امتدت نيران الإحتجاجات التي اندلعت منذ ليلة الخميس، في بعض المدن التونسية إلى مدن أخرى كسليانة ونابل وسوسة والقصرين والقيروان وبنزرت والمنستير، والضواحي الشعبية بالعاصمة تونس من الكرم إلى السيجومي وسيدي حسين والملاسين وحي الإنطلاقة أكبر الأحياء في العاصمة وأشدها فقرا،رغم حظر التجول والحجر الصحي الشامل.
لليوم الثالث على التوالي، و في خرق لحظر التجول الذي فرضته السلطات التونسية على خلفية الوضع الوبائي "الخطير، تشهد العديد من المدن والأحياء التونسية عمليات كر وفر بين قوات الأمن وعدد من المحتجين،الذين عمدوا إلى إشعال العجلات المطاطية ورشق الوحدات الأمنية بالحجارة ، مما أدى إلى دعم التشكيلات الأمنية الكثيفة بتعزيزات هامة ومدرعات كبيرة وذلك لفرض النظام العام.

مواجهات عنيفة تطورت إلى اعتداءات على المقرات الأمنية والمحلات التجارية ما دفع عناصر الأمن إلى الإستعمال المكثف للغاز المسيل للدموع ، يقول شاهد عيان أن الغاز تسبب في اختناق السكان في منطقة حي التضامن حيث استعمله الأمنيون لتفريق المحتجين الذين هاجموا مقر الشرطة واقتحموا مغازة كبرى في المكان. وقد تم احتجاز عدد من المحتجين بمختلف المناطق وفق وسائل الإعلام المحلية.
صفع راعي سليانة..هل هو سيناريو البوعزيزي من جديد؟
اتسعت دائرة الاحتجاجات في مدينة سليانة شمالي تونس بعد تعرض راعي أغنام للاعتداء،يوم الخميس، بعد أن قام عون الشرطة البلدية بصفعه على خلفية مرور أغنامه من أمام مقر الولاية، وقد تم تداول فيديو يوثق الحادثة ما زاد من تأجيج الإحتجاجات في ولايات ومناطق أخرى من البلاد.
سيناريو يعيد نفسه، فمنذ عشر سنوات في 17 ديسمبر 2010،قامت عون بلدية بصفع البائع المتجول محمد البوعزيزي بسيدي بوزيد التونسية لتندلع بعد ذلك الإحتجاجات في كافة الولايات تمهيدا لثورة 14 جانفي التي تسببت في خلع رئيس تونس السابق زين العابدين بن علي ودخول البلاد في منعرجات جديدة "لا يبدو أنها أفضل من سابقتها" خاصة بعد تدهور الوضع الاقتصادي و الاجتماعي والفشل السياسي المتلاحق بالبلاد. ورغم أن الشرطي الذي اعتدى على راغي الأغنام تم نقله من موقعه كإجراء تأديبي مع التعهد بتتبعه عدليا وإداريا، إلا أن الإحتجاجات متواصلة.

تجدر الإشارة إلى أن تونس تعيش وضعا وبائيا حرجا حيث سجلت أمس أعلى حصيلة إصابات منذ بدء انتشار الجائحة بتسجيل 4170 إصابة خلال24 ساعة، بينما سجلت اليوم أعلى حصيلة وفيات بلغت 88 حالة وفاة في يوم واحد. ويبلغ العدد الجملي للإصابات حسب آخر الإحصائيات 177.231 إصابة مؤكدة أما الوفيات فقد بلغت 5616 حالة وفاة، لتحتل تونس الأولى بذلك المرتبة الأولى عربيا وإفريقيا من حيث عدد الوفيات مقارنة بعدد السكان، ما دفع السلطات إلى فرض حجر صحي شامل لمدة 4 أيام وحظر تجول من الرابعة مساء إلى السادسة صباحا.إضافة إلى ذلك تعيش تونس عجزا إقتصاديا حد إعلان بعض المحللين المحليين والدوليين عن إفلاسها إضافة إلى الوضع الاجتماعي الذي بلغ أدنى مستوياتها بانخفاض دخل الفرد وتزعزع الطبقات الاجتماعية ونزول بعضها إلى ما دون حد الفقر.

كما تعيش البلاد وضعا سياسيا غير مستقر مع تعاقب الحكومات،14 حكومة منذ 14 يناير 2011، وحتى حكومة المشيشي الجديدة التي لم يمر على تعينها 100 يوم قامت اليوم السبت، بتعديل وزاري لـ12 حقيبة وزارية. و في غضون ذلك تستعد البلاد لخوض حوار وطني باقتراح من الإتحاد العام التونسي للشغل وبمشاركة واسعة للأحزاب والمجتمع المدني رغم الخلافات والمناوشات التي تطغى على المشهد السياسي التونسي عموما.