شهدت أسعار السلع التجارية بالأسواق المحلية، بمدينة جوبا عاصمة جنوب السودان، ارتفاعا ملحوظا، مع اقتراب عيد الفطر، كما شهدت الأسواق الرئيسية، إقبالا كبيرا من المواطنين لشراء احتياجات العيد.

وأرجع التاجر أحمد ابراهيم بسوق "كونجو كونجو"، أكبر أسواق المدينة، في تصريحات لوكالة الأناضول، ارتفاع أسعار السلع التجارية في الأسواق، إلى ندرة الدولار في الصرافات، وبالتالي قلة المعروض من السلع المستوردة، لأن البنك المركزي لم يضخ عملات صعبة للتجار خلال الشهور الثلاثة الماضية.

وتقول حكومة جنوب السودان، إنها تقصر استخدام الدولار، علي استيراد المواد الغذائية لتقديمها للمتضررين في مناطق النزاع، الي جانب شراء الوقود، والاحتياجات الضرورية التي تحتاجها الدولة لتمويل نفقات العمليات العسكرية.

ويشكو التجار أيضا من ارتفاع تكلفة النقل من موانئ الاستيراد، في مومباسا بدولة كينيا، إلي الاسواق الداخلية بجنوب السودان.

وارتفع سعر جوال السكر زنة الـ 50 كيلوجراما إلى نحو 220 جنيها ( 75 دولارا) وذلك من 180 جنيها الأسبوع الماضي، أي بزيادة تقدر بـ 22%، كما ارتفع سعر جوال الدقيق من 100 جنيه الي حوالي 130 جنيها ( 45 دولار) أي بنسبة 30% .

ويصل السعر الرسمي للدولار، في جنوب السودان إلى 3.16 جنيها، ومع صعوبة الحصول على الدولار من السوق الرسمي يتجه التجار إلى السوق السوداء (الموازي)، حيث يصل سعر الدولار إلى 4.5 جنيه .

ويقول مراسل الأناضول إن أسواق جنوب السودان تعانى من غياب الرقابة والانضباط ، لذا يوجد تفاوت كبير في أسعار السلع والمواد الاستهلاكية، ويلجأ تجار التجزئة في الاحياء السكنية، أيضا إلى إضافة تكلفة النقل علي سعر السلعة، مما يضيف فارقا جديدا علي الثمن.

وتقول المواطنة فاطمة جوان في حديثها لوكالة الأناضول، إن أسعار السلع التجارية مرتفعة مقارنة بما كان عليه الحال، قبل اقتراب عيد الفطر المبارك.

وترى فاطمة أن ذلك يرجع لعدم وجود رقابة على الأسعار، وتشير إلى أن هناك تفاوت في أسعار السلع بين التجار، فبعض التجار يعرضون منتجاتهم بأسعار أرخص من غيرهم في السوق، وهذا يدل على عدم وجود قاعدة تحدد أسعار السلع التجارية، وحملت فاطمة الجهات الحكومية مسؤولية غلاء السلع والبضائع.

ويرى أجونق أيدي، التاجر المحلي بسوق جوبا، أن ارتفاع الأسعار يحدث بشكل متكرر مع اقتراب الأعياد، حيث يلجأ بعض تجار الجملة لزيادة أسعار السلع، مما يفرض على تجار التجزئة زيادة الأسعار بدورهم لضمان تحقيق أرباح، وتغطية نفقاتهم.

وأرجع أيدى غلاء الأسعار إلى عدة عوامل من بينها شح الدولار في مكاتب الصرافة، وارتفاع تكلفة إدخال البضائع إلى البلاد، وخاصة مصروفات النقل والجمارك، وارتفاع أسعار الإيجارات المحال التجارية في السوق، وقال أيدى "هذه التكاليف يدفع ثمنها المواطن أو المشتري".

وأضاف أيدى أن غياب الإنتاج من السلع المحلية، يجعل الدولة تتجه للاستيراد، الذي يعتبر أكبر تحدي يواجه التجار في سبيل توفير السلع التجارية بالأسواق.

ويرى المواطن سبت واني، الذى التقته الأناضول في سوق كونجو كونجو أن غضطراب الأوضاع الأمنية في البلاد، أثر سلبا على كافة الأنشطة، وأضاف أن الأسواق التجارية، جزء أساسي من العناصر المتأثرة، بسبب تضرر بعض التجار ماديا في مناطق متفرقة من البلاد.

ويشهد جنوب السودان منذ منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، مواجهات دموية بين القوات الحكومية ومسلحين تابعين لريك مشار النائب السابق للرئيس سلفاكير ميارديت، والذي يتهمه سلفاكير بمحاولة الانقلاب عليه عسكريًا، وهو الأمر الذي ينفيه الأول، ورغم توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار في التاسع من مايو/ آيار الماضي برعاية (إيغاد) لم تتوقف العدائيات بشكل نهائي.

وأشار وانى إلى أن اضطراب الأوضاع الأمنية المتكرر، في جنوب السودان له تأثير مباشر على زيادة أسعار السلع التجارية في الأسواق، وقال إن استقرار الأوضاع الأمنية في شتى أنحاء البلاد، يمكن أن يدفع أسعار السلع للاستقرار، فهما في وجهة نظره مترابطان معا.

وحذرت الغرفة التجارية والصناعية والزراعية القومية، في وقت سابق، التجار على مستوى الأسواق المحلية من مغبة زيادة أسعار السلع التجارية، مع حلول عيد الفطر المبارك.

وقال الأمين المالي للغرفة التجارية، وليم أكوج لوانق، في تصريحات للأناضول، إن غياب المراقبة داخل الأسواق المحلية، من الأسباب التي جعلت بعض التجار يقدمون على زيادة أسعار السلع التجارية، بالإضافة إلى قيام بعضهم بتخزين السلع لتخفيض حجم المعروض، ويرفع الأسعار بهدف تحقيق المزيد من الأرباح.

واستبعد لوانق، استمرار ارتفاع أسعار السلع التجارية بالأسواق، موضحا أنه يوجد تجار يعملون بكل جهدهم من أجل استقرار السلع بالأسواق، مشيدا بدورهم، واصفاً إياهم بالوطنيين.

ودعت الغرفة التجارية، الجهات الرقابية بالأسواق، إلى تنشيط أجهزتها للمحافظة على استقرار أسعار السلع.

ويرى مراقبون أن المواطنين يستقبلون عيد الفطر المبارك، هذا العام في ظلِّ غلاء طاحن لأسعار السلع التجارية في الأسواق، ويقولون إن هذه الزيادة تنذر بتردي الوضع المعيشي للمواطنين ذوي الدخل المتدني، وربما تجعلهم غير قادرين على شراء احتياجاتهم الضرورية  للاحتفال بالعيد هذا العام.

وأعلنت سلطات مجلس الوزراء بحكومة جنوب السودان، ان عطلة عيد الفطر المبارك ستبدأ من يوم غد الاثنين، وتستمر حتي الاربعاء المقبل.

وتبلغ نسبة المسلمين في جنوب السودان حوالي 21% من إجمالي عدد السكان البالغ نحو 8 ملايين نسمة، يدين غالبيتهم بالمسيحية، الي جانب معتنقي المعتقدات الافريقية المحلية.