تمثل "البنكينا" أو "ميناء سوق الأسماك" بجزيرة جليانة أحد أهم معالم مدينة بنغازي، ويرجح أن كلمة "بنكينا" جاءت من كلمة "بانكا" الإيطالية بمعنى الضفة وحرفت مع الوقت حتى أصحبت "بنكينا"، واشتهرت "البنكينا" في بنغازي ببيع أجود أنواع الأسماك في كل عام مما تجود به السواحل الليبية التي تعد أطول سواحل البحر المتوسط، غير أن موسم "البنكينا" هذا العام يختلف في خصوصيته عن سابق المواسم بسبب الأوضاع الأمنية المتوترة التي تشهدها بنغازي.

ويقول محمد سلامة، أحد أقدم بائعي الأسماك في "البنكينا" لـ "بوابة أفريقيا الإخبارية"، إن معدلات حركة الزبائن والمشترين تقلصت بشكل ملحوظ في هذا الموسم على عكس المواسم الماضية، حيث تسود حالة من الركود والكساد في السوق بسبب التوتر الأمني الذي تعيش على وقعه المدينة، فبمجرد وقوع قصف أو اشتباكات في بعض المناطق أو الأحياء ينعكس الأمر بشكل مباشر على حركة السوق حتى يكاد يخلو من الزبائن رغم بعده عن تلك المناطق.

كما أثر التوتر الأمني في بنغازي على مواعيد فتح وإغلاق السوق للزبائن كل يوم حسب قول سلامة، فبعد أن كانت "البنكينا" تفتح في ساعات الصباح الأولى وتعج بالزبائن طيلة النهار حتى أذان المغرب؛ أصبحت الآن مضطرة إلى إغلاق أبوابها باكرا بسبب تناقص عدد الزبائن وعدم ارتيادهم لها في المساء خوفا من المخاطر الأمنية التي عادة ما تزداد في الفترة المسائية.

من جهة أخرى يقول الحاج عبد الله الفيتوري، الذي أمضى عمره في صيد الأسماك، إن العمالة الوافدة التي تعمل في "البنكينا" أصبحت تغادر بنغازي وتترك البلاد عموما من أجل الحفاظ على سلامتها من المخاطر الأمنية، في ظل زيادة الإجراءات والتعقيدات الإدارية التي تحد من جلب عمالة جديدة، مما انعكس سلبا على حركة السوق وقلل بشكل خاص من حركة مراكب الصيد "الجرّافات"، لتقل معها كميات صيد الأسماك الواردة للسوق وتسبب في زيادة الأسعار.

ويتمنى الحاج عبد الله وكثير ممن يعتاشون على بيع الأسماك في "البنكينا" أن تتوقف الاشتباكات والقصف وعمليات التفجير والاغتيال والخطف ويركن المتقاتلون إلى الحوار ونبذ الاحتكام إلى السلاح، حتى تستقر الأوضاع الأمنية في بنغازي وليبيا عموما ويعود "للبنكينا" ولبنغازي بريقها الذي طالما تميزت به.

وتعيش مدينة بنغازي منذ منتصف مايو الماضي على وقع الاشتباكات المسلحة والقصف بين قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر وعدد من الكتائب المسلحة بالمدينة، كما تتواصل فيها عمليات الاغتيال والخطف لعدد من القيادات العسكرية والأمنية، لم يكن أئمة المساجد والنشطاء والصحفيين وحتى المدنيين استثناء منها.