جاءت القمة العربية رقم 31 في الجزائر،في وقت تعيش فيه المنطقة العربية تحديات كبيرة، في ظل الازمات السياسية،والاوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها دول المنطقة،وخاصة ليبيا التي استحوذ ملفها على مساحة كبيرة من مناقشات الزعماء العرب ومسؤولي الأمم المتحدة،كونها تمر بمرحلة دقيقة وصعبة مع استمرار الخلافات والانقسامات وتصاعد التوتر بين الأطراف المتنازعة ما ينذر بعودة الصراع المسلح.

أزمة ليبيا..أولوية

بدا واضحا أن الملف الليبي،سيكون أحد أبرز الملفات المطروحة في القمة العربية في الجزائر،هذا الأمر أكده،مندوب الجزائر الدائم لدى الجامعة العربية، عبد الحميد شبيرة،على هامش أشغال اجتماع وزراء الخارجية العرب،قبل ايام،أن الملف الليبي سيحظى باهتمام كبير، وتم إدراجه في جدول الأعمال، مؤكدا أن الجزائر لديها رؤية واضحة تجاه ليبيا للخروج من الأزمة.

سبق ذلك،الزيارة التي قام بها رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي الى الجزائر، تمهيدا لعقد الدورة ال31 للقمة العربية،حيث ناقش مع الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون،الأزمة الليبية وسبل الخروج منها،وأكد تبون خلال اللقاء،"أن الحل في ليبيا يمر حتما عبر الانتخابات ووفق ما يقرره الليبيون أنفسهم ودون تدخل من أي طرف".

وحضر الملف الليبي،في افتتاح القمة العربية في الجزائر، مساء الأربعاء،حيث شدد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، رئيس الدورة الحالية، ونظيره التونسي قيس سعيد، رئيس الدورة السابقة، على ضرورة أن يكون الحل ليبيا-ليبيا، عبر حوار وطني ومصالحة، تفضي لخارطة طريق تقود البلاد لانتخابات رئاسية وبرلمانية.

ليبيا في البيان الختامي

البيان الختامي لقمة الجزائر،في خصوص الأزمة الليبية،أكد على تضامن القادة العرب مع الشعب الليبي، ودعم الجهود الهادفة لإنهاء الأزمة الليبية، من خلال حل ليبي - ليبي يحفظ وحدة وسيادة ليبيا، ويحقق طموحات شعبها في الوصول لتنظيم الانتخابات، مجددا رفض التدخلات الخارجية بجميع أشكالها في الشؤون الداخلية للدول العربية.

وحضي اليبان بترحيب من قبل رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، عبد الحميد الدبيبة،الذي غرّد قائلا على حسابه الرسمي في "تويتر"، أن الانتخابات ستحقق الاستقرار السياسي الدائم فيليبيا، معلقاً بالقول "الآن أصبح موقف الأشقاء العرب أكثر تقارباً، وصوت الليبيين أكثر وصولاً"، مضيفاً "لا للتمديد، نعم للانتخابات".


وبدوره أشاد رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب، فتحي باشاغا،بتأكيد القمة على التضامن العربي مع الشعب الليبي، ودعم الحل الليبي "الذي يحفظ ليبيا ويحقق طموحات شعبها في الوصول إلى انتخابات برلمانية ورئاسية تضمن الاستقرار السياسي الدائم".كما أشاد باشاغا،في بيان له، بجهود جامعة الدول العربية الساعية إلى تحقيق السلام والاستقرار في ليبيا، وما تقوم به من دعم إيجابي في دعم مطالب الشعب الليبي في الاستقرار وإنهاء حالة الانقسام".

الانتخابات والمليشيات

بالرغم من الترحيب الليبي،فان البيان الختامي للقمة العربية،لم يحمل في طياته أي حلول واضحة للأزمات التي تعيشها البلاد.فالبيان لم يتطرق الى الخلاف الدائر في البلاد بين حكومتين متنافستين،وهو الخلاف الذي بات يشكل هاجسا كبيرا خاصة مع تحوله خلال الاشهر القليلة الماضية الى مواجهات عسكرية في أكثر من مناسبة. 

كما لم يتطرق البيان، الى أزمة القاعدة الدستورية في ليبيا،والتي تمثل حجر عثرة امام اجراء الانتخابات في البلاد.فالحديث عن أي استحقاق انتخابي، في غياب قاعدة دستورية، بات شبه مستحيل.وطيلة سنوات ظلت هذه المسألة مصدر خلافات متجددة بين الفرقاء الليبيين لم تنجح المؤتمرات والمشاورات المحلية والدولية في الوصول الى حل لها.

من جهة أخرى،تمثل مسألة المرتزقة والقوات الأجنبية،احدى ابرز معظلات المشهد الليبي،الا ان البيان الختامي لقمة الجزائر لم يتطرق بصفو واضحة للمسألة،وذلك بالرغم من أنها كانت حاضرة بقوة في كلمة رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي،أمام مؤتمر القمة العربية،التي قال فيها:"ندعو الأشقاء إلى تبني موقف موحد تجاه ليبيا، كما ندعو إلى تبني موقف موحد تجاه ما يتعلق بإخراج المرتزقة".

كما مثلت جزءا هاما من خطاب الرئيس المصري،عبدالفتاح السيسي،خلال كلمته في القمة العربية الحادية والثلاثين بالجزائر،حين طالب باحترام مؤسسات الدولة وصلاحياتها بمقتضى الاتفاقات المبرمة، وتنفيذ خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب في مدى زمني محدد،مؤكدا أهمية إعادة توحيد مؤسسات الدولة الليبية وحل الميليشيات، بما يحول دون تجدد المواجهات العسكرية ويعيد للبلاد وحدتها وسيادتها واستقرارها.

وتعاني ليبيا منذ سنوات من فوضي عارمة وانفلات أمني وانتشار للسلاح فضلا عن أزمة سياسية أدت إلي تردى الأوضاع المعيشية وتنامي الجماعات المسلحة،خاصة مع غياب دولة مركزية قوية.وإجتذبت هذه الأزمة العديد من الأطراف الساعية إلى فك رموزها،بين مبادرات وإجتماعات ودعوات،لكنها باءت جميعها بالفشل. ويرى المراقبون أن نجاح المساعي والمبادرات سواء كانت عربية أم غربية يبقى رهين توافق الأطراف الليبية ومدى تعاونها للتوصل لتسوية سياسية شاملة.