أشعل محمد البوعزيزي النار في جسده فألهب ثورة وثورات ما عرف لاحقا بـ"الربيع العربي"، وتحولت مدينة سيدي بوزيد التونسية ( وسط) الى عاصمة الثورة وتحول هو الى أيقونتها..واليوم، وتونس مقبلة على انتخاب أول برلمان بعد الثورة، فقد وُظف اسم البوعزيزي في سباق الانتخابات التشريعية التونسية بشكل كبير واتخذت قائمات مترشحة من تاريخ استشهاده  (17 ديسمبر/كانون أول 2010 ) تاريخا للثورة بدلا من تاريخ الإطاحة بالرئيس السابق في 14 يناير/ كانون ثاني 2011.

 في ساحة البوعزيزي، حيث انتصب تمثال عربة البوعزيزي وسميّت الساحة باسمهـ أقيمت خيمة بمكبرات صوت وبعض المطويات ، لم تكن الخيمة لتدل الا على أن الحزب ذو إمكانيات متواضعة بعد الاطلاع على مطوياته التي يوزعها على المواطنين.وفي هذا الاجتماع الانتخابي، لم يقدم القائمون عليه للحضور الأمين العام لحزب'' حركة 17 ديسمبر للكرامة والحرية'' الا بكونه من العائلة الموسعة للبوعزيزي ومؤلف كتاب "وصية البوعزيزي" واختار لقائمته اسم "غزة" اختيارا قال للأناضول عنه: "لعلنا نمتلك شيئا من صمود أهل غزة في سبيل تحقيق أهداف الثورة''.

أما عائلة البوعزيزي الموسعة  فلم تقتصر على قائمة حيث ضمت قائمات بعضا من أفرادها مثل "حزب التحالف الديمقراطي" و"حركة الشعب" فيما ترأست شقيقته "سكينة البوعزيزي" قائمة حزب "الأمان".محمد البراهمي الذي مثل سيدي بوزيد عن حزب حركة الشعب ( قبل ان يستقيل منها) في المجلس واغتيل في 25 يوليو/تموز 2013، ضحية لإرهاب، مثل الرمز الغائب الحاضر  حيث قدمت الجبهة الشعبيته (يسار)  أرملته مباركة عواينية على رأس قائمتها عن دائرة سيدي بوزيد فيما اختار شقيقه السعدي ابراهيمي الترشح على رأس قائمة ائتلافية للمنافسة.وأمس الجمعة، اليوم الأخير للحملة الانتخابية كانت جل المكاتب الحزبية مغلقة، ولا وجود في الشارع الرئيسي للمدينة لمعلقات إشهارية ولتجمعات.. وحده حزب المؤتمر من اجل الجمهورية كان السبّاق مبكرا في التحضير لاختتام حملته الانتخابية يؤطر ويجمع بعض أنصاره لإقامة اجتماع عام يحضره الأمين العام للحزب  عماد الدايمي.

اختيار  قال عنه عضو مكتب الحزب ومسؤول عن الحملة الانتخابية البخاري الهاني للأناضول  "إن الحزب يقدم نفسه على انه ضمير الثورة لذلك اختار منطقة سيدي بوزيد لرمزيتها فقد افتتح الحزب حملته الانتخابية وطنيا بمدينة سيدي بوزيد، شرارة الثورة الأولى و قرر اختتام الحملة الانتخابية باجتماع عام مع مسيرة بمدينة الرقاب التي قدمت أكثر عدد شهداء الثورة بمحافظة سيدي بوزيد أيام الثورة ".

 وأضاف" لقد اعتمدنا على شباب ثورة 17 ديسمبر،  الشباب الذي شارك في الثورة فعليا للاتصال بالناس مباشرة ودعوتهم للانتخاب وتحذيرهم خاصة من إمكانية عودة المنظومة القديمة".

 حزب حركة النهضة الذي اختار اليوم الأخير فيما يبدو استعراضا لتبيان شعبيته وحضوره ولفت الأنظار، قرر القيام بجولة بالسيارات حيث جابت  عشرات السيارات ترفع أعلام الحركة ومكبرات صوت تردد بعض الشعارات وأناشيد الحركة الاستعراض الذي لا يبدو انه يروق للجميع بدا في نظر البعض استعراضا "للعضلات انتخابيا" لن يؤثر على الناس بينما قال محمد خير الدين عمايرة عضو بقائمة حركة النهضة للأناضول  " إن الحركة نوعت من وسائل الدعاية خلال الحملة الانتخابية وإنها اختارت أساليب متنوعة منها الاتصال بالناس من خلال طرق الأبواب ومناقشة الأهالي وتنظيم الاجتماعات العامة  والمقاهي السياسية لتبادل الآراء ".

 من الأحزاب التي نشطت في اليوم الأخير للحملة الانتخابية حزب الاتحاد الوطني الحر  (ليبرالي) الذي اختار أن ينظم يوما تكوينيا لمجموعة الملاحظين الذين سيمثلون الحزب يوم الاقتراع فيما قال الهادي الحمدوني المكلف بالإعلام والحملة الانتخابية للأناضول  إن ''الحزب سيخصص النصف الثاني من اليوم للاتصال بالمواطنين لمزيد التوعية والدعاية ''. الهدوء ميّز حملة التحالف الديمقراطي (وسط)  الحزب الذي وفقا لما صرحت به سعاد البوعزيزي عضوة القائمة الانتخابية للأناضول '' اعتمد التواصل المباشر مع الناس دون الإغراق في الاستعراض معولين على صورة ايجابية لأمينه العام  محمد الحامدي ترجمته خيمة وسط المدينة تعرف بالحزب وبرنامجه باعتماد الحوار''.

وبقي الحزب الغائب عن الشارع يوم أمس حزب نداء تونس، وفسر دلك شهاب القايدي،  عضو الحزب، للأناضول ''الحزب اختتم الحملة الانتخابية يوم الخميس بينما خير يوم الجمعة الاقتصار على بعض الترتيبات والأمور التنظيمية وهو ما فسر خلو المكتب من الأنصار وحتى غياب برنامج جهوي للحزب".الدعاية الانتخابية في مدينة سيدي بوزيد جرت في جو ميزه عزوف واضح من الناخبين أكدته جملة مسؤولي الأحزاب الدين تحدثوا مع مراسل الأناضول  كما تجلى في تعليقات المواطنين الأقرب للسخرية وتمزيق المعلقات الحزبية والعبارة الشائعة: "الكل يبحث عن الكرسي  لا شيء غير ذلك"، وهو عزوف  يفسره الوضع التنموي المتردي واستفحال المشاكل التي تعانيها سيدي بوزيد.

ولا تخفي سعاد المنصوري، عضوة التحالف الديمقراطي في تصريح للأناضول  خشيتها من انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات في ضوء ذلك، "مما سيسمح للعامل العائلي والعروشية والقبلية في تحديد النتائج لا البرامج والاختيار الواعي''.لكن الثقة في الانتخابات تبدو أكثر وضوحا عند "أحمد بوزيدي" (عامل) الذي قال  للأناضول " أنا متفائل أن البلاد تسير نحو الهدوء ولكن تفاؤلي حذر لان شيوخ السياسة حولوا مطالبنا في الثورة إلى صراعات إيديولوجية استجلبوها من حقبة الثمانينات"، لهذا قرر البوزيدي ان يتوجه كما يقول للاحزاب الشابة التي يتقدمها شبان وهم حسب رأيه الوحيدون القادرون على المضي  بالبلاد نحو بر الأمان".أيا كانت الرؤى، تبقى سيدي بوزيد، رغم كونها مهد الثورات العربية، لا تزال تبحث عن جزء مما حلم به شبابها واحرق البوعزيزي جسده من اجله.