سيطر الهاجس الأمني وانطلاق الحملات الانتخابية على أجواء عيد الأضحى في تونس، فيما اقتصرت إجازة العيد على يومين فقط هما في الأصل إجازة الأسبوع في تونس التي تعتمد النظام الأوروبي في ترتيبات أسبوع العمل وتمنح موظفيها العموميين يومي السبت والأحد كإجازة آخر الأسبوع، بما جعل الحكومة لا تخسر أي يوم عمل، مقرّة عودة الموظفين والعمال والطلاب إلى نشاطهم الاعتيادي اليوم الاثنين.

وانطلقت حملة الانتخابات البرلمانية أول من أمس أول أيام عيد الأضحى المبارك لتستمر 21 يوماً في الداخل والخارج الذي انطلقت فيه الحملة الانتخابية الخميس الماضي، على أن تنتظم الانتخابات 26 اكتوبر الجاري، فيما يبلغ عدد القوائم المترشّحة وفق أرقام الهيئة العليا المستقلّة 1327 قائمة حزبية وائتلافية ومستقلّة موزعة على 33 دائرة انتخابية منها 27 دائرة داخل البلاد و06 دوائر في الخارج.

ومن المرتقب أن تفرز تشريعية 2014 أول مؤسّسة من مؤسّسات الجمهورية الدائمة بعد «ثورة الياسمين» بانتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب الذي سيضم 217 عضواً. وتمثل المؤسّسة البرلمانية، في ضوء مقتضيات دستور 27 يناير 2014 الركن الأساسي في النظام السياسي الجديد، باعتبار أنّ الحكومة الموكول إليها ضبط التوجّهات العامة لسياسة الدولة في مختلف الميادين ستنبثق عن هذا المجلس.

سباق محموم

وينتظر وفقاً لحجم الرهان الذي يمثّله الاستحقاق التشريعي أن يعيش التونسيون على مدى الأسابيع الثلاثة المقبلة على وقع تنافس القوائم بألوانها ومرجعياتها المتعدّدة وصراع البرامج والمشاريع، ووقع احتداد التجاذبات الحزبية والسياسية، لا سيّما في ظل تراكمات السنوات الثلاث التي أعقبت الثورة وما شهدته من تحوّلات وهزات.

وتخضع الحملة الانتخابية إلى عدد من المبادئ والضوابط حدٌدها القانون الأساسي للانتخابات والاستفتاء، في مقدٌمتها حياد الإدارة وأماكن العبادة والمؤسّسات التربوية، وذلك بالخصوص من خلال تقييد الدعاية الانتخابية في هذه الفضاءات، وكذلك كل دعاية تتضمّن الدعوة إلى الكراهية والعنف والتعصٌب والتمييز، والتأكيد على عدم المساس بحرمة الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية للمرشّحين.

زيارات مسؤولين

وكان الهاجس الأمني من سمات أجواء عيد الأضحى في تونس، إذ ألغت وزارة الداخلية إجازات رجال الأمن لتلافي أي مخاطر تهدّد الأمن العام بعد حديث وزير الداخلية لطفي بن جدو عن وجود تهديدات إرهابية جدّية، في الأثناء زار منصف المرزوقي بمناسبة العيد ثكنة الجيش الوطني بمسجد عيسى بولاية المنستير، حيث عبّر عن سعادته باستجابة جيش الاحتياط التونسي لنداء الواجب والمساهمة في حماية العملية الانتخابية المقبلة وحماية البلاد من جميع المخاطر الارهابية. وأكّد المرزوقي أنّ «الحكومة ستسعى لإعادة تسليح الجيش ومدّه بأحدث المعدات من أجل مكافحة جميع المخاطر التي تهدّد البلاد.

في السياق، زار رئيس الحكومة المؤقتة مهدي جمعة مقر فرقة الحرس المروري بالمرناقية للطريق السيارة المرناقية وداي الزرقاء، حيث تعرّف لى سير عمل الفرقة في يوم عيد الأضحى، كما زار منطقة الأمن العمومي بباب بحر، وإدارة شرطة المرور بتونس العاصمة.

وحض رئيس الحكومة العاملين في الوحدات الأمنية على مزيد اليقظة لضمان السلامة المرورية وأمن التونسيين، وتحوّل إثر ذلك إلى قاعة العمليات التابعة للحماية المدنية بمنطقة البحيرة، إذ عاين مجالات تدخّل أعوان الحماية في عدد من ولايات البلاد على إثر الأمطار التي تهاطلت بغزارة منذ مساء الجمعة، مثمناً المجهودات التي يبذلونها من أجل إعادة فتح الطرقات وتقديم الإسعافات اللازمة للمواطنين.

حكم ائتلافي

في الأثناء، قال راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، إنّ «التوافق صار مبدأ وسياسة ضرورية في المرحلة القادمة»، لافتاً إلى أنّ «تونس بعد الانتخابات لا تزال تحتاج إلى حكم ائتلافي وطني يتكوّن من الثلاثة أو الأربعة أحزاب الأولى. وبشأن تحالفات النهضة بعد الانتخابات، أكّد الغنوشي، أنّ «الحركة لن تختار حلفاءها وإنّما صندوق الاقتراع هو الذي سيحدد طبيعة الحلفاء»، مضيفاً: «سنتحالف مع كل من تفرزه الانتخابات وهو مستعد أن يتحالف معنا».

ولم يستبعد الغنوشي التحالف مع الأحزاب المحسوبة على النظام السابق قائلاً: «كل الأحزاب التي تعمل تحت الدستور هي أحزاب وطنية ونحن اعترفنا، نحن منعنا عزل النظام السابق ومنعنا صدور قانون العزل السياسي».

دعوات تحقيق

دعت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب السلطات إلى فتح تحقيق قضائي بشأن وفاة سجينين خلال أقل من أسبوعين في ظروف غامضة وتحت وطأة التعذيب. ونقلت المنظمة عن عائلة السجين قبل وفاته تعرّضه للضرب المبرّح أثناء اعتقاله وظهور علامات تعذيب على جسمه خلال حضوره جلسة المحاكمة. ودعت المنظمة السلطات القضائية بفتح تحقيق عاجل وجدي للكشف عن مرتكبي الانتهاكات ومحاسبتهم قضائياً وكذلك الكشف عن مختلف التقارير الطبية المتعلقة بحالة الضحية منذ عرضه لأول مرة على الفحص الطبي.

 

البيان