1)خالد  القرقني

اشتهر بالمسيرة النضالية السياسية التي خاضها علي مدي عمره الذي امتد قرابة ثمانية عقود ولايذكر التاريخ شيئا عما اذا كانت له مشاركات في الميدان العسكري ولكن ذكره ارتبط دائما بالادوار الخطيرة التي قام بها في المجال السياسي وباعتباره يجيد اكثر من لغة غير لغته العربية من بينها التركية والايطالية والفرنسية فقد اختاره المجاهدون منذ المراحل الاولي للغزو ليكون مندوبهم في المحافل الدولية فكان هو الذي يذهب قبل سيطرة الفاشيين علي ايطاليا الي البرلمان في روما ليستقطب الاصوات المعارضة للغزو الايطالي لبلاده لاستنفارها من أجل مقاومة هذا الغزو وظل بعد انتهاء المعارضة البرلمانية يلتقي بالمعارضين الايطاليين للحكم الفاشي في سويسرا ويعقد معهم التحالفات لصالح بلاده.

بعد هزيمة العثمانيين في ليبيا رحل إلى استامبول . ثم انتقل إلى ( جدة) تاجرا، ورآه عبد العزيز، فأعجب به، فسأله كم تربح تجارتك في العام ؟ فقال : كذا، قال : أضاعفه لك وتعمل عندي. فأصبح عضوا في مجلسه الاستشاري حيث عهد اليه الاشراف علي السياسة الخارجية للمملكة وأرسله علي رأس بعثة الي اليمن لانهاء الخلاف مع امام اليمن (عام 1932)، وفي هذه الرحلة كتب ( تقريره) عن بلاد عسير. كما كان رسوله في مرحلة من المراحل إلي هتلر الزعيم الالماني وعندما نشبت الحرب في فلسطين أواخر الاربعينيات كان مبعوثة لمؤازرة الفلسطينيين وامداد المجاهدين بالسلاح. 

وبعد وفاة عبد العزيز ( 1952) عاد إلى طرابلس ( ليبيا) وأقام منقطعا عن كل عمل إلى أن توفي . وتلاحظ رسائل القرقني في ديوان الملك عبد العزيز بطول النفس فيها وكثرة الشواهد التاريخية القديمة، فهي أشبه بالأبحاث والدراسات منها بالرسائل الديوانية .

2 )البشير السعداوي

بدأت علاقة المناضل الكبير  بشير السعداوي مع مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، بعد أن انتدب رئيس المؤتمر الإسلامي الحسيني عضو اللجنة التنفيذية في المؤتمر بشير السعداوي ليسعى بالصلح بين الملك عبدالعزيز والإمام يحيى حميد الدين الذي بدأت قواته بالهجوم على السعوديين، رغم توقيع الطرفين معاهدة صداقة وحسن الجوار.

وتوجه السعداوي إلى مكة المكرمة ليجتمع بالملك عبدالعزيز ويبحثا نقض اليمنيين للمعاهدة، ويبدو أن اللقاء الأول جعل من السعداوي مقرباً من الملك بدليل أنهما أديا فريضة الحج معاً، ويذكر أن الملك عبدالعزيز ألقى للوفود الإسلامية بعد الحج شرحاً صادقاً لأسباب الخلاف مع اليمن، وطلب السعداوي من الملك عبدالعزيز قبول وساطة «المؤتمر الإسلامي» الذي يمثله السعداوي لحقن الدماء، ووافق الملك عبدالعزيز، لتبدأ المساعي الحميدة، والتقى اليمنيون بالسعوديين في الطائف، وانتهت الحرب باتفاقية معاهدة الطائف الشهيرة.

عاد السعداوي إلى دمشق، وفي يده نموذج ناجح في قدرة الحوار على حل المشكلات في العالم العربي، وبرزت فكرة إنشاء «المكتب العربي»، بعد مباحثات بين بشير السعداوي وفخري البارودي، وضم المكتب أقساماً بعدد المشكلات العربية لمحاولة حلها، بيد أن المكتب لم يكتب له الاستمرار بعد أن أغلقته السلطات الفرنسية.

،في أتون بوادر الحرب العالمية الثانية شعر العرب باقتراب تبعات الحرب إليهم، وقرر قادة الكتلة الوطنية في سورية التشاور مع المملكة العربية السعودية لاتخاذ موقف عربي إسلامي موحد تجاه الأخطار الجديدة، ووقع الاختيار على بشير السعداوي لمقابلة الملك عبدالعزيز واستشارته في ما يجب اتخاذه، انطلق السعداوي إلى جدة والتقى الملك عبدالعزيز وعرض عليه ما حمله من قادة الكتلة الوطنية، وفي نهاية المباحثات حمل أحد أنجال الملك عبدالعزيز لبشير السعداوي رغبة الملك المؤسس في تعيين السعداوي مستشاراً له، واتفق مع الملك أن يعود إلى سورية ويبلغ السوريين نصائح الملك ومن ثم يلتقي الملك في موسم الحج.

وفي نهاية شهر ذي القعدة من عام 1938 قصد بشير السعداوي مكة لأداء الحج، ومن ثم اختار الرياض وجهة له ليعمل مستشاراً عند الملك عبدالعزيز الذي استطاع خلال فترة حكمه صناعة بطولة عربية في سبيل وحدة بلاده.

بعد انتقال السعداوي إلى الرياض، ضربت موجة التأزم سورية، وشعر الملك عبدالعزيز بضرورة شد أزر الكتلة الوطنية فأوفد مستشاره السعداوي إلى دمشق، وقضى السعداوي عدة أسابيع في سورية ولبنان، ثم عاد إلى الرياض، وبدأت مهمات السعداوي بالانطلاق، إذ أرسله الملك عبدالعزيز إلى اليمن. وينسب إلى السعداوي مقولة «كتاب كريم من ملك عظيم»، عند قراءة رسالة الملك عبدالعزيز إلى الإمام يحيى.

ويشير الدكتور محمد الدغيم في بحثه «بشير السعداوي.. سيرة رجل وسيرة أمة» إلى قصة وقعت لمستشار السعداوي، بعد أن وصل إلى اليمن وقضى 52 يوماً في المباحثات مع إمام اليمن وتبليغه بكتاب الملك عبدالعزيز، إذ هم السعداوي بالرجوع إلى الرياض بعد حصوله على جواب من الإمام يحيى، ولم يتمكن الوفد من مغادرة اليمن بالسيارة، فاقترح الإيطاليون نقل السعداوي ببارجة إيطالية، «فاعتذر السعداوي وكتب إلى جلالة الملك يخبره بعدم إمكانية صعوده إلى بارجة إيطالية بسبب حكمهم عليه بالإعدام، فعرض الإمام اليمني أن يكتب إلى موسوليني ليصدر عفواً عن السعداوي، لكن السعداوي رفض ذلك وأعرب للإمام يحيى عن اعتباره حكم الإعدام شرفاً كبيراً له، وهو يرفض العفو من طاغية يحتل بلاده، وإزاء ذلك الموقف استأجرت المملكة باخرة قامت بنقل السعداوي والبعثة إلى جدة، ومنها تابعوا طريقهم إلى الرياض».

بعد وفاة الملك عبدالعزيز استأذن السعداوي الملك سعود أن يتفرغ لتحرير بلاده وتوحيدها، وبعد موافقة الملك سعود شكل السعداوي هيئة تحرير ليبيا، ودخل الحياة السياسية في بلده. واللافت عندما استطاع صناعة قاعدة جماهيرية، أبعد بشير السعداوي من ليبيا بحجة أنه يحمل جوازاً أجنبياً (سعودي). وقضى السعداوي ما تبقى من حياته في بيروت حتى توفي 1957، وفي 1973 نقل رفات السعداوي إلى طرابلس ودفن بمقبرة الشهداء، نظير عمله النضالي في نصرة القضايا العربية.

3) طارق الإفريقي

كان الملك عبدالعزيز قد سمع عن هذا الرجل وعرف أخباره وعندما عزم على إنشاء الجيش السعودي، فكر في شخصية عسكرية موثوقة تتولى الترتيب لتولي النواة الأولى للجيش الذي شكله بعد انضمام الحجاز إلى بقية المملكة.. وكان ذلك الجيش بسيطاً وقد وكل أمره إلى قائد يعرفه حق المعرفة هو صديقه سليمان شفيق باشا أحد الضباط الذين تولوا ولاية عسير في العهد العثماني وكان القائد سليمان شفيق باشا قد استبقاه الملك عبدالعزيز في الحجاز، وطالبه بتكوين الدفعة الأولى من الجيش السعودي غير أن الشيخوخة قد أدركت الجنرال وتقدمت به السن فتنحى عن العمل واعتذر من صديقه الملك عبدالعزيز عن المواصلة، فما كان من الملك عبدالعزيز إلا أن كتب إلى صديقه الزعيم السوري الوطني الرئيس شكري القوتلي قبل أن يتولى منصب الرئاسة يستشيره في أن يستقدم القائد طارق الإفريقي لأداء مهمة تأسيس رئاسة أركان الحرب في الجيش الذي يزمع إنشاءه، فأطراه شكري القوتلي، كما أشار إلى استقامة الرجل وشخصيته العسكرية البارزة وأشار إلى جهاده وخوضه غمار الحروب، وقدم ذلك القائد إلى المملكة، وتولى تدريب الألوية العسكرية وتسلم رئاسة أركان حرب الجيش.. فكان له أثره الذي لا ينسى في تاريخ تطور الجيش السعودي من حيث إعادة فتح المدارس العسكرية وسن النظم والرتب العسكرية وظل كذلك يخدم في تكوين هذا الجيش الذي شب وترعرع بفضل ذلك النفر من المحاربين القدماء وعلى رأسهم الملك عبدالعزيز، حتى أصبح هذا الجيش اليوم -بحمد الله- قوة نظامية ضاربة وأصبح قطاعات وشعباً وأسلحة مختلفة.. كلما تذكرناها ونظرنا إلى تفوقها، ترحمنا على المؤسس الأول الملك عبدالعزيز، وعلى كل من شارك وساهم في بناء هذا الجيش.. ذلك المؤسس العظيم الذي رأى بثاقب رأيه مجاراة تطور التسلح فلم يتردد ولم يتوان في غرسه حتى آتى ثماره بعد أن كان يعتمد في فجر حياته على جيش الجهاد المكون من الحاضرة والبادية، وظل ذلك الجيش يؤدي واجباته حتى سنة 1348هـ.

لقد بدأ الملك عبدالعزيز في تأسيس هذا الجيش بتشكيل عسكري بسيط ربطه بقائد الأمن العام عبدالعزيز بغدادي، ثم استقدم بعض الضباط من أقاليم عربية أخرى مثل العقيد محمد مراد الاختياري الذي وضع أسس التشكيلات العسكرية الإدارية.. كما استقدم نبيه العظمة من سوريا فاستمر في إدخال التحسينات الممكنة في قطاعات الجيش يساعده القائد الشهيد فوزي القاوقجي تم كل ذلك قبيل سنة 1358هـ وهو العام الذي استقدم فيه الزعيم طارق الإفريقي وعين في رئاسة أركان الحرب، وعين في تشكيلات الفرق المدرعة، وهي الفرقة التي ألحقت بعد إتمام تدريبها في الحرس الملكي في الرياض.. كما ساهم في تشكيل الفرقة الأولى للفرسان، ووحد الزي العسكري والشارة العسكرية المميزة.