بدأت الحرب على طرابلس منذ الخامس من أبريل الماضي ولازالت قائمة إلى هذه اللحظة وأدت إلى خسائر مادية و كارثية في العديد من القطاعات.

تحتضن طرابلس أكبر مؤسستين تحركان عجلة الاقتصاد الليبي الريعي المعتمد على النفط، وهما المؤسسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي، إضافة إلى أكبر مؤسسة استثمارية وهي المؤسسة الليبية للاستثمار النفطي لذلك تعتبر طرابلس عصب الإقتصاد الليبي بالتالي فإن الأحداث الأخيرة في طرابلس أثرت بشكل مباشر في المؤشرات الإقتصادية.

وتعتمد طرابلس في معظم دخلها على إنتاج النفط و الغاز و قروض بدون فوائد من البنوك المحلية إلى المصرف المركزي بالإضافة إلى رسوم نسبتها 183% على تحويلات العملة الأجنبية بالأسعار الرسمية.

في ظل تراجع شديد في جباية الضرائب مركزيا، تراكم الدين العام ليصل إلى 68 مليار دينارفي الغرب و يشمل ذلك التزامات لم تسددها الدولة مثل التأمينات الاجتماعية.

وفقًا لبيانات من صندوق النقد الدولي تبلغ نسبة دين الحكومة إلى الناتج المحلي الإجمالي 143%، هو ما يجعلها إحدى أكثر الحكومات المدينة في العالم وفقا لذلك المقياس.

من جانب آخر، تأثر الوضع المعيشي للمواطنين بشكل كبير، و تتزايد المخاوف من أزمة إنسانية نتيجة استمرار النزوح من مناطق الاشتباكات وسط غياب الأرقام الدقيقة حول الأعداد.

في نفس الإطار،قال وزير الاقتصاد علي عبد العزيز العيساوي لرويترز:" إنّ الحكومة الليبية  جهّزت ما يصل إلى ملياري دينار (1.43 مليار دولارلتغطية تكاليف طارئة  للسيطرة على العاصمة، مثل علاج المصابين، بدون اقتراض جديد".

وطرحت السلطات في شرق ليبيا سندات قيمتهما 35 مليار دينار خارج النظام المالي الرسمي لأن المصرف المركزي الليبي في طرابلس لا يمول الحكومة الموازية هناك باستثناء بعض الرواتب.

ولا تزال حكومة طرابلس، على الرغم من نطاق سيطرتها المحدود، تدير ميزانية سنوية تبلغ حوالي 46.8 مليار دينار توجه بالأساس للرواتب ودعم الوقود.

في ذات الصددـ،يرى مراقبون أن انتشار الفوضى وغياب القانون في البلاد إلى التوقف عن انشاء أي مشروعات كبرى للبنية التحتية إثر أجداث 2011 التي دفعت لإسقاط نظام العقيد معمر القذافي وهو ما يجعل المدارس والمستشفيات والطرق في حاجة ماسة للإصلاح والترميم.

على الرغم من حالة الإستقرار الجزئية التي يعيشها الاقتصاد الليبي بسبب تواصل انتاج النفط وتصديره، فبالتأكيد الحرب الدائرة في العاصمة ذات آثار سلبية على بلد ذي نظام مركزي إذ تتمركز المؤسسات والإدارات والشركات الفاعلة في العاصمة طرابلسوهذا ما أثر سلباً في النشاط الاقتصادي والخدميفقد أسهم في تأخر صرف رواتب المواطنين خارج العاصمة التي يصرف معظمها من طرابلس.

إلا أن الإشكال الحقيقي يتمثل تأثير الأزمة الليبية على أسعار النفط الدولية وهو موضوع صار حديث الساعة في الصحف الدولية، خاصة مع وجود مشاكل في فنزويلا ونيجيريا والجزائر، وأن الرئيس ترامب في اتصاله مع حفتر أكد على قضية حماية المنشآت النفطية، وقال مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، إن تجدد القتال في البلاد "قد يقضيعلى إنتاج البلاد من الخام.

وذكر صنع الله، خلال لقائه بالسراج، إن عمليات تصدير النفط والغاز تواجه أكبر تهديد لها منذ العام 2011. ويمكن فهم هذه التوازنات عبر نموذج الحرب الأهلية فإن الصراع بين الطرفين قد يؤدي في النهاية إلى إنهاك لكافة القوى ومواردها الاقتصادية، وأي صراع في المنشآت النفطية قد يجبر القوى الدولية على العمل على إيجاد حل حقيقي لن يخرج عن دعم الطرف الأقوى عسكريا على الميدان لتسريع حسم الأمور في ظل فشل كل المبادرات السياسية المطروحة.