عقد مجلس الأمن الدولي الأربعاء الموافق 8 يوليو 2020، جلسة حول التطورات في ليبيا. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، خلال الجلسة إن التصعيد والتوتر في ليبيا يعرقل جهود الحل السياسي، لافتًا إلى حدوث انتهاك لحظر السلاح في ليبيا..

ولتسليط الضوء على جلسة مجلس الأمن الدولي بشأن ليبيا، وتحليل المواقف الدولية تجاه الأزمة الليبية، وآفاق حل الأزمة في البلاد، كان لـ"بوابة إفريقيا الإخبارية" هذا الحوار مع الكاتب والمحلل السياسي الليبي الدكتور محسن ونيس القذافي، وإلى نص الحوار

كيف تابعتم جلسة مجلس الأمن حول ليبيا؟

اجتماع مجلس الأمن الدولي بشأن ليبيا، يأتي في إطار تنشيط مخرجات إعلان برلين المصادق عليه قبل ستة أشهر وتحديداً 19 يناير 2020، حيث أتى الإعلان كمنافس للدعوة الروسية في بداية شهر يناير 2020، وتفعيلاً للقرار الصادر 2510، واستكمالا واستمالة للأطراف الليبية والدولية، والتعريف الحقيقي للصورة العامة للوضع الدولي المشتت والمنقسم تجاه الملف الليبي بشكل كبير، وخطورة الموقف الإقليمي الحالي.

وفي الوقت الذي لا نُغفل فيه الجانب الإيجابي لبعض المبادرات الدولية والإقليمية وغيرها في مواجهة الإخفاق لتحقيق المعالجات الوطنية، نرى بأن اجتماع مجلس الأمن الدولي، والذي أتى عبر شبكات التواصل الإليكتروني، بسبب الجائحة "كوفيد 19"، ومن خلال تمثيل رفيع المستوي لوزراء خارجية وممثلي دول كبري غربية وعربية وافريقية، يبين الأهمية والاهتمام والرغبة في تفتيت الخلافات وتذويب العوائق وكسر الحواجز، دولياً وإقليمياً ومحلياً، غير أن مخرجات اللقاء الفضائي لم تأتي بالجديد، بل أتت بتصريحات وإدانات وحديث فضفاض ومجاملة لطرف على حسب طرف أخر، وتحامل غير مبرر وغير حيادي من قبل مسؤول شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا البريطاني، الذي أتهم  بشكل مباشر الطرف الشرعي المنبثق من مجلس النواب الليبي "القوات المسلحة الليبية"، افتراء، ودون برهان أو دليل يشهد بصحة ما ذهب إليه، وهو ما يؤكد النزاع السياسي القائم بين دول أوروبية كفرنسا من جهة وبريطانيا وإيطاليا من جهة أخرى، والدفع بأوراق الضغط التي تستخدمها كالعادة الإرادة البريطانية لتحقيق المصالح. 

ما تحليلكم للموقف البريطاني والأمريكي خلال الجلسة؟ 

من خلال متابعة الموقف العام وقراءة ما جرى بالاجتماع المنعقد بدعوة ألمانيا للجلسة الأممية 8 يوليو 2020، نرى بأن الموقف الأمريكي- البريطاني غير منصف، بل يميل لدعم الطرف التابع للوفاق الليبي، بالرغم من انتهاء شرعيته الدولية وفق مخرجات برلين بمادتيه (25،26)، كما أهمل اللقاء الأممي ومعظم ممثلي الدول المتدخلة، التهديد التركي المباشر والاتفاقيات غير الشرعية الموقعة بين كل من تركيا والوفاق الليبي، والتي ستشعل فتيل حروب إقليمية فيما استمر الحال على ما هو عليه، وكما أتى الشجب والتنديد لكافة مظاهر التسلح وتدفقات المرتزقة، الا أن الحاضرين لم يضعوا إطارا واضحا للمكافحة ولم يفصحوا بشكل مباشر بتوجيه الاتهام للوفاق الليبي وشريكه، وهي مجاملة غير مقبولة في ظل التأزمات والتهديدات المباشرة للدولة الليبية ودول الطوق والجوار، وانعكاس تلك الأوراق على مصير إقليمي (شرق وشمال المتوسط).

النقاط بشأن (رفض التدخل الخارجي في الشأن الليبي، وتنفيذ قرار حظر الأسلحة..) تكررت وتتكرر في جميع المحافل الدولية.. بعد الإدانات المتكررة والرافضة.. ما هي المواقف الفعلية التي يجب على المجتمع الدولي اتخاذها لإثبات جدية موقفه من هذه النقاط؟

أتي الحديث بشكل دبلوماسي، حيث استمر استخدام الألفاظ والمصطلحات الفضفاضة والمكررة والدائمة، من قبل معظم المسؤولين المشاركين، كـــ  "حظر الأسلحة، الهدنة ووقف إطلاق النار، تفكيك الجماعات المسلحة والمليشيات، والحرص على الملفات الإنسانية وغيرها"، وهو ما تم الاتفاق عليه سابقاً في إعلان برلين منذ شهور، ولم ينتهي بعد، بل استمرت الوفاق بتعزيز مشاركة عسكرية –أمنية مع تركيا ليصل عدد الوافدين والمقاتلين عبر الموانئ وفق الكثير من المصادر الغربية والعربية والليبية إلى ما يقدر بــ (15,000) شخصاً، كما تم تركيب منظومات الدفاع الجوي التركي في معسكرات وقواعد ليبية، وتعمل الطلعات الجوية الأجنبية والمباشرة لاستهداف مواقع بليبيا تهديدا للسلم والأمن. 

كل هذا يأتي أمام مرأى ومسمع مجتمع دولي وأمام المشاركين بلقاء مجلس الأمن الدولي، والذي لم يضع الآليات المناسبة والمعالجات أو لم يُخضع تلك الدول المتدخلة عسكرياً لعقوبات فق ما تنص به اللوائح الدولية والقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وفصول مجلس الأمن السادس والسابع والثامن.   

ملف النفط كان حاضرا وبقوة خلال الجلسة.. ما تعليقكم في هذا الشأن؟

موقف الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، أظهر الاهتمام الصريح والواضح والمعلن لبراميل النفط الليبي في رسم وتحديد ملامح التعاون والارتباط وهو ما يثبت لغة المصالح والمنافع الضيقة. 

برأيك.. ما هي التوصيات والمقترحات التي من شأنها معالجة الأزمة الليبية؟

بناء على ما سبق، فأن كل هذا يمنحنا استشراف هشاشة الأوضاع العالمية، والاختلافات العميقة لاستراتيجيات الدول الكبرى (تفرقاً وتحالفاً)، فالولايات المتحدة الناظرة بثانوية الملف الليبي من جانب، غير أنها لا تغفل أهمية التدخل الروسي والتركي، ودعم شريكيها البريطاني-الإيطالي من ناحية أخرى، في الوقت الذي تبحث كلا من روسيا المتعافية أهمية الضغط للحصول على ريادة جوية استخباراتية شمال أفريقيا تفعيلا لمنظوماتها الدفاعية الجوية، واستقرار الهيمنة بالملف السوري، وتحقيق التوازنات الغازية شرق المتوسط، ونرى بأن تركيا المتطلعة، وهي الأضعف بين تلك الأقطاب وقد تكون المستخدم بالباطن، تبحث لإعادة دورها التاريخي، والقفز بين تلك الأطراف دون خسارة (win win)، والتمسك باتفاق ممنوح وفرصة ناعمة قدمها الوفاق الليبي بشكل غير مشروع،  لتحقيق أهداف لتركيا بشكل اقتصادي بحت. وتظل فرنسا تبحث عن شريك حقيقي قد يمثله إعلان برلين والعملاق الألماني. 

وبالرغم من عدم ضمان تحقق الكثير من النتائج لما سبق ولهذا اللقاء، الا أن هناك نقاطاً تدعو إلى التفاؤل ومنها الخطوة الأولى للبنة البناء والتدرج في إيجاد الحل السلمي، وتحقيق المساقات الأخرى، بعيدا عن المراوحة والجمود ومنها:

(1)تغليب الحل السياسي ليكون بديلاً عن حلول عسكرية مما يجنب البلاد ويلات الحروب، ويمنع التدخلات الهدامة بكل أشكالها. 

(2) الدعوة لتشكيل حكومة شاملة، وإعادة القرار الصائب وفق هيكلية جديدة للمجلس الرئاسي ما قد يدفع لتوحيد المؤسسات بكل أنماطها،

(3) تصحيح القاعدة التشريعية والتنفيذية والمحافظة علي الدخل القومي.

(4) الاستفادة من الدعوة الي المراقبة الدولية لمنع كافة انواع الخروقات وتدفقات السلاح والمرتزقة، ومحاولة التعاون مع لجان المتابعة لوضع الخطط المنهجية القادمة.