استدعت إيران يوم أمس الأحد سفيري بريطانيا والنرويج بسبب ما قالت إنه تدخل وتغطية إعلامية معادية للاضطرابات التي اندلعت في أنحاء البلاد على خلفية وفاة شابة خلال احتجازها لدى شرطة الأخلاق.

كما انتقد وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان دعم الولايات المتحدة "لمثيري الشغب"، وهي التسمية التي تستخدمها طهران لوصف العديد ممن انضموا إلى الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد، مما أدى إلى حملة أمنية وفرض قيود على الإنترنت والهواتف.

تحولت المظاهرات، التي انطلقت شرارتها قبل ما يزيد على أسبوع خلال جنازة الشابة الكردية مهسا أميني (22 عاما) التي توفيت في احتجاز الشرطة، إلى أكبر احتجاجات تشهدها البلاد منذ سنوات. وتواصلت الاشتباكات بين قوات الأمن والمحتجين في عدد من المناطق الواقعة في شمال غرب البلاد، وفقا لمصادر في مدن تبريز وأروميه ورشت وهمدان. وقال نشطاء إن احتجاجات خرجت أيضا في عدد من أحياء العاصمة طهران.

ودعت إحدى نقابات المعلمين الرئيسية، في بيان نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي يوم الأحد، المعلمين والطلاب إلى تنظيم أول إضراب وطني منذ بدء الاضطرابات يومي الاثنين والأربعاء.

وحثت المعلمين والنقابات وقدامى المحاربين والفنانين على "الوقوف مع الطلبة ومن يسعون لتحقيق العدالة في هذه الأيام الصعبة لكن المفعمة بالأمل".

وثمة بطء في ورود تفاصيل عن ضحايا الاحتجاجات، ويرجع ذلك لأسباب منها القيود المفروضة على الاتصالات.

وقالت شقيقة امرأة تبلغ من العمر 20 عاما، تدعى حديث نجفي، في تصريحات نُشرت يوم الأحد إنها توفيت بعد إطلاق قوات الأمن النار عليها. وانتشرت مقاطع فيديو لنجفي على نطاق واسع على تويتر، تظهرها وهي بلا حجاب وتشارك في الاحتجاجات في كرج الواقعة على بعد 30 كيلومترا شمال غربي طهران.

وطالب جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إيران "بأن توقف على الفور الحملة العنيفة على الاحتجاجات وتضمن الوصول إلى الإنترنت"، كما طالب بمعلومات عن عدد القتلى والمعتقلين وإجراء تحقيق في "مقتل مهسا أميني".

ويقول الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إن إيران تضمن حرية التعبير وإنه أمر بإجراء تحقيق في وفاة أميني، بعد احتجازها من جانب الشرطة المعنية بفرض القيود على ملابس النساء في الجمهورية الإسلامية.

كما أكد أن "أعمال الفوضى" غير مقبولة وأنه يتعين على إيران التعامل بحزم مع الاضطرابات. وفي خطاب في الأمم المتحدة، قال إن التغطية المكثفة لقضية أميني تعكس "المعايير المزدوجة"، لافتا لحدوث حالات وفاة في احتجاز الشرطة الأمريكية.

قال أمير عبد اللهيان إن الولايات المتحدة تدعم "مثيري الشغب" وتسعى لزعزعة استقرار إيران، وهو موقف قال إنه يتعارض مع الدعوات الأمريكية لإرساء الاستقرار في المنطقة وإبرام اتفاق نووي مع طهران.

واستدعت وزارة الخارجية الإيرانية السفير البريطاني بسبب "الطبيعة العدوانية" لوسائل الإعلام الناطقة بالفارسية التي تتخذ من لندن مقرا لها. وقالت وزارة الخارجية البريطانية إنها تناصر حرية الإعلام، ونددت "بحملة إيران على المتظاهرين والصحفيين وحرية الإنترنت".

كما استدعت السفير النرويجي لشرح "موقف ينطوي على تدخل" لرئيس برلمان بلاده مسعود قره خاني، الذي عبر عن دعمه للمتظاهرين عبر تويتر.

وواصل قره خاني، المولود في طهران، التحدث علانية يوم الأحد، وكتب على تويتر أنه "لو لم يتخذ والداي قرارا بالفرار في عام 1987، لكنت (اليوم) أحد أولئك الذين يقاتلون في الشوارع وحياتي على المحك".

وأثارت وفاة أميني الغضب في إيران بسبب قضايا من بينها القيود المفروضة على الحريات الشخصية وقواعد اللباس الصارمة للنساء، فضلا عن الاقتصاد المترنح تحت وطأة العقوبات.

ولعبت النساء دورا بارزا في الاحتجاجات، وقمن بالتلويح بأغطية رؤوسهن أو حرقها. وقامت بعضهن بقص شعرهن على الملأ وسط الاحتجاجات التي تطالب برحيل الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي.

وهذه الاحتجاجات هي الأكبر التي تشهدها إيران منذ تظاهرات خرجت في 2019 احتجاجا على أسعار الوقود في 2019. وذكرت رويترز أن قمع تلك الاحتجاجات أسفر عن مقتل 1500 شخص، ما جعلها الاضطرابات الأكثر دموية في تاريخ الجمهورية الإسلامية.