منذ إندلاع أحداث 2011 ،تشهد ليبيا وضعا أمنيا و سياسيا شديد التعقيد حيث أمسى الحكم للمجموعات المسلحة حيث راهنت مؤسسات الدولية الرسمية على غطاء هذه الميليشيات ليضعف حضور الدولة و هيبتها حيث أصبح الوضع الأمني رهين مزاجية المجموعات المتصارعة من أجل النفوذ و السلطة.

العاصمة الليبية طرابلس مثلت قلب رحى هذه الصراعات حيث تصاعدت وتيرتها في شهر سبتمبر الماضي لتسفر عددا مهما من القتلى و الجرحى لتنتهي إلى هدنة و وقف إطلاق نار على أسس غير متينة.

تجددت خلال هذا الأسبوع موجة الصراعات بين المجموعات المسلحة لكن السؤال المطروح على أي أسس تدور معارك طرابلس و هل تغيرت خارطة التحالفات هناك ؟

من ذلك،أعلنت قوة حماية طرابلس، الخميس، أنها لن تنفذ أوامر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني إلا بعد اجتماعه وإصدار قراراته بكامل أعضائه التسعة، وذلك حتى انتخاب رئيس للدولة وسلطة تشريعية.

وطالبت قوة حماية طرابلس، في بيان لها على صفحتها الرسمية بفيسبوك، المجلس الرئاسي، الذي وصفته بالمتصارع، بتوضيح موقفه من الاشتباكات الجارية في منطقة قصر بن غشير جنوب طرابلس.

واتهم البيان أطرافا داخل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق "بالكيل بمكيالين، ودعم دعاة وداعمي الحرب لأسباب مختلفة، منها الداخلي والخارجي والأيديولوجي والمصلحي" موجهة اتهاما مماثلا للبعثة الأممية بالغرق والتخبط في سياستها الأمنية الخاصة بليبيا.

وأضافت قوة طرابلس أن "هناك أطرافا محددة وواضحة بعينها في تورطها بالحرب على طرابلس من داخل مواقع مسؤوليتها في حكومة الوفاق والمجلس الرئاسي" في إشارة إلى وزير الداخلية فتحي باشاغا.

ووصفت القوة ردود الفعل الرسمية بالمرتعشة تجاه عدوان "مليشيا اللواء السابع، مجهول الهوية والتبعية" الذي جدد هجومه، الأربعاء، على العاصمة طرابلس حسب البيان.

وتساءل البيان عن مصدر تمويل اللواء السابع من ترهونة، وحصوله على الأسلحة، وهوية مقاتليه، والشخصيات السياسية والعسكرية من ليبيا وخارجها التي تقف خلفه.

وارتفعت حصيلة اشتباكات جنوب العاصمة التي اندلعت، الأربعاء، إلى عشرة قتلى و41 جريحا، حسب بيان لوزارة صحة حكومة الوفاق الوطني.

في نفس الإطار،ندّد نجل الزعيم الراحل معمر القذافي، سيف الإسلام، بالاشتباكات المسلحة التي تشهدها العاصمة طرابلس، ودعا إلى ضرورة التعجيل بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، لإنهاء هذه الفوضى.

وهذا أول تعليق من سيف الإسلام القذافي، على الأحداث الأمنية في بلاده منذ سقوط نظام والده عام 2011 وخروجه من السجن في صائفة عام 2017.

وقال محمد القيلوشي، مساعد سيف الإسلام وعضو فريقه السياسي، في تصريح لـ"العربية.نت"، إن "سيف الإسلام يطالب بضرورة التعجيل في موعد إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وفتح المجال أمام الشعب الليبي لكي يختار حكومة وقيادة قادرة على توحيد المؤسسات وإنهاء حالة الفوضى ووقف العنف والاقتتال".

يرى مراقبون أن إشتباكات طرابلس تجرى بدوافع سياسية و ذلك نظرا لقرب عقد المؤتمر الوطني الجامع حيث تسعى كل الأطراف المتصارعة لإثبات قوتها على الأرض تمهيدا لطرح قوتها السياسية على طاولة المفاوضات السياسية خاصة و أنه يرجح أن تقام الإنتخابات هذه السنة.

هذا المناخ الأمني المتوتر والذي يأبى الإستقرار لا يمهد بالضرورة لخلق أرضية سياسية ملائمة لعقد إنتخابات تمهّد لعملية إستقرار طويلة المدى.

خلف هذا الصراع وضعا إنسانيا كارثي لسكان طرابلس،حيث تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي صورا لبيوت مهدّمة في ضاحية قصر بن غشير من جراء القتال الحالي، فيما لم يتأكد إن كان سكان تلك المنازل كانوا بداخلها أم غادروها قبل انهيارها.

وقال سالم المعداني، عضو المجلس البلدي في قصر بن غشير، إن العدد المقدر للنازحين من المنطقة حتى الآن يبلغ 243 أسرة، أغلبهم أطفال ونساء، فيما قررت غالبية الأسر أن يبقى أحد أفرادها في المنزل لحمايته من النهب.

وأضاف المعداني، أن حركة النزوح لم تتوقف حتى صباح أمس، بسبب توسّع دائرة القتال، وتخوّف الأهالي من القذائف العشوائية، رغم تحوّل القتال إلى مواجهات متقطعة، وتراجع حدّته.