تحركت العديد من القوى الدولية لفرض وجودها في الساحة الليبية تحت ذريعة الجهود الساعية إلى حل الأزمة العصية والوصول بالبلد الممزق إلى حالة من التوافق ترسخ السلام والأمن فيه. ومثلت روسيا إحدى أبرز القوى الدولية حضورا في الساحة الليبية، وترافق هذا الحضور مع تساؤلات حول دورها السياسي في ليبيا خاصة في ظل سعي المجتمع الدولي للتوصل لتسوية سياسية تنهي مسلسل الفوضى في البلاد.

و أعلن رئيس مجموعة الاتصال الروسية لتسوية الأزمة الليبية، ليف دينجوف، الجمعة، أن بلاده ستواصل جهود الوساطة بشأن التسوية السلمية للوضع في ليبيا وأنه لا يوجد طريق آخر سوى الحل السلمي للأزمة.

وقال دينجوف لوكالة "سبوتنيك":"الجانب الروسي يعمل كوسيط منذ البداية، كما يعلم الجميع، لقد عملنا لفترة طويلة على بناء علاقات جيدة مع جميع أطراف النزاع. نحن لا ندعم أي طريقة أخرى غير التسوية السلمية لهذا الصراع".

وفي إجابة على سؤال عما إذا كانت روسيا ستواصل جهود الوساطة، قال دينغوف: "هذا صحيح تماما. في السابق، دعمنا موقف المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة. ونحن لا نتخلى عن نوايانا".

من جانبه،طالب نائب رئيس قسم تخطيط السياسات في وزارة الخارجية بحكومة الوفاق "حسن الصديق"روسيا بلعب دور أكبر في التسوية الليبية، لاسيما أنها إحدى القوى العظمى ولها تأثير على الطرف الآخر في حل الأزمة.

وقال الصديق، في تصريحات لوكالة "سبوتنيك"الروسية، على هامش مؤتمر "البحر المتوسط: حوار روما""لسنا متأكدين من الموقف الروسي وما إذا كان يمكنها أن تصبح وسيطًا في التسوية الليبية، لكن بالتأكيد نود أن يكون لروسيا دور أكبر كوسيط وكمؤثر على الطرف الآخر".

وحول مؤتمر برلين المقرر انعقاده خلال شهر فبراير المقبل بشأن الأزمة الليبية، طالب بأن يكون للشركاء الدوليين أكثر من الليبيين، ويجب أن يمهد الطريق لليبيين للقاء بعد ذلك.

واعتبر أن مؤتمر برلين الفرصة الوحيدة في الوقت الراهن لحلحلة الأزمة الليبية، في ظل الافتقار إلى المبادرات الدولية بعد 9 أشهر من الحرب، قائلا: "لا يوجد استعداد من المجتمع الدولي للتدخل ووقف هذه الحرب، ليس لدينا خيار آخر، هذه هي المبادرة الوحيدة المطروحة حاليا، والتي يدعمها المجتمع الدولي، لذلك كل آمالنا معلقة على نجاحها".

من ناحية أخرى،أبدت الولايات المتحدة الأمريكية انزعاجها من حضور روسيا المتنامي في الصراع الليبي، بينما نفت روسيا، الأربعاء الماضي، المزاعم الأميركية، في خطوة قد ترفع من حدة التوتر بين البلدين، وتجعل من ليبيا مسرحاً جديداً للمواجهة بين أميركا وروسيا.

فيما وصف المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف في مؤتمر صحافي، اليوم الأربعاء، اتهامات الخارجية الأميركية لروسيا بزعزعة الاستقرار في ليبيا من خلال نشر شركات عسكرية خاصة هناك، أنها "أخبار زائفة لا أساس لها من الصحة"مشيراً إلى أنّه "لا يحق للكثير من الدول من الناحية الأخلاقية، الحديث عن زعزعة استقرار الوضع في ليبيا بعد أن دمروها بأفعالهم التي تنتهك القانون الدولي".

في ذات الصدد،وقال لافروف - فى تصريحات لوكالة أنباء أسكانيوس الإيطالية،  الخميس - إن "السياسة الروسية فى ليبيا مسؤولة للغاية، وليس لها بعدا جيوسياسيا وتضع المصالح الليبية فى المقدمة.. نحن لا ننحاز لأى طرف من أطراف الصراع فى ليبيا وسياستنا فى حل الأزمات، سواء فى الشرق الأوسط أو فى مناطق أخرى من العالم، تعتمد - بشكل ثابت - على مبدأ الحوار الوطنى الشامل لإيجاد حلول وسط وتستند إلى القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولى ذات الصلة".

وأوضح وزير الخارجية الروسي أن موقف موسكو ثابت وعلنى بشأن الأوضاع فى ليبيا، حيث نعمل على مساعدة الليبيين فى التغلب على الفوضى التى سقطت فيها بلادهم قبل 8 سنوات بسبب تدخل حلف شمال الأطلسي غير المشروع.

وتابع "نسعى لاستعادة السلام والأمن فى جميع أنحاء ليبيا لتحقيق التنمية المستدامة، وهذه هى الطريقة التى يتعين أن يُنظر من خلالها إلى مستقبل ليبيا ليس من جانبنا فحسب، بل ومن جانب المجتمع الدولى بأسره".

من ذلك،يرى مراقبون أن أن أسباب القلق الأميركي من التواجد الروسي في ليبيا مرده التنافس على النفوذ في ليبيا وفي العالم، حيث يعتبر كل بلد أن ليبيا من ضمن مناطق نفوذهما، موضحاً أن أميركا لا تبحث الحصول على مصالح واتفاقيات اقتصادية من ليبيا، بقدر ما يهمها حرمان الروس من مناطق نفوذ جديدة في العالم، ومنع عودتهم إلى ليبيا من جديد، بعد انتهاء تأثيرهم فيها عقب سقوط نظام الزعيم الراحل معمر القذافي.

وتأتي هذه المواجهة الأميركية الروسية في ليبيا، قبل أسابيع من استضافة العاصمة الألمانية برلين، مؤتمراً يجمع الأطراف الدولية المؤثرة في الملف الليبي، لبحث حل سياسي ينهي الصراع القائم في البلاد، سيكون لأميركا وروسيا حضور بارز فيه.