مع تواصل المعارك على تخوم العاصمة الليبية طرابلس منذ أشهر،تتسارع الأحداث على الأرض في مؤشر على تطورات جديدة قد تحملها الساعات أو الأيام القادمة.ففي الوقت الذي سرع فيه الجيش الليبي من تحركاته وسط تقدم كبير لقواته في عدة مواقع جديدة مع اعلانه لاهزيته لدخول العاصمة،تسعى حكومة الوفاق لفتح الباب أما التدخل التركي في محاولة لقلب نتائج الصراع لصالحها.
وألمح قيادي في قوات الوفاق إلى قرب وصول شحنة أسلحة ومعدات عسكرية وطائرات مسيّرة تركية جديدة إلى العاصمة طرابلس، لدعم الميليشيات المسلّحة في مواجهة تقدم قوات الجيش الليبي، وذلك بعد توقيع اتفاق مثير للجدل بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية، حول تعزيز التعاون العسكري والبحري.
وقال  آمر سلاح المدفعية في عملية "بركان الغضب" التابعة لحكومة الوفاق، العقيد فرج مصطفى إخليل:"قريبًا سوف نملك المبادرة من جديد بوصول دعم نوعي، وفي انتظار رجوع باقي الكوادر التي يتم تدريبها بالخارج".وكتب إخليل، على صفحته بموقع فيسبوك:"كذلك ستشهد الساحة رجوع الطيران الحربي والمسير لقواتنا بكثافة، إضافة إلى قوة بأطقم ليبية".
وتعتبر الطائرات التركية المسيرة من أهم الأسلحة التي تعول عليها حكومة الوفاق في المعارك ضد الجيش الليبي،ومثلت الأراضي التركية مسرحا لتجريب طائرات تركيا المسيرة التي مارست العديد من الجرائم في حق المدنيين،وكان لها دور كبير في توفير غطاء جوي لميليشيا الوفاق خلال اقتحام مدينة غريان،بحسب ما أكد الجيش الوطني الليبي في وقت سابق.
 وشهدت الأسابيع الماضية تطورات كبيرة مع انهيار القوات الموالية لحكومة الوفاق، حيث أعلن الجيش الليبي في أكثر مناسبة، أن قواته أسقطت طائرات تركية مسيّرة ودمّرت غرفاً ومواقع تستخدم لتجهيز وتخزين هذه النوعية من الطائرات، خاصة بمطاري معيتيقة ومصراتة، وقصفت عدداً من مخازن الأسلحة.
وعزا العقيد فرج مصطفى إخليل هذه الهزائم التي منيت بها الميليشيات في محاور القتال، إلى أن الجيش الليبي كان مجهزّا ولديه طواقم مدربّة وغرف عمليات حديثة، مضيفاً "الآن بإمكاننا القول إننا تحصلنا على نفس المعدّات"، مشيراً إلى أن سبب التأخير هو أن "الطرف الأجنبي الذي زوّدنا بالمعدات اشترطنا عليه تدريب كوادر وطنية، وهو ما أخد وقتاً طويلاً نوعاً ما، كما حدث مع مدّرعات التايجر".وهدد إخليل باقتحام ترهونة وبني وليد بعيد وصول المعدات الجديدة وبظرف 25 يومًا، بحسب قوله.
وتأتي تصريحات اخليل بعد أيام من توقيع تركيا وحكومة الوفاق الليبية،اتفاقيات جديدة حول تعزيز التعاون العسكري والبحري ودعم العلاقات بين جيشي البلدين،والتي أثارت رفضا كبيرا في الأوساط الليبية والدولية.وأثارت تكهنات حول سعي حكومة الوفاق لفتح الباب أمام التدخل التركي في ليبيا وهو ما أكدته تصريحات القيادي في حكومة الوفاق.
 وتعتبر تركيا الداعم العسكري الأوّل والأكبر للقوات الموالية لحكومة الوفاق، في قتالها ضدّ قوات الجيش الليبي في العاصمة طرابلس، واتخذ الدعم التركي لحكومة الوفاق في مرحلته الأولى طابعا سريا، إلى أن أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان بشكل واضح في يونيو الماضي، دعم بلاده لمقاتلي طرابلس، بحجة تحقيق ما سمّاه توازنا في القوى مع قوات الجيش الليبي من جهة ولحماية المصالح التركية هناك من جهة أخرى.
ومنذ بداية العملية العسكرية في العاصمة طرابلس في الرابع من أبريل الماضي، أرسلت العديد من صفقات الأسلحة والمدرعات إلى الميليشيات، أشهرها سفينة "أمازون" التركية، التي وصلت إلى ميناء طرابلس في 16 مايو الماضي، قادمة من ميناء سامسون التركي، وتحمل على متنها نحو 40 مدرعة، ثم أرسلت بعد أيام طائرة تركية من طراز "أنتينوف" تابعة لشركة أوكرانية قادمة من أنقرة وعلى متنها طائرات بدون طيّار.
وفي غضون ذلك يواصل الجيش تقدمه في عدة مواقع جديدة،حيث تمكنت قواته الأحد، من فرض سيطرتها على كوبري الزهراء جنوب العاصمة طرابلس.وأوضح مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الليبي خالد المحجوب، في تصريح لـ بوابة إفريقيا الإخبارية، أن قوات الجيش الليبي كبدت المجموعات المسلحة خسائر كبيرة، في العتاد والسلاح، حيث تم تدمير عدد 6 آليات مع أسر عدد كبير من عناصر المجموعات المسلحة في المنطقة.
وأضاف المحجوب، أن سلاح الجو التابع للجيش الليبي شن غارات جوية على محاور طرابلس، حيث نفذ عمليات استهداف مباشرة بنيران الطيران العمودي، فيما أحرزت القوات تقدمات على الأرض، كما تم استكمال السيطرة على منطقة الساعدية مع هروب المجموعات المسلحة إلى الكريمية وغوط بوساق.وأكد المحجوب، أن قوات الجيش تمكنت أيضا من دحر محاولة للمجموعات المسلحة للتقدم في محور عين زارة، وإلحاق القوات المعادية خسائر في المعدات والأفراد.
وتمكن الجيش الليبي في وقت سابق من السيطرة على كامل منطقة الهيرة جنوب العاصمة طرابلس،وقالت "الكتيبة 166 مشاة"، التابعة للجيش الليبي، إنها بسطت سيطرتها الكاملة على هذه المنطقة، مشيرة، في بيان مقتضب الجمعة، إلى أن هناك "تقدماً مستمراً إلى العزيزية". وإذا ما تمكنت قوات الجيش الوطني من المحافظة على مواقعها الجديدة فإنها تكون بذلك قد حققت اختراقاً لدفاعات قوات حكومة الوفاق جنوب طرابلس.
وتحدث الجيش الليبي عن جاهزيته لاجتياح العاصمة طرابلس، وتحريرها من قبضة الميليشيات المسلحة،وقالت شعبة الإعلام الحربي، التابعة للجيش الوطني، إن "قواته الجوية والبرية والبحرية في كامل جاهزيتها، وفي أعلى معنوياتها بعد أن تلقت تدريباتها على أكمل وجه، ما جعلها على أهبة الاستعداد، وما مكنها من تنفيذ الأوامر وكافة المهام بكفاءة ودقة"، موضحة في بيان لها أن "قوات الجيش التي تتقدم بخطى ثابتة في كافة محاور العاصمة، لم تستخدم إلى الآن كامل قوتها".
ودعت الشعبة كل سكان العاصمة إلى الابتعاد قدر الإمكان عن مواقع المجموعات الإرهابية والعصابات الإجرامية، تنفيذاً لتعليمات القيادة العامة فيما يخص سلامة المواطنين. معلنة أن وحدات الجيش قد أحكمت سيطرتها على مواقع جديدة، تعد من أهم التمركزات التي يعتمد عليها العدو في محاور العزيزية والهيرة، وذلك بعد اشتباكات عنيفة خاضتها ضد المجموعات الإرهابية والإجرامية، التي تكبدت خلالها خسائر كبيرة في الآليات والأفراد.
وقالت بهذا الخصوص:"استكمالا للعمليات العسكرية في الساعات الماضية، نفّذت مقاتلات السلاح الجوي عدة طلعات جوية، تضمنت أكثر من غارة جوية على مواقع وتمركزات العدو في محاور العاصمة، وأيضاً عمليات استطلاعية واسعة في مناطق الجنوب وخليج سرت، وبعض المواقع الأخرى الخاضعة لمناطق العمليات".
وبالتزامن مع ذلك يواصل الجيش الليبي الدفع بالتعزيزات نحو العاصمة،حيث أعلنت شعبة الاعلام الحربي التابعة للجيش أن قوة الإقتحام التابعة للكتيبة 166 مشاة تحركت من مواقعها للمشاركة في عمليات تحرير العاصمة بعد تجهيزها وتلقيها التدريبات على أعلى مستوى لرفع كفاءتها.وأوضحت الشعبة في تدوينة لها عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك"ا،لإثنين أن قوة الإقتحام تمتلك خبرة كبيرة في حرب الشوارع ، مشيرة إلى أنها سبق لها وأن قاتلت في حرب تحرير درنة والجنوب ونجحت في كافة المهام الموكلة إليها.
 ويصر الجيش الوطني الليبي على دخول العاصمة الليبية وانهاء سطوة المليشيات المسلحة واستعادة مؤسسات الدولة في حين تسعى حكومة الوفاق التي يسيطر عليها "الاخوان" لمنع ذلك معولة على الدعم التركي الذي تسعى من خلاله أنقرة لتثبيت وجود أذرعها التخريبية في البلاد.ويشير متابعون للشأن الليبي أن الأيام والأسابيع القادمة تحمل في طياتها تطورات كبيرة في سير المعارك في العاصمة والتي سيكون لها دور في تحديد مستقبل البلاد بعد ذلك.