تعتبر السياسات المالية و النقدية من أهم أدوات السياسة الاقتصادية و ذلك لدورها في ضبط أوضاع المالية العامة و المحافظة على الاستقرار النقدي و تحقيق معدلات مُرضية من النمو الاقتصادي.يتفق كل المتابعين للملف الاقتصادي الليبي أن  يكمن في السياسة المالية و العجز يظهر جليا   في السياسة النقدية مهما أدى  إلى قرب إنهيار الاقتصاد الليبي.
إلا أنه تبقى المعضلة الأساسية تبقى في طرح حلول واقعية و ناجعة بعيدا عن العناوين الكبرى الفضفاضة.حيث يختزل النقص الحاد في السيولة النقدية جبل الأزمات والتحدّيات الكبيرة التي يواجهها الاقتصاد الليبي في ظل تراجع عوائد البلاد النفطية رغم الإجراءات التي يقوم بها مصرف ليبيا المركزي للحيلولة دون استفحال الأزمة في النظام المصرفي.وتظهر المؤشرات الاقتصادية أن ليبيا مقبلة على أزمة مالية حادّة بسبب الخلافات السياسية والأمنية القائمة، وهو ما انعكس على سعر صرف الدينار الذي فقد أكثر من نصف قيمته في السنوات الأخيرة لأسباب عديدة فاقمها تراجع عائدات صادرات النفط.وأثّرت عوامل كثيرة بشكل مباشر على كافة مناحي حياة الليبيين، بدءا بشح المعروض من السلع الاستهلاكية الضرورية وارتفاع أسعارها الجنوني في الأسواق وفقدانها أحيانا، وصولا إلى صعوبة الحصول على مرتب شهر واحد من البنوك التي تشكو من أزمة آخذة في الاتساع يوميا.
وتحدث البنك الدولي مرارا عن تراجع هائل في القدرة الشرائية للمواطنين مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية وكان آخرها الخبز، ما أدى إلى ارتفاع التضخم إلى مستوى تاريخي بلغ 30 بالمئة.ومع المضاربة والقيود المفروضة على صرف العملة، دخل الاقتصاد الليبي حلقة مفرغة ونشطت السوق الموازية التي لجأ إليها الليبيون لعقد صفقاتهم التجارية تقريبا بعد أن فقدوا ثقتهم في المصارف.

وتفاقمت مخاوف الليبيين من انحدار بلدهم نحو أزمة غذائية ومالية أكبر مما عليه الآن، بسبب التوترات الأمنية والسياسية والصراعات المسلحة بين الميليشيات في الشرق والغرب، والتي كانت بيئة ملائمة لازدهار السوق السوداء والتهريب لتأتي في نهاية المطاف على ما تبقى من اقتصاد البلاد المنهك.فضلا عن سيطرة مناخ الفوضى على المشهد العام حيث قال عضو مجلس النواب محمد العباني  إن نهب الأموال الليبية يعد جريمة فساد مالي ومن الواجب على الحكومة البلجيكية التدخل الفوري عبر المنظومة القضائية وإن لم تبادر فعلى مجلس الأمن أن يتدخل ويلزمها باعتبارها قد خرقت قرار الحظر.العباني أوضح في تصريح خاص لموقع العين الإخبارية أنه على المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة إبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة وطلب وقف الاختراق فورا مع متابعة التحقيق وإرجاع الحال لما كان عليه وإدانة الدول المتورطة في خرق القرار الأممي مع مطالبة حق ليبيا في التعويض.
وأشار عضو مجلس النواب إلى أن الصراع في ليبيا ليس عقائديا أو مذهبيا أو حزبيا أو اختلافا على آلية الحكم بل هو صراع على المال والاستيلاء عليه من قبل العصابات المسلحة التي استولت على الكثير منه باستقوائها بالسلاح وإدخال اقتصاد البلاد في نفق مظلم سيؤدي إلى انهيار الاقتصاد والإفلاس المالي في حالة استمراره.في ظل كل هذه الدوامة من المشاكل التي تمس من إستقرار المواطن الليبي و تهدد أساسيات عيشه يدعو الخبير الإقتصادي سليمان الشحومي إلى تشكيل فريق اقتصادي لإدارة الأزمة الاقتصادية، والتنسيق بين الأطراف الفاعلة اقتصاديًا.وفي تدوينة عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، استشهد الشحومي بقرار مصلحة الجمارك بخصوص التوريد بموجب آليات الدفع المعتمدة من البنك المركزي.واعتبر أن هذا القرار «قد يدفع بمزيد من تخفيض سعر السوق الموازية للدولار بسبب تدني مستوي الطلب على النقد الأجنبي الحر»، لكنه قال "إن القرار يعيق عمل صغار التجار والذين لا يعتمدون على مصدر ثابت للتوريد، وقد لا تطبقه بعض المنافذ الجمركية في بعض المدن بسبب الانقسام المستمر".
وأردف بالقول "كان من الأفضل أن يتم فرض رسوم جمركية على السلع غير الموردة بموجب آليات الدفع المحددة لتحويل العملة من البنك المركزي حتى يترك مساحة لصغار التجار، ويحدد سقف لقيمة السلع الممكن توريدها دون تحويل بنكي»، مضيفًا «ربما كان من الأفضل التنسيق مع المصرف المركزي لإيجاد آلية محددة لصغار التجار عبر الحوالات المباشرة".
وانتقد الشحومي "التخبط المستمر في أداء الحكومة ووزاراتها، وخصوصًا قيام كل جهة بالتدخل سواء من رئاسة الحكومة أو وزارة الاقتصاد أو وزارة المالية والجهات التابعة لها، والمصرف المركزي يدعونا للتفكير في ضرورة وجود فريق لإدارة الأزمة الاقتصادية بالبلاد والتنسيق في جميع الخطوات والقرارات والإجراءات التي تهم الاقتصاد الوطني".