أثار الاتفاق العسكري الموقَّع بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني الليبية اعتراضات واسعة على المستويين الداخلي والإقليمي العربي، إذ يمثل أي جانبٍ يتعلق بالتسليح في الاتفاق خرقاً لقرارات مجلس الأمن بفرض حظر السلاح على ليبيا.

واستبقت تركيا مؤتمراً دوليا مرتقبا حول المسار السياسي في ليبيا المزمع تنظيمه قريبا في برلين، بتوقيع اتفاق عسكري مع حكومة فايز السراج، معلنةً أن "الوفاق الوطني" وقَّعت اتفاقاً عسكرياً جديدا   معها.

وأثارت اتفاقية التعاون الأمني والمناطق البحرية التي وقعها أردوغان مع السراج، استياء محليا وإقليميا، خاصة أن المادة الثامنة من اتفاق الصخيرات السياسي بشأن ليبيا والموقع في عام 2015 التي تنص على أن مجلس الوزراء ككل وليس رئيس المجلس منفردا يملك صلاحية عقد اتفاقات دولية، حيث إن الاتفاق تم توقيعه بشكل شخصي ولا أثر له على منظومة تعيين الحدود البحرية في منطقة شرق المتوسط.

في هذا السياق أعلنت الحكومة الليبية المؤقتة رفضها القاطع لهذا الاتفاق، واعتبرت، في بيان لها، أن الاتفاقية تمثل غطاء من الوفاق لتحقيق مآرب أردوغان عبر إيجاد موطئ قدم في ليبيا. وشددت على عدم شرعية الاتفاقية لكونها تتطلب مصادقة مجلس النواب المنتخب في. كما وصف البرلمان الليبي، في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، الاتفاق المبرم بين حكومة الوفاق والنظام التركي بأنه "خيانة عظمى".

وتثير أنقرة أزمة في شرق البحر المتوسط حول حقوق التنقيب وتجاوزاتها المتكررة في هذا الشأن، لذا أثار الاتفاق حفيظة الجانب اليوناني، ما دفع أثينا إلى استدعاء السفير الليبي السبت، لطلب معلومات عن مضمون الاتفاق، وفق مصدر دبلوماسي يوناني.

وقال المصدر لفرانس برس إن أثينا أعربت عن "استيائها"من هذا الاتفاق وطلبت من سفير ليبيا "تزويدها معلومات"في موعد أقصاه الخامس من ديسمبر/كانون الأول تحت طائلة "طرده".

وبينما تقول السلطات التركية، إن الاتفاق الجديد "يهدف لحماية حقوق البلدين، النابعة من القانون الدولي".

في هذا الصدد،يرى مراقبون أن الهدف من الاتفاقيات هو التوغل التركي داخل الأراضي التركية، حيث تنص الاتفاقية على السماح لتركيا بدخول المياه الإقليمية والأجواء الليبية، دون الحصول على إذن مسبق.

واتفق وزراء خارجية مصر سامح شكري واليونان نيكوس دندياس وقبرص نيكوس خريستودوليدس على عدم وجود أي أثر قانوني للإعلان عن توقيع الجانب التركي مذكرتيّ التفاهم مع فايز السراج.

وقال أحمد حافظ المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، إن الوزير سامح شكري، أجرى اتصالا هاتفيا بكل من نظيريه اليوناني والقبرصي واتفقوا على أنه لن يتم الاعتداد بهذا الإجراء لكونه يتعدى صلاحيات رئيس مجلس الوزراء الليبي، وفقاً لاتفاق الصخيرات، فضلاً عن أنه لن يؤثر على حقوق الدول المشاطئة للبحر المتوسط بأي حال من الأحوال.

هذا الإتفاق جاء في وقت يسعى فيه سلامة لتنظيم مؤتمر دولي حول ليبيا في برلين وخصوصا لوقف التدخلات الأجنبية وتطبيق الحظر الأممي على الأسلحة المعلن في 2011.

وصرح، الجمعة، في مكتبه بتونس "نلاحظ أن الأسلحة تأتي من كل مكان"مؤكدا أنه يجب الإصرار في برلين على أن تكون لجنة العقوبات الأممية "أكثر فاعلية".

وقال سلامة إن مؤتمر برلين الهادف إلى إعطاء "تغطية دولية لاتفاق محتمل بين الأطراف الليبية"يتوقع أن يعقد مطلع العام 2020 موضحا أنه قد تتم دعوة دول أخرى للمشاركة فيه. وسيعقبه اجتماع بين الأطراف الليبية "على الأرجح خلال النصف الأول من يناير"في جنيف.لكنه تدارك وقال إن "الطريق لا يزال مليئا بالعقبات والتعقيدات".

في وقت سابق،كشف أردوغان، في يونيو (حزيران) الماضي، أن تركيا "تزوِّد حكومة الوفاق الوطني بأسلحة"، معتبراً أن هذه المعدات العسكرية سمحت لطرابلس "بإعادة التوازن" في مواجهة قوات الجيش الليبي خليفة حفتر.

في نفس الإطار قال المحلل السياسي الليبي عبد الحكيم معتوق المتحدث باسم الحكومة سابقاً، "الإعلان عن هذا الاتفاق سيكون له نتائج عكسية، ستحفّز الجيش على أن يزحف بقوة أكبر نحو ما تبقى من جيوب تتحصّن بها حكومة الوفاق في طرابلس، وسيزيد من دعم الشارع لعمليات الجيش الوطني بعدما أعلن أردوغان أنه سيرسل مزيداً من الأسلحة إلى ليبيا بما يهدد بإطالة أمد الصراع".

وأضاف، في تصريحات صحفية، "نحن الآن أمام متغير خطير يتطلب الحسم السريع، لأنه إذا تمكّن الأتراك من إرسال مزيد من السلاح أو المقاتلين فسوف تتسع رقعة المعارك، ويطول أمد الأزمة، والجيش لن يعطي أردوغان هذه الفرصة".