وزارة المالية المصرية، عدم وجود نية لدي الحكومة، للتراجع عن فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية، خاصة بعد موافقة مجلس الوزراء عليها، وإحالتها إلى رئيس الجمهورية المؤقت للتصديق عليها.

وأعلنت وزارة المالية، في بيان لها اليوم الأحد، أرسلته إلى إدارة البورصة المصرية، للرد على استفساراتها حول مصير القانون، بأن مشروع القانون أرسل إلى رئيس الجمهورية، وذلك بعد أخذ رأى الهيئة العامة للرقابة المالية ومراجعته من قبل مجلس الدولة.وقال محسن عادل، العضو المنتدب لشركة بايونيرز لإدارة صناديق الاستثمار إن هذه التعديلات ستفقد البورصة تنافسينها بين الأسواق الأخرى، فكل دول المنطقة، وأغلبية الأسواق الناشئة، تعفي التعاملات التي تتم داخل أسواق المال من أي ضرائب أو رسوم لتشجيعها.وستفرض الحكومة المصرية، ضريبة رأسمالية سنوية على الأرباح المحققة من البورصة، وعلى التوزيعات النقدية بنسبة 10%، بينما أعفت توزيعات الأسهم المجانية، وأول عشرة آلاف جنيه من التوزيعات النقدية من الضرائب، وسمحت بترحيل الخسائر لمدة ثلاث سنوات.

ووفقا لتصريحات لوزير المالية المصري، هاني قدري،  مساء أمس السبت، لفضائية خاصة مصرية، فمن المقرر تحصيل ضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة، من الأجانب، مع كل عملية تنفذ على أن يتم التسوية كل 3 أشهر.وأضاف عادل، في اتصال مع وكالة الأناضول "مثل هذه التعديلات الضريبية، قد تتسبب في هروب الاستثمارات، من سوق المال، بما يضر جذريا بحجم الاستثمارات الخارجية، والداخلية المستهدفة".

وتأتي التعديلات الضريبية، التي تعتزم الحكومة فرضها على البورصة، في وقت يعاني فيه السوق المصري من عدة مشكلات هيكلية، تتمثل في ضعف الجاذبية الاستثمارية، وعدم الاستقرار، ونقص السيولة، وانخفاض إحجام التعاملات، وضعف الاستثمار المؤسسي، وخروج العديد من الشركات العملاقة من القيد بالبورصة.وأضاف العضو المنتدب لشركة بايونيرز لإدارة صناديق الاستثمار "لاشك أن صغار المستثمرين سيكونون أكثر المتضررين، من فرض الضريبة الجديد، خاصة وإنهم يعدون القطاع الأكبر في البورصة".

وقال عادل "إذا افترضنا أن فرض هذه الضريبة على ذوي الدخول المنخفضة، يقلل من مقدرتهم على الاستهلاك ،وكذلك على الإنتاج، فإن ذلك سيؤدي إلى انخفاض مستوى الدخل القومي، ومن ثم انخفاض الإيرادات العامة للدولة".ونوه محسن عادل إلى أن قيمه الحصيلة المتوقعة للدولة مع فرض ضرائب على البورصة، لا تتماشي مع حجم خسائر الاستثمار، التي قد يتعرض لها السوق المصري، فضلا عن أن هذه الضريبة، ستحتم على الدولة زيادة إنفاقها الاستثماري، للحفاظ علي استقرار سوق المال.من جانبه، قال محمد الأعصر، مدير إدارة البحوث الفنية لدي الوطني كابيتال "تصريحات الحكومات المتعاقبة منذ ثورة يناير، وحتى الآن حول فرض ضرائب من عدمه، أضعف ثقة المتعاملين في المسئولين الحكوميين، والقائمين على سوق المال المصرية".

وتراجعت مصر عن فكرة فرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية للأسهم والسندات، التي اقترحتها الحكومة بعد ثورة 25 يناير، وألغى مجلس الشورى السابق (المنحل) اقتراحا بفرض ضرائب على التوزيعات النقدية، والاستحواذ، والاندماج، في البورصة، لكنه أقر ضريبة دمغة نسبية، مقدارها واحد في الألف يتحملها المشتري، وواحد في الألف يتحملها البائع، ولا تزال تطبق حتى الآن.وبدأت مصر تطبيق ضريبة الدمغة، على تعاملات البورصة التي تصل قيمتها، إلى واحد في الألف للبائع والمشتري في 19 مايو/ أيار الماضي، وذلك على جميع عمليات شراء وبيع الأوراق المالية، مصرية كانت، أو أجنبية.

وأضاف الأعصر، في اتصال مع الأناضول "أتوقع ابتعاد المستثمرين عن الاستثمار في البورصة المصرية، حال تطبيق هذه الضرائب، مما سيفقدها ميزتها الاستثمارية التنافسية، وقد يلجأ بعض المتعاملين إلى الأسواق الخليجية".في ذات السياق يقول إيهاب رشاد الرئيس التنفيذي لدي مباشر للخدمات المالية "هناك رفض تام من جانب العاملين في سوق المال، لمثل هذه الضريبة لأن أضرارها أكثر من منافعها".وأضاف رشاد، في إفادة لوكالة الأناضول "لا شك أن هذه الضريبة ستضعف من تنافسية بورصة مصر، خاصة وأن الأسواق المشابهة، لا تفرض أية ضرائب على البورصة".

ووفقا لدراسة أعدتها الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، تطبق الهند، والبرازيل، وجنوب إفريقيا، ورومانيا، واندونيسيا، وإسرائيل، واليابان، واستراليا، ضريبة مماثلة للمقرر تطبيقها في البورصة المصرية، بينما لا تطبق باقي بورصات العالم، والتي يتجاوز عددها مائتي بورصة تلك الآلية، بهدف تشجيع المستثمرين المحليين، وجذب الاستثمارات الأجنبية.

وقالت الجمعية أن غالبية الأسواق الناشئة، تعفي المتعاملين في بورصاتها من الضرائب، بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية، كما تتجه العديد من الدول لفرض الضرائب، علي الاستثمارات قصيرة الأجل (اقل من سنة ) لتقليل آثار الأموال الساخنة والمضاربات، وليس على الاستثمارات طويلة الأجل، كما تنوي الحكومة المصرية فعله.وخلال جلسة تداول اليوم الأحد ، علقت بورصة مصر التداولات لمدة نصف ساعة، وذلك بعد تراجع المؤشر الأوسع نطاقا  "EGX100" بنسبة جاوزت 5% ، وفقا للإجراءات الاحترازية المطبقة بعد ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، فيما أوقفت إدارة البورصة التعامل على 124 سهما، لمدة نصف ساعة بسبب تجاوزها نسبة الهبوط البالغة 10%.