1) هو عمر المختار محمد فرحات ابريدان امحمد مومن بوهديمه عبد الله – علم مناف بن محسن بن حسن بن عكرمه بن الوتاج بن سفيان بن خالد بن الجوشافي بن طاهر بن الأرقع بن سعيد بن عويده بن الجارح بن خافي (الموصوف بالعروه) بن هشام بن مناف الكبير. من بيت فرحات من قبيلة بريدان وهي بطن من قبيلة المنفة أو المنيف والتي ترجع إلى عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، أولى القبائل الهلالية التي دخلت برقة. أمه هي عائشة بنت محارب.

2) ولد عُمر بن مختار بن عُمر المنفي الهلالي  الشهير بعمر المُختار، المُلقب بشيخ الشهداء، وشيخ المجاهدين، وأسد الصحراء، هو قائد أدوار السنوسية في ليبيا، وأحد أشهر المقاومين العرب والمسلمين.والذي   ينتمي إلى بيت فرحات من قبيلة منفة الهلالية التي تنتقل في بادية برقة  في 20 أغسطس 1858 بالبطنان من الجبل الأخضر شرقي ليبيا 3) كفله أبوه وعني بتربيته تربيةً إسلاميَّة حميدة مستمدة من تعاليم الحركة السنوسية القائمة على القرآن والسنَّة النبويَّة. ولم يُعايش عمر المختار والده طويلًا، إذ حدث أن توفي والده وهو في طريقه إلى مدينة مكَّة لأداء فريضة الحج، فعهد وهو في حالة المرض إلى رفيقه أحمد الغرياني (شقيق شيخ زاوية جنزور) بأن يُبلّغ شقيقه بأنَّه عهد إليه بتربية ولديه عمر ومحمد. وبعد عودة أحمد الغرياني من الحج، توجه فوراً إلى شقيقه الشيخ حسين وأخبره بما حصل وبرغبة مختار بن عمر أن يتولّى شؤون ولديه، فوافق من غير تردد، وتولّى رعايتهما محققاً رغبة والدهما، فأدخلهما مدرسة القرآن الكريم بالزاوية، ثم ألحق عمر المختار بالمعهد الجغبوبي لينضم إلى طلبة العلم من أبناء الإخوان والقبائل الأخرى.

4) حصد عمر المختار انتباه شيوخه في صباه، فهو اليتيم اليافع، مما جعل شيوخه يهتمون به في معهد الجغبوب الذي كان منارة للعلم، وملتقى للعلماء والفقهاء والأدباء والمربين، الذين كانوا يشرفون على تربية وتعليم وإعداد المتفوقين من أبناء المسلمين ليعدّوهم لحمل رسالة الإسلام، ثم يرسلوهم بعد سنين عديدة من العلم والتلقي والتربية إلى مواطن القبائل في ليبيا وأفريقيا لتعليم الناس وتربيتهم على مبادئ الإسلام وتعاليمه.5)  مكث عمر المختار في معهد الجغبوب ثمانية أعوام ينهل من العلوم الشرعية المتنوعة كالفقه والحديث والتفسير، ومن أشهر شيوخه الذين تتلمذ على أيديهم: السيّد الزروالي المغربي، والسيّد الجوّاني، والعلّامة فالح بن محمد بن عبد الله الظاهري المدني، وغيرهم كثير، وشهدوا له بالنباهة ورجاحة العقل، ومتانة الخلق، وحب الدعوة، وكان يقوم بما عليه من واجبات عمليَّة أسوة بزملائه الذين يؤدون أعمالًا مماثلة في ساعات معينة إلى جانب طلب العلم، وكان مخلصًا في عمله متفانيًا في أداء ما عليه، ولم يعرف عنه زملاؤه أنه أجَّل عمل يومه إلى غده.

6) خلال السنوات التي قضاها عمر المختار في الجغبوب حيث كان يكمل دراسته، تمكَّن من اكتساب سمعةٍ حسنةٍ وقوية عند شيوخ الحركة السنوسية. وقد بلغت تلك السمعة من القوة أن قرَّر محمد المهدي السنوسي - ثاني زعماء السنوسية - أخذ عمر المختار معه سنة 1895 برحلته من الجغبوب إلى الكفرة في جنوب شرق الصحراء الليبية، وبعد هذه الرحلة اصطحبه مرة أخرى في رحلة من الكفرة إلى منطقة قرو في غرب السودان، فاصطحب معه عمر المختار، وعيَّنه هناك شيخاً لزاوية عين كلك، وعيَّنه المهدي السنوسي في سنة 1897 شيخاً لبلدة تسمى زاوية القصور تقع بمنطقة الجبل الأخضر شمال شرق برقة، والتي تقع قريباً من مدينة المرج، وأحسن عمر المختار الأداء في هذا المنصب، رغم أن البلدة التي كُلِّف بإدارتها كانت تقطنها قبيلة العبيد التي اشتهرت بشدة البأس وصعوبة الانقياد. وقد أدَّت علاقته الوثيقة بالسنوسيّين إلى اكتسابه لقب سيدي عمر الذي لم يكن يحظى به إلا شيوخ السنوسية المعروفين.7) توفي محمد المهدي السنوسي في عام 1902 الموافق 1321 هـ، واستدعته القيادة السنوسية على إثر ذلك للعودة إلى برقة، وقيل في عام 1906. وهناك عُيِّن مجدداً وللمرة الثانية شيخاً لبلدة زاوية القصور، وأحسن إدارتها حتى أنَّ العثمانيين هنَّؤوه على تمكِّنه من جلب الهدوء والاستقرار إليها بعد أن أعياهم ذلك، وقد ظلَّ عمر المختار في هذا المنصب مدَّة ثماني سنوات، حتى عام 1911. وقد قاتل خلال هذه الفترة جيوش الانتداب البريطاني على الحدود المصرية الليبية، في مناطق البردية والسلوم ومساعد، خصوصاً معركة السلوم في عام 1908 التي انتهت بوقوع بلدة السلوم في أيدي البريطانيّين.

8) في مطلع صيف عام 1916 كلَّفَ إدريس السنوسي - الذي كان يستلم زمام الأمور في برقة نيابةً عن أحمد - عمر المختار بالذهاب مع خالد الحمري وإبراهيم المصراتي إلى البطنان، لمقابلة نوري باشا (نائب أحمد الشريف وممثل الحكومة العثمانية في برقة) وتنبيهه إلى وجوب إيقاف كافة هجماته على الإنكليز في مصر، بل وكان عليهم أيضاً مراقبته لضمان عدم انتهاكه تلك الأوامر. وقد أزعج هذا نوري باشا، فقرَّر الذهاب بصحبة كبار معاونيه مثل عبد الرحمن عزام إلى أجدابيا للتَّفاهم مع إدريس، بينما بقي عمر المختار مع باقي المبعوثين في معسكر البطنان بانتظار التعليمات. في أجدابيا، رفض إدريس رفضاً قاطعاً العدول عن قراره، على الرُّغم من إصرار نوري باشا الكبير، وبينما الحال هكذا وصل إلى المدينة وفدٌ من الطليان والإنكليز، فالتقوا مع إدريس في منطقة الزويتينة، وأخذوا يفاوضون على عقد السلم وإيقاف هجمات المقاومين على الإنكليز في مصر من جهة والطليان في برقة من جهةٍ أخرى. وقد مال الشيخ إدريس إلى السلم، فوافق على العرض، وكان أن وُقِّعت معاهدة الزويتينة، التي أثرت بشكل أساسي على جميع المعاهدات اللاحقة في الحرب الليبية. وكان من نتائجها رحيل نوري باشا إلى مصراتة لاستئناف المقاومة وتشتُّت معظم رجاله في أنحاء البلاد ،وفي 1923 اضطرَّ إدريس هو الآخر للهجرة إلى مصر  فعاد عمر المختار قائداً للمقاتلين في برقة. 9) تابع عمر المختار دعوة أهالي الجبل الأخضر للقتال وتجييشهم ضدَّ الطليان، وفتح باب التطوُّع للانضمام إلى الكفاح ضدهم، وأصبحت معه لجنةٌ فيها أعيانٌ من مختلف قبائل الجبل. واتَّبع أسلوب الغارات وحرب العصابات، فكان يصطحب معه 100 إلى 300 رجل في كل غارةٍ ويهجم ثم ينسحب بسرعة، ولم يزد أبداً مجموع رجاله عن نحو 1,000 رجل، مسلَّحين ببنادق خفيفةٍ عددها لا يتعدَّى 6,000، وقد شكَّل هذا بداية الحرب الضروس بين عمر المُختار والطليان، تلك الحرب التي استمرت 22 عامًا ولم تنتهي إلّا بأسر المختار وإعدامه.10) واصل عمر المختار معارك الجهاد لسنوات طويلة وفي شهر أكتوبر سنة 1930 تمكن الطليان من الاشتباك مع المجاهدين في معركة كبيرة عثروا عقب انتهائها على نظّارات عمر المختار، كما عثروا على جواده المعروف مجندلًا في ميدان المعركة؛ فثبت لهم أن المختار ما زال على قيد الحياة، وأصدر غراتسياني منشورًا ضمنه هذا الحادث حاول فيه أن يقضي على "أسطورة المختار الذي لايقهر أبدًا" وقال متوعدًا: «لقد أخذنا اليوم نظارات المختار وغدًا نأتي برأسه» ، وفي 11 سبتمبر من عام 1931 توجَّه عمر المختار بصحبة عدد صغير من رفاقه، لزيارة ضريح الصحابي رويفع بن ثابت بمدينة البيضاء. وكان أن شاهدتهم وحدة استطلاع إيطاليَّة، وأبلغت حامية قرية السلنطة التي أبرقت إلى قيادة الجبل باللاسلكي، فحرّكت فصائل من الليبيين والإرتريين لمطاردتهم. وإثر اشتباك في أحد الوديان قرب عين اللفو، جرح حصان عمر المختار فسقط إلى الأرض. وتعرّف عليه في الحال أحد الجنود المرتزقة الليبيين فيقول المجاهد التواتي عبد الجليل المنفي، الذي كان شاهدًا على اللحظة التي أُسر فيها عمر المختار من قبل الجيش الإيطالي: «كنَّا غرب منطقة سلنطة... هاجمنا الأعداء الخيَّالة وقُتل حصان سيدي عمر المختار، فقدَّم له ابن اخيه المجاهد حمد محمد المختار حصانه وعندما همَّ بركوبه قُتل أيضًا وهجم الأعداء عليه.. ورآه أحد المجندين العرب وهو مجاهد سابق له دوره. ذُهل واختلط عليه الأمر وعزَّ عليه أن يُقبض على عمر المختار فقال: "يا سيدي عمر.. يا سيدي عمر!!" فعرفه الأعداء وقبضوا عليه. وردَّ عمر المختار على العميل العربي الذي ذكر اسمه واسمه عبد الله بقوله: "عطك الشر وابليك بالزر"».وفي 16 سبتمبر 1931 تم إعدام المختار بعد محاكمة صورية لم تراع حقوق الإنسان في شيخ مسن كان يناضل من أجل حرية وطنه