في بداية ستينيات القرن الماضي، قام العلامة  الموريتاني الشيخ المختار بن باب بن حمدي، المتوفى سنة 1986،  بتأليف نظم في المناسك سماه: “دليل سالكي مذهب مالك على المناسك”، يزيد على ألف بيت، فصل فيه بشكل مستوعب وشامل أحكام الحج والعمرة على مذهب الإمام مالك رحمه الله، كما عقد بابا لآداب زيارة النبي صلى الله عليه وسلم.

ووفق مقال لموقع « تكنت » فإن  المؤلف وضع شرحا على نظمه، حل به ما عقده في النظم، ونقل فيه نصوص الأمهات بألفاظها، وقد سمى هذا الشرح: “مرشد الناسك على مصادر دليل سالكي مذهب مالك على المناسك”.

يقول في مقدمة كتابه عن سبب تأليفه: “وذلك لقلة العلماء في بلادنا، وقلة من يستفتيهم عن أحكام العبادات، وأحرى عن أحكام الحج، فأكثر الحجاج يقول إن التفقه في أحكام الحج هنا لا ينفع الحاج هناك، متكلا على تقليد المطوفين، وقل أن يكون مطوف مالكيا في هذا الزمن، وإذا قلد مالكي مطوفا مخالفا له في الفروع ربما فعل ذلك المطوف ما يبطل الحج، أو يوجب الدم، أو ينقص الأجر في مذهب المالكي، وليس كذلك في مذهب المطوف”. ثم ساق رحمه الله تعالى أمثلة كثيرة على ذلك.

ويعتبر هذا الكتاب أول مؤلف موريتاني يتناول أحكام الحج بالاستيعاب والشمول، بعد أن لم يكن هذا الباب مطروقا لدى الفقهاء الموريتانيين لأسباب عبر عنها العلامة المحقق المختار بن ابلول  في تقريظه لهذا الكتاب بقوله: (…لشدة بعد البلاد غربا من الحرم وفقر أهلها وعدم الأمن فيما مضى، عكس الأحوال الآن فقد تفضل الله تبارك وتعالى بالأمن والمال وأنعم بهذه المراكب السريعة جوا وبرا وبحرا…).

ويقول في تقريظه أيضا العلامة المؤرخ الراحل المختار بن حامدن : (… وإذا كان لميسر محنض بابه السهم المعلى من بين شروح خليل لأسلوبه واعتماده على الكتاب والسنة ونصوص أمهات المذهب المالكي، فلهذا الكتاب السهم المعلى كذلك من بين الكتب المؤلفة في مناسك الحج لحسن أسلوبه واعتماده على الكتاب والسنة ونصوص المالكية، وإذا كان مراقي السعود وشرحه نشر البنود لسيدي عبد الله العلوي أول كتاب ألف في هذه البلاد في أصول المالكية، فإن كتاب الأستاذ المختار بن باب أول كتاب استوعب أحكام الحج على مذهب مالك في هذه البلاد، فهو ثالث ثلاثة لكل واحد منها السهم المعلى في موضوعه وهي كما قلنا: نشر البنود والميسر ومرشد الناسك، وما شر الثلاثة هذا الأخير…).

وقد آثر المؤلف  في هذا الكتاب –كعادته- سهولة العبارة ووضوح المعنى على إيراد المحسنات البديعية لتقريبه وجعله في متناول الجميع، يقول فيه:

ولِلبديعِ كلِّهِ بذا النِّظَامْ ** تَرَكْتُ كالتنسيقِ ثم الاِنسِجامْ

والسجعِ والتدبيجِ والتعديدِ ** وصورِ الجناسِ والترديدِ

بلْ هو مشحونٌ من التضمينِ ** حُبَّا لِلاِيضاح وللتبيينِ

وهذا كما يقول العلامة المختار بن ابلول في تقريظه: (.. وهو مقصد أقرب إلى الإخلاص لأن الثاني محل نظر الخلق، وتعليم الشريعة وتقريبها محل نظر الخالق عز وجل…).

وقد سلم الكتاب، نثرا ونظما، عدد من علماء البلد، نذكر منهم بالإضافة إلى المذكورين آنفا: العلامة الإمام بداه ولد البصيري، والعلامة نافع ولد حبيب ولد الزايد، والعلامة القاضي حامد ولد ببها والعلامة القاضي لمام ولد اشريف، والعلامة محمد سالم ولد المحبوبي، والعلامة عبد الحي ولد التاب، والعلامة القاضي عبد الله ولد امين، والعلامة القاضي ابين ولد ببان، وأجلاء غيرهم.

وقد قام تلميذ المؤلف فضيلة القاضي حامدن ولد محمذن باب رحمه الله في صيف سنة 1984 بإخراج نسخ محدودة من هذا الكتاب، مرقونة على الآلة الكاتبة، مع نظم في حجة من منع السفر للحج في الطائرة والرد عليه بجوازه، لنفس المؤلف.

كما قام أحمد سالم ولد باب بتحقيقه في رسالة تخرجه من المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية خلال السنة الجامعية 2003/2004.