تعاني ليبيا منذ سنوات من الإنقسامات السياسية والاضطرابات الأمنية، التي أدخلت البلاد فى دائرة مفرغة الفوضى وكرّست لانتشار الصراعات والحروب المتواصلة.ودفعت البلاد ثمن العنف الذى إستشرى فيها وحصد أرواح العديد من المدنيين،سقطوا ضحايا السنوات الماضية بعضهم سقط ضحية انفجار مفخخة أو مخلفات الحرب، واخرين كانو ضحية لنيران الإشتباكات المتواصلة.

إلى ذلك،دعت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، منظمات المجتمع المدني وضحايا انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في عموم البلاد إلى التواصل مع البعثة الدولية لتقصي الحقائق في ليبيا، وتقديم البلاغات إليها في الانتهاكات التي وقعت في ليبيا وارتكبتها أي من الأطراف في ليبيا، حكومية أو غير حكومية، منذ الأول من يناير 2016 إلى تاريخ اليوم، وذلك للتحقيق في هذه الانتهاكات وتوثيقها من أجل المحاسبة وإنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب في ليبيا.

وبحسب بيان أصدرته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان،السبت، أعدت اللجنة نماذج بلاغات باللغة العربية، عن الانتهاكات المختلفة، مقتبسة من النماذج المعتمدة لدى الآليات الخاصة لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، داعية المتضررين لكتابة التقارير باللغة العربية ، حيث لدى اللجنة مترجمون  للمطالبة بالتحقيق وعقد المقابلات معهم، إلى جانب تقديم البلاغات والتراسل مع بعثة تقصي الحقائق.

وتحدث تصعيدات دورية للنزاع عندما تتنافس الجماعات المسلحة على النفوذ والسيطرة على الأرض، الأمر الذي يعرض حياة المدنيين لخطر كبيروتشمل المخاطر التي يتعرض لها المدنيون الوقوع وسط تبادل إطلاق النار، والهجمات المستهدفة، ومخلفات الحرب من المتفجرات،علاوة على الإختطاف والإعتقال التعسفي والإغتيالات.

وشهد العام 2020،سقوط عدد كبير من الضحايا جراء الصراعات المحتدمة في ليبياوأعلنت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا،في وقت سابق سقوط 416 قتيلاً  خلال العام 2020 إثر العمليات العسكرية والرصاص والقذائف العشوائية والألغام ومخلفات الحرب في البلاد.

وأشارت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا في بيان لها أنه من بين القتلى  114جثه مجهولة الهوية و89 جيثة عثر عليها بالمقابر الجماعية وأكدت اللجنة تسجيل 105 ، حالة اختطاف واخفاء قسري طالت صحفيين وأطباء ونشطاء مجتمع مدني وحقوقيين وأعضاء هيئة قضائية.بالإضافة إلى سقوط 491 ، جريح ومصاب إثر العمليات العسكرية والرصاص العشوائي والألغام ومخلفات الحرب  وتسجيل 121، واقعة استهداف وأعتداء على منشآت ومرافق وأهداف مدنية.

وعلى وقع استمرار التعثر السياسي واستمرار التوتر العسكري الذي يهدد بعودة الصراع واجهاض الجهود المبذولة منذ أشهر للوصول الى تسوية تنهي سنوات الحرب،دعت مجموعة العمل الأمنية التابعة للأمم المتحدة جميع الأطراف للإسراع في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، ولا سيما فتح الطريق الساحلي بين أبو قرين وسرت، وكذلك الإعادة الفورية لجميع المقاتلين والمرتزقة الأجانب.

من جانبها، أشادت المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز، بجهود اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) والتقدم المحرز حتى الآن في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، بما في ذلك عمليات تبادل المحتجزين التي أجريت مؤخراً تحت إشراف اللجنة العسكرية المشتركة كجزء من تدابير أوسع لبناء الثقة؛ واستئناف الرحلات الجوية إلى جميع أنحاء ليبيا؛ والاستئناف الكامل لإنتاج وتصدير النفط؛ فضلاً عن التوحيد المقترح لحرس المنشآت النفطية وإعادة هيكلته.

وأشارت المبعوثة الأممية إلى أن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن في 30 ديسمبر/كانون الأول 2020، اقترح فيه ترتيبات دعم وقف إطلاق النار من خلال إنشاء وحدة مراقبة كجزء من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.وشدد تقرير الأمين العام بحسب البعثة الأمميةعلى أن "تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار يجب أن يكون عملية يقودها الليبيون ويملكون زمامها وأن تكون مكملة للجهود المتواصلة التي تبذلها اللجنة العسكرية المشتركة الليبية (5+5) في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

وتوقعت بعثة الأمم المتحدة، إرسال عدد محدود من المراقبين الدوليين إلى ليبيا، للانضمام للمراقبين التابعين للجنة العسكرية المشتركة (5+5). وأكدت البعثة في بيان صادر عنها السبت،أن المراقبين الدوليين سيكونون محايدين وغير مسلحين، وبالزي المدني، مجددة دعمها الكامل للجنة العسكرية المشتركة ووقف إطلاق النار.

وكان اللواء أحمد المسماري المتحدث باسم الجيش الليبي قال إن الأمم المتحدة ستنشر مراقبين دوليين لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار.وأوضح المسماري، أن القوة التابعة للأمم المتحدة في سرت لمراقبة وقف إطلاق النار مكونة من مدنيين وعسكريين متقاعدين وليست قوة عسكرية، مشيرًا إلى أن إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا يحتاج إلى إرادة حقيقية من المجتمع الدولي.

وشرعت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5)، مؤخرا، في تنفيذ قرارتها ضمن مخرجات اتفاق وقف إطلاق النار، حيث نفذت عمليات تبادل للأسرى.ويفترض وفقا لمخرجات اجتماع اللجنة العسكرية في سرت، واتفاق وقف إطلاق النار الموقع بجنيف في 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن يتم إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب وسحبهم من خطوط التماس.

لكن تعنت المليشيات وتركيا مازال يهدد جهود السلام في ليبيا،حيث تواصل أنقرة تحركاتها لتأجيج الصراع في البلاد عبر الاستمرار في التدخل في الشأن الليبيونقلت أنقرة أكثر من 20 ألف مرتزق سوري إلى ليبيا، إضافة إلى نحو 10 آلاف متطرف من جنسيات أخرى، وفق بيانات المرصد السوري لحقوق الإنسان كما تتواصل عمليات ارسال شحنات السلاح من اسطنبول الى طرابلس.

وعلاوة على مخاطر الحروب،يعاني المدنيون في ليبيا من تردي الأوضاع المعيشية،في ظل تهاوى الخدمات الصحية العامة،وأزمة انقطاع الكهرباء لساعات طويلة،ومأزق السيولة النقدية،وغلاء المعيشة وارتفاع أسعار العملات الصعبة وتوقف المصارف عن العمل كما أدى إستنزاف النفط الليبي من طرف مافيا التهريب والجماعات المسلحة،إلى خسائر كبيرة ساهمت فى تردى الأوضاع الإقتصادية في بلد تمثل العائدات النفطية العماد الرئيسي للاقتصاد.

كما بلغت معدلات الفقر، بحسب التقديرات، إلى 45 في المائة ، علماً أن عدد سكان ليبيا، وهم ستة ملايين مواطن،ونزح 130 ألف مواطن.وقد شهد العامة 2020 خروج مظاهرات شعبية ،في عدة مدن ليبية ،احتجاجا على سوء الأوضاع المعيشية وانشار الفساد والتردي الأمني الذي غذته سنوات من الانقسامات وغياب سلطة الدولة.

ولا يزال المدنيون في ليبيا يعانون من الصراع، وعدم الاستقرار، والانقسام السياسي، والانهيار الاقتصادي،وهم يعيشون في ظروف غير آمنة، وبيئات معادية شديدة الخطورة، ولا يحصلون سوى على القليل من الرعاية الصحية، أو الأدوية الأساسية،أوالغذاء، أو مياه الشرب الآمنة، أو المأوى، أو التعليمويواجه غير الليبيين وخاصةً النساء ظروفًا قاتمة وانتهاكات واسعة النطاق.بحسب تأكيد الأمم المتحدة.

وتتواصل في ليبيا المساعي على الصعيد السياسي لتجاوز حالة الجمود وانهاء الانقسامات بين الفرقاء،ويأمل الليبيون أن أن تنجح المساعي الأممية والدولية في انهاء معاناة استمرت طيلة سنوات جراء التدخل الغربي في العام 2011 الذي نقل ليبيا من حالة الاستقرار والأمن الى حالة الفوضى والانهيار التام.