تزايدة المخاوف من احتمالات استمرار القتال في اهم المدن الليبية الى امد طويل وتضاءلت الآمال في وقف لاطلاق النار بين الاطراف المتصارعة، سواء للسيطرة على مطار طرابلس ، او بسط النفوذ على بنغازي، وذلك في ضوء التحركات المتسارعة للدول الغربية والآسيوية بترحيل اطقم سفاراتها ورعاياها من ليبيا ، ما يجعل التدخل الغربي حتى بالوساطة بين الاطراف المتقاتلة مستبعدا . فقد اعلنت تشيكيا انها ستشرع في اخلاء دبلوماسييها من ليبيا مثلما اعلنت الفلبين عزمها ترحيل دبلوماسييها من ليبيا بعد اختطاف ممرضة فلبينية تعمل بمشتسقى طرابلس الطبي امس .

وكان عدد من الدول الغربية (امريكا بريطاني المانيا فرنسا وكندا وتركيا، وغيرها) قد اجلوا بعض رعاياهم واطقم سفاراتهم في الايام الماضية عند شعورهم باستحالة جلوس اطراف الاقتتال الى طاولة الحوار، وحلحلة الأزمة سلميا، وبعيدا عن قعقعة المدافع . فضلا لما انتجته الاشتباكات من  ندرة في بعض المواد اللازمة كالبنزين ، وغاز الطهي حيث لم تصل ليبيا النفطية منذ نحو 60 سنة الى مد شبكة غاز بالمدن !!   

ولم يطل أمد الآمال التي علّقها الليبيون الليلة الماضية على بيان المستشار " مصطفى عبد الجليل " رئيس الفريق الذي كلفته الحكومة المؤقتة للتواصل مع الإطراف المتقاتلة في طرابلس وما حولها ووضع قواعد لوقف الاقتتال وفك الاشتباك بين الإطراف الذي دعا فيه الى ((1- وقف الاحتكام إلى السلاح فوراً محافظه على الأرواح والممتلكات العامة والخاصة . 2- تسليم الأسلحة الثقيلة إلى أقرب معسكر للجيش دون إبطاء , وإخلاء العاصمة من كافة التشكيلات المسلحة . 3- إيقاف كل الإجراءات الإدارية والعسكرية والسياسية وإسناد شئون البلاد بالكامل إلى مجلس النواب المنتخب الذي يجب أن يدعي للانعقاد في اقرب فرصه ممكنة في بنغازي . 4- الالتزام بمقتضيات الدين والعقل والوطنية والحضارة والتهذيب وهو ضرورة الجلوس الفوري إلى طاولة الحوار , علماً بان العالم من حولكم ينظر إليكم أيها الليبيون , ويأمل أن تنتهي ثورتكم إلى نتائجها المرجوة من وحدة وأخوة وحياة فيها سعادة وحرية وطمأنينة لمواطنيكم الضعفاء)) .

كما ان تهديدات الفريق بأنه : ((إذا ركب الطرفان رؤوسهم , وأبوا الامتثال لصوت الحكمة والعقل , فإننا قد نكون مضطرين للانتقال بمفهوم هذا البيان إلى مرحلة أخرى تكون نتاجها فيها)) . لم يكن لهذا البيان من مردود على وقف نيران "مجلس شورى بنغازي" المتكون من : انصار الشريعة وكتيبة 17 فبراير وكتيبة راف الله السحاتي ودرع ليبيا 1 وحلفائهم، والموجهة الى قوات الصاعقة المتحالفة مع اللواء المتقاعد خليفة حفر، ما ادى الى انسحاب قوات الصاعقة من معسكرها في بنغازي انسحابا قال عنه الرائد محمد حجازي المتحدث باسم قوات حفتر بانه ((تكتيكي)) في وقت اختفى فيه اي أثر لقائد قوات الصاعقة العقيد ونيس ابوخمادة . فيما أكدت مصادر مصرية أن اللواء حفتر لا يوجد ضمن سجلات الدخول إلى مصر و لايزال متواجدا في مدينة بنغازي.

 

الناشط السياسي الليبي يوسف القماطي دعا التيارات الاسلامية الى اعلان موقفها مما يجري بالبلاد حاليا حيث قال : ((   التيارات الاسلامية التى لديها احزابا شاركت فى الانتخابات سواء البرلمانية .. او البلدية .. او شاركت فى الوزارات .. الإخوان "حزب العدالة" .. المقاتلة "حزبي الامة الوسط والوطن" .. التجمع "حزب الرسالة" .. السلفية "حزب الاصالة" .. وغيرها .. لماذا لم نسمع لهم رأياً فيما يجري من وأد لمشروع الدولة الذين هم جزء اصيل منه بحكم تكوينهم للاحزاب ومشاركتهم فى السلطة .. فإذا كانت مشاركتكم السابقة عن قناعة وايمان بأن طريق التعددية هو طريق صحيح ولا يرفضه الاسلام .. وأنكم لم تشاركوا فيه (تقيّة) بل عن قناعة ودراسة عميقة كما قلتم .. فلما هذا الصمت حيال مشروع كلنا يعلم أنه سينتهي الى دولة داعش .. وفق حتى ردودكم السابقة على بيان محمد الزهاوي)) .

اما الاكاديمي مصطفى الفيتوري استاذ الاقتصاد والعلوم السياسية الزائر بالجامعات الاوروبية يرى ان ما يجري في ليبيا حاليا : ليس له ،في نظره ((أهمية كبيرة عدا عن المعتاد..الأمن أولا..وأنفي كليا أي فكرة لتدخل أجنبي..الأمر لا يعني أحد الآن الا الليبيين.. ولا أعتقد البتة أن الغرب كان درك ما يفعل في عام 2011 .. ولي قول في هذا الشأن نشرته مجلة تايم في مطلع مارس 2011 وأنا في "فندق" الركسس هو : "الغرب أخطأ لأنه لم يكن يفكر الا في التخلص من رأس النظام..وكان يعتقد ان كل شئ بعدها تمام" . أ ما ما يحري اليوم فهو مسخ وتلويث للبلد بأيدي أهلها أو بعضهم..هدفه الرئيس تفكيك الأرضية التي أنتجت ما سبق حتى لا يتم اعادة انتاجه..ولا أقول هنا بنظرية المؤامرة ولكن أقول برأي مختلف وهو تلاقي بعض المصلحة الوطنية مع مصالح خارجية تعبت وهي تسعى.وتم دلك في ظلمة دامسة وفي لحظة تاريخية غابت فيها الحكمة..مشهد عراقي بأمتياز مع بعض التحوير... )) حسبما ابلغنا من مقره بباريس حاليا.

وعند سؤاله عن ما اذا كان هناك امل في حل للازمة قال : ((اعتقد ان الحل سهل..وهو خيار من أثنين: الدين هجموا على المطار يريدون أخراج من هم فيه...اتوا من مناطق بعيدة عنه..الجانبين..قد يتخلى من فيه عنه مقابل شئ أخر في مكان أخر..وقد ينهزمون وهم في الحالتين غير خاسرين لأنهم في الأساس أغبياء سياسيا وقاصرين تكتكيا وعديمي الخبرة في الدولة..الدين هاجموه لن يقبلوا الانسحاب الا مقابل ان لم يحققوا نصرا..هذا المقابل قد يكون مالا..كما في حالة غرغور..وقد يكون سياسي وهم أدري بالسياسة وأقدر....وقد يكون الحل الخيار الأخير وهو تدمير كلاهما للأخر "دون احراز أي امتياز" .. وبهذا تربح مصراته ومن معها على المدى الطويل وتخسر ليبيا في المدى القصير ..وفي المدى الطويل يتعود الليبيون على "السادة" الجدد..فهم شعب سريع التعود وينسى كثيرا)) .. مضيفا : ((قد يكون هذا القول تبسيط ولكنه واقعي ويلامس عبثية الأشياء في ليبيا منذ 2011 فالكثير من العبث ظهر تم غاب كما ظهر. واعتقد ان الحل الجدري لليبيا يكمن في عودتها الي أصلها الإجتماعي . لتضييع الفرصة على أطراف أخرى دخلت على الخط وخاصة أصحاب الإيدلوجيات .. اضافة الى ان القبائل تتفاهم ولكنها لا تعمر دولا..))