لا شيء يوحي بقرب حلول عيد الإضحى أو "تاباسكي" كما يصطلح على تسميته باللهجة المحلية في كوت ديفوار..

ففي مسلخ "بورت بويي" الواقع بالقسم الجنوبي من أبيدجان، بدت الحركة طبيعية، وخالية من تلك الجلبة التي تترافق عادة مع حلول المناسبات.. غير أنّ جولة في أحياء المدينة، سرعان ما ستفنّد الصورة الأولى، لتترك المجال لأخرى مغايرة تماما، فالمنافسة كانت على أشدّها بين باعة المواشي، وهم يحاولون استقطاب أكبر عدد من الراغبين في ابتياع الأضاحي لهذا العام.. مفاوضات ومناوشات وأصوات تتعالى من هنا وهناك، لينتهي المشهد إما بفوز البائع، أو الزبون، والأخير غالبا ما يحظى بشفقة الأول، بعد أن يتلو على مسامعه سيلا ممّا يقاسيه من غلاء المشيعة وقلّة ذات اليد، بحسب شهادات متفرّقة من هذا الجانب أو ذاك.

 "موسى سيسي" من بين هؤلاء، يؤكد في حديثه مع الأناضول أنه "يحدث ان يبيع 15 خروفا في اليوم، 30 في بعض الأيام الأخرى، عندما تكون الأمور على ما يرام، لا مجال              للشكوى..."، مؤكّدا أنّ  الأمور في مجملها ليست سيئة، لكنه في المقابل يشكو من بيعه للأضاحي بسعر منخفض مقارنة بالآخرين.

"تتراوح الأسعار ما بين 50 ألف فرنك إفريقي (111.11 دولار) و 300 ألف فرنك إفريقي (666 دولار) للخروف الواحد، وقد يصل سعره إلى 400 ألف فرنك إفريقي (782.35) حينما يكون كبير الحجم".

تقنية البيع التي يعتمدها "سيسي" والقائمة على تخفيض الأسعار لجلب الزبائن، لا تلقى القبول لدى زملائه من الباعة ممن يتذمّرون من الطبع المتقشف لهؤلاء الزبائن وهم، "على ندرتهم، يطيلون التفاوض بشأن الأسعار".

"ديالو عبدولاي" يطرح الإشكال من هذا المنطلق: "يروي لنا الزبائن مشكلاتهم المالية ولكن الأمر ينطبق أيضا على التجار الذين يصطدمون بواقع السوق".

أما من وجهة نظر الزبائن، فإن الصعوبات التي يواجهها الباعة وقتية، حيث رأى "أحمد"، والذي التقت به الأناضول على عين المكان، أنّ الأوضاع ستتغير أياما قبل العيد "حين تلتهب الأسعار"، على حد تعبيره، مضيفا أنه ينبغي عليهم التحلي بالصبر.

وفي خضمّ ذلك المدّ والجزر، يشتكي الباعة من ارتفاع تكاليف العناية بالقطيع، بما في ذلك نفقات الغذاء والعلاج.

في "بواكي" الواقعة وسط شمالي كوت ديفوار، على بعد حوالي 371 كم من أبيدجان، غير بعيد عن الحدود المالية - البوركينية، يبدو سوق "ساكابو"، وقد طغى عليه الكساد.. ففي مختلف زواياه، يتجاذب الباعة من الشبان الإيفواريين أطراف الحديث تحت أشعة الشمس الحارقة، فيما يجري تلقيح المواشي.

وفي تصريح للأناضول، قال أحد الباعة، بلهجة متثاقلة أنّ مبيعاته اليومية من المواشي  تتراوح ما بين 5 إلى 6 خرفان.

الطقس كان حارا في ذلك اليوم، وقد توسطت الشمس كبد السماء، حين وصل "موسى" الذي يدير أحد المقاهي رفقة صديق له إلى السوق بغية شراء أضحية العيد.. وبعد مفاوضات   طال أمدها، تمكن من الحصول عليه مقابل 70 الف فرنك إفريقي (155 دولار) بعد أن كان اقترح على البائع سعر 65 الف فرنك إفريقي (144 دولار).

ويعلق الزبون على ذلك قائلا: "أسعارهم لا تشجع على الشراء...من المؤكد أنها ستنخفض مع قدوم دفعات أخرى من الخرفان".

 "سيسي سامبا" أحد باعة سوق "ساكابو" اعتبر من جهته أن: "الخروف مثل اليورو، قيمته غير مستقرة، نحن الباعة لا نرغب في رفع الأسعار ولكنها ارتفعت في كل من مالي             وبروكينافاسو"، معدّدا  المصاريف التي يتكفل بها تجار المواشي من "تكاليف التنقل وصولا إلى إيجار الشاحنة، مرورا بتسديد نفقات الجمارك على الجانب المالي" .

عند المساء، تنطلق عملية تجميع الخرفان. هنا ، يأمل الجميع في أيام أكثر إشراقا مع اقتراب حلول عيد الإضحى، بخطى حثيثة.