مع إطلاق الجيش الليبي عملية عسكرية في المنطقة الغربية نحو تحرير العاصمة الليبية طرابلس وتطهيرها من الميليشيات المسلحة التي تسيطر عليها منذ سنوات،تصاعدت محاولات مناوئي الجيش للتشويش على عملياته العسكرية وعرقلة تقدمه نحو بسط سيطرته واستعادة سلطة الدولة ومحاولة تشويهه بشتى الطرق.

الى ذلك،انتهت في ساعة مبكرة من صباح أمس أزمة انقطاع مياه الشرب عن العاصمة الليبية طرابلس،ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين ليبيين،الثلاثاء، أن إمدادات المياه لسكان طرابلس البالغ عددهم 2.5 مليون شخص عادت بعد يومين من قطع خط الإمداد بفعل مسلحين لتتفادى بذلك العاصمة الليبية حدوث عجز كان من الممكن أن يتسبب في أزمة إنسانية.

ومن جهته،أعلن جهاز تنفيذ وإدارة مشروع النهر الصناعي انتهاء أزمة قطع المياه عن العاصمة طرابلس مؤكدا إصدار التعليمات بالبدء بإعادة تشغيل الآبار والمضخات الرئيسية لتتدفق المياه لتغذية كافة المدن.

وأكد الجهاز عبر صفحته بموقع "فيسبوك" انتهاء أزمة إيقاف ضخ مياه النهر الصناعي والبدء في العملية التشغيليه لآبار حقول المياه بمنظومة الحساونه سهل الجفاره وفتح صمامات التحكم بمحطة الضخ بالشويرف لتتدفق المياه ق من جديد لتغذية مدينة طرابلس والمناطق المحيطه بها ومدن الجبل الغربي عبر المسار الأوسطمشيرة إلى أنه ستصل خلال ساعات المياه إلىكافة المدن والمشاريع الزراعية والصناعية.

ويعد النهر الصناعي العظيم أضخم مشروع أقيم في العالم لنقل المياه الجوفية من الصحراء إلى المدن والمناطق الزراعية. ويبلغ طول شبكة الأنابيب الممتدة في هذا النهر حوالي 4000 كم، فيما يبلغ عدد الآبار المحفورة في محيطه نحو 1300 بئر. ويمثل النهر رئة ليبيا المائية التي تغذيها بحوالي 60 في المائة من المياه، لكنه يواجه ومنذ العام 2011 خطراَ داهماَ بسبب الحرب والفوضى وغياب الاستقرار الأمني.

وعصفت خلال اليومين الماضيين أزمة المياه بالعاصمة الليبية وكادت أن تتسب في كارثة انسانية كبيرة.حيث أقدم مسلحون على قطع خط إمدادات المياه الرئيسي إلى طرابلس مما زاد من معاناة السكان الذين يكابدون الحياة بالفعل وسط القتال المستمر منذ أسابيع والمخاطر الأمنية المتصاعدة.

وقال جهاز تنفيذ وإدارة مشروع النهر الصناعي إن مجموعة من المسلحين أغارت على إحدى محطات المشروع، وهو شبكة خطوط لنقل المياه الجوفية من الصحراء القاحلة إلى كامل المدن الليبية. وأجبر المسلحون الموظفين على إغلاق الخطوط في المحطة الواقعة على بعد 400 كيلومتر جنوبي طرابلس.

ولقيت الحادثة تنديدا كبيرا،وأعرب الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، عن بالغ قلقه من توقف ضخ المياه من حقول آبار المياه،إلى العاصمة الليبية طرابلس.وقال دوجاريك في مؤتمر صحافي من نيويورك،الاثنين:"وفيما يتعلق بليبيا زملاؤنا قلقون للغاية من وقف إمدادات المياه إلى طرابلس، وهو ما أثر على حياة مليوني نسمة".وأشار إلى أن الموظفين تركوا الموقع خوفا على حياتهم.

من جهتها، قالت الأمم المتحدة إن الحصار المائي جريمة حرب محتملة، حيث أدانت منسقة الشؤون الإنسانية في ليبيا ماريا ريبيرو، في بيان لها مساء أول من أمس، بشدة إيقاف ضخ مياه النهر الصناعي.

فيما أعربت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، عن إدانتها واستنكارها الشديد حيال قيام مجموعة مسلحة خارجة عن القانون ، بإغلاق منظومة النهر الصناعي في موقع الشويرف وإجبار العاملين على قطع إمدادات المياه عن مدينة طرابلس وبعض المناطق الغربية والوسطى.

وأكدت اللجنة في بيان لها أن قطع إمدادات المياه والوقود والاحتياجات الأساسية والمعيشية والطبية والإغاثية والإنسانية للسكان المدنيين بمناطق النزاع والتوتر أثناء حالات النزاع المسلح والحرب، واستخدامها كأحد أدوات الحرب بهدف تجويع السكان المدنيين، يمثل جريمة حرب بموجب ما نص عليه القانون الدولي الإنساني.

وفي محاولة لاستغلال الأزمة،سارعت حكومة الوفاق،الى اتهام الجيش الوطني الليبي بقطع إمدادات المياه الرئيسي، في محاولة قالت إنها "تستهدف فرض حصار مائي على طرابلس". واعتبرت في بيان لها مساء أول من أمس، أن قوات الجيش "تحاول تعطيش العاصمة التي يسكنها قرابة 3 ملايين نسمة، في حدث غير مسبوق في تاريخ ليبيا".

وأعلنت وزارة الداخلية بحكومة السراج، أن مجموعة مسلحة، يقودها المدعو خليفة إحنيش، قطعت خط تزويد العاصمة طرابلس بالمياه، في محاولة للضغط على الحكومة من أجل إطلاق سراح أحد أشقائه (إحنيش)، المعتقل على خلفية قضية جنائية وانتمائه، إلى جماعة محظورة، مشيرة في بيان لها إلى أن شقيقاً ثالثاً للشخص نفسه يعتبر هو المسؤول عن عملية خطف أربعة أجانب من الفلبين وكوريا الجنوبية قبل نحو عام في جنوب غربي البلاد.

في المقابل،اتهم الجيش الوطني في بيان، أصدره مساء أول من أمس المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة، جماعة الإخوان، التي وصفها بـ"نذالة بلا حدود"، بإغلاق الصمامات من أجل بقائها في السلطة غصباً عن الليبيين. وأكد المركز في بيان سابق آخر أنه "لا يمكن للقوات المسلحة أن تستخدم الأساليب الرخيصة، وأن تحجب المياه عن طرابلس، رغم ما تقوم به الميليشيات من تفتيش لأهالي ترهونة وغريان، والمدن الواقعة في نطاق تواجد القوات المسلحة، ومنع البنزين والغاز وحتى التموين... هذه أفعال تقوم بها الميليشيات".

وفي تطور جديد،ينسف اتهامات حكومة الوفاق التي وجهتها للجيش الليبي،ظهر أبوالقاسم احنيش المسيطر على محطة الشويرف للنهر الصناعي،في فيديو مسجل نشرته وسائل اعلامية،بعث خلاله برسالة لآهالي طرابلس حول أسباب ودوافع قيامه بإقفال منظومة النهر وضخ المياه نحو طرابلس، وإعادتها من جديد.

وقال احنيش إن قبوله بإعادة ضخ المياه تم بناء على طلب من أخيه المبروك السجين لدى حكومة الوفاق منذ نحو عامين، والذي سمحت له جهات ذات سلطة بينهم عميد بلدية طرابلس للتحدث مع الرائد أبوالقاسم عبر الهاتف، لإعادة ضخ المياه للعاصمة.وأضاف احنيش إنه لا علاقة لنا بأي قوة في الشرق أو الغرب، وهو أمر عائلي قبلي -على حد تعبيره-، وأنه يحق لنا كل شيء من أجل إطلاق سراح "المبروك" ومن معه من أسرى من الجنوب.

وأكد احنيش عدم تبعيته لأي طرف غير شقيقه المبروك، مطالبا بإطلاق سراحه فورا، وأن قرار إغلاق منظومة النهر جاء نتيجة لعدم وفاء الوفاق بوعودها ولأنها اتهمتهم بمرتكبي جريمة حرب.ونفى احنيش أي علاقة له بالجيش الوطني كما قالت حكومة الوفاق في كلمتها أمام مجلس الأمن واتهام السراج للجيش بتعطيش طرابلس، مؤكدا أن الاعتصام تم بشكل سلمي، وأن جميع العاملين والآلات في أمان، ومشددا على ضرورة إطلاق سراح شقيقه.

ويرى مراقبون،حكومة الوفاق سعت الى استغلال أزمة المياه في محاولة لتشويه الجيش الوطني الليبي،وتأتي هذه المحاولة في اطار محاولات سابقة قادها تيار الاسلام السياسي المسيطر على حكومة الوفاق والمليشيات الموالية له لتشويه الجيش والتي وصلت حد استهداف المدنيين والصاق التهمة بالقوات المسلحة على غرار القصف الصاروخي العنيف على حيي ابو سليم والانتصار السكنيين في جنوب العاصمة منتصف أبريل الماضي.

وتزايد ارتباك جماعة الاخوان أمام انتصارات الجيش الوطني الليبي المتتالية وتحريره للمنطقة الشرقية بالكامل من قبضة التنظيمات المتطرفة برغم الدعم الذي كانت تتلقاه هذه التنظيمات من جماعة الاخوان. ولم تكفّ الجماعة عن محاولات عرقلة تقدم الجيش الليبي في معركة تطهيره للجنوب خلال الأشهر الماضية، من الارهاب والعصابات الاجرامية وشنت حملات تشويه كبيرة لكنها لم تفلح في عرقلة تقدم القوات المسلحة الليبية.

ويرى الكثير من المتابعين للشأن الليبي، أن وقوف تيار الاسلام السياسي، وفي مقدمته جماعة "الاخوان"، ضد انتصارات الجيش الليبي، كشف النوايا المشبوهة لهذه الفئة ودعمها للتنظيمات الارهابية التي تنشر الفوضى في البلاد. وباتت كل مخططات المجموعات المنتمية إلى الإسلام السياسي في ليبيا وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين مكشوفة لدى الشعب الليبي الذي أدرك أن هذه التنظيمات لا تحاول إلا السيطرة على الحكم وتنفيذ مشروعها التخريبي في المنطقة.