ارتفع عدد المصابين بالفيروس إلى 17 مصابا، منهم حالة وفاة، بعدما سجلت ليبيا أول إصابة في 24 آذار لمواطن ليبي عاد من السعودية. وكانت قررت حكومة الوفاق الوطني مؤخرا الإفراج عن 466 سجينا ضمن خطتها لمواجهة تفشي الفيروس.

واتخذت السلطات في شرق وغرب ليبيا منتصف الشهر الماضي قرارات لمواجهة خطر الفيروس أهمها إغلاق المنافذ البرية والبحرية ثلاثة أسابيع وتعطيل الدراسة، إلى جانب فرض حظر التجول لمدة 17 ساعة يوميا.

هذا الواقع يحتّم النظر في تداعيات هذا الفيروس الذي يستثني أحدا على دولة تعيش وضعا إستثنائيا منذ سنة 2011،حيث أطلق الإطار الطبي والعاملون في قطاع الصحة بليبيا، صيحة فزع، لعدم جاهزية السلطات لمواجهة فيروس كورونا في البلاد، وتقصيرها في الحفاظ على الصحة العامة، وتحدثوا عن المصاعب التي تعترضهم في التعامل مع حالات الإصابة بالنظر إلى النقص في التجهيزات والمعدات الطبية اللازمة.

وقال الطبيب إدريس القايد من العاصمة طرابلس، إن كل ما يقال عن شراء تجهيزات قادرة على تشخيص الإصابة بفيروس كورونا ومعدات طبية لحماية الأطباء واستقبال المرضى هو مجرد كلام لا يعبر عن الواقع الحالي الرديء لقطاع الصحة في ليبيا.

وأشار القايد إلى أن الحرب الدائرة ترفع درجة خطورة الإصابة بكورونا في البلاد إلى 60-70 بالمئة، فضلا عن الكثافة السكانية بأغلب المدن الليبية، خاصة العاصمة طرابلس والتقارب الكبير بين الناس والعائلات خاصة النازحين الذين يعيشون في ملاجئ مزدحمة، قائلا "كورونا في ليبيا ستوّحدنا أو ستقتلنا"، داعيا إلى ضرورة وقف الصراع وتخصيص الجهود لمكافحة "كورونا".

هذا الوضع يزداد تعقيدًا مع تواجد مراكز احتجاز المهاجرين واللاجئين، الساعين إلى العبور إلى أوروبا، بؤر أخرى التي   تثير القلق في ليبيا.

في ذات الصدد،تقول صفاء مسيهلي، المتحدثة باسم المنظمة الدولية للهجرة، للإندبندنت إن 1500 مهاجر على الأقل محتجزون في مراكز اعتقال رسمية، وهي قذرة وضيقة. وأضافت "مصدر قلقنا الأكبر هو مراكز الاعتقال غير الرسمية التي تديرها الميليشيات والمهربون، فلا يمكننا الوصول إلى هؤلاء الأشخاص".

من جانبها،دعت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة، رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ستيفاني ويليامز، طرفي الحرب الدائرة منذ قرابة عام على أطراف العاصمة طرابلس، إلى "الوقف الفوري للعمليات العسكرية"، وتفعيل الهدنة الإنسانية، التي دعت إليها مجموعة كبيرة من الدول، والبعثة والأمين العام للأمم المتحدة.

وفي أول حوار صحافي لها منذ توليها منصبها، تحدثت ويليامز إلى "الشرق الأوسط" عن مستقبل العملية السياسية في ليبيا، وتداعيات فيروس كورونا على البلاد إذا ما استمرت الحرب. بالإضافة إلى مستقبل "المسارات الثلاثة"، التي قطعت فيها البعثة الأممية شوطاً كبيراً خلال اجتماعات بين القاهرة وجنيف.

أوضحت ستيفاني أن الأولوية القصوى الآن "وقف الاقتتال، وتفعيل هدنة إنسانية من أجل التركيز على محاربة انتشار فيروس كورونا، الذي قد تكون له آثار مدمرة على ليبيا في حال استمرت الحرب، وفور انحسار خطر فيروس كورونا، أو فور تمكننا من عقد اجتماعات، مع المحافظة على سلامة المشاركين وموظفي البعثة، سوف نستكمل مسيرة الحوار الليبي - الليبي بمساراته الثلاثة بشكل مباشر، أما الآن فإن التواصل مع الفرقاء الليبيين يتم أيضاً عن بُعد". موضحة في هذا السياق أنه سوف يعقد اجتماع للجنة المتابعة الدولية، التي انبثقت عن قمة برلين حول ليبيا، عن بُعد الخميس المقبل عبر تقنية الفيديو.

من ناحية أخرى،تتعاظم مخاوف أطراف الصراع من أزمة كورونا، في سياق تصاعد الأزمة الاقتصادية الداخلية، في ضوء إغلاق موانئ وحقول النفط قبل أكثر من شهرين، ما خفض من الإنتاج، وأدى لخسائر بلغت قرابة 3.3 مليارات دولار، وفقًا للمؤسسة الوطنية للنفط. وتعمقت أزمة القطاع النفطي الليبي مع تراجع الأسعار العالمية مؤخرًا إلى ما دون الثلاثين دولارًا، ما خفض تقريبًا ثلث ميزانية حكومة الوفاق في عام 2020، فضلًا عن الركود الذي بدأ يصيب الاقتصاد العالمي إثر إغلاق الدول لحدودها، وتباطؤ التبادل التجاري بعد أزمة كورونا.