يعتبر ملف الإقتصاد في ليبيا من أكثر الملفات الحارقة التي تؤرق الرأي العام خاصة و أنه على إرتباط مباشر بالحياة اليومية للمواطن الليبي.

يتأثر هذا الملف خاصة بالوضعية الأمنية التي تشهد حالة من اللاإستقرار منذ الإطاحة بالزعيم الراحل معمر القذافي فضلا عن تواصل مسلسل تجميد الأرصدة الليبية في عديد الدول الغربية في ظل غياب حلول قانونية.

إقتصاد الحرب

أدت الصراعات المسلحة في ليبيا إلى فراغ امني فاقم من نشاط التجارة غير الشرعية ونمو ما يعرف باقتصاد الحرب الذي أدى إلى إزدهار الأنشطة الإقتصادية الموازية.

وأكدت دراسة أعدها المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية بعنوان (الاقتصاد الليبي في مرحلة ما بعد الحرب) أن الصراعات السياسية الحاصلة في ليبيا أدت إلى إضعاف الدولة الرسمية ونشاط القطاع الخاص مما سمح بظهور لاعبين جدد في اقتصاد الحرب.

وأشارت إلى أن الصراعات المسلحة وما رافقها من اضطراب سياسي وأمني فتحت أبواب الثراء السريع لفئة جديدة من الليبيين خصوصاً في مناطق سيطرة التشكيلات المسلحة.

وبحسب الدراسة تشمل قائمة الأثرياء الجدد تجار المشتقات النفطية والسلع الغذائية والعقارات والعملة إلى جانب الكثير من المسؤولين والاشخاص المتحصلين علي اعتمادات رسمية وبعض موظفي الضرائب والجمارك والموانئ والمنافذ الجمركية والبرية.

وأكدت الدراسة أن بيئة الصراعات المسلحة تدمر الأسواق التنافسية والتجارة النظامية وتفتح المجال لازدهار أعمال التجار غير الشرعيين الذين يجنون الاموال وفي نهاية المرحلة يحافظون على معدل ادخار مرتفع غالبا ما يقومون بتحويله الي الخارج.

وحذّرت الدراسة من أن بعد تحقيق الاستقرار الامني والسياسي ستبقى الشكوك لدي المستثمرين الاجانب حول نوايا الاستقرار وهو ما يثني المستثمرين عن المغامرة في البلد لا سيما في ما يتعلّق بالاستثمارات في الأصول الثابتة وغير السائلة.

وأوضحت الدراسة بأنه من دون تطوير القطاع الخاص سيبقى من المستبعد حدوث إعادة إعمار أو تحقيق أي استقرار اجتماعي واقتصادي بعد انتهاء النزاع ولا يمكن أن نتوقع من القطاع الخاص الأولي أن يعيد النمو ودفعه مباشرةً بعد حل النزاع.

الأموال المجمدة

سجلت قضية الأرصدة الليبية المجمدة في بلجيكا تطورات جديدة، بعد أن نقلت محطة إذاعة بلجيكية عن مصدر مقرب من الملف قوله: "إن الحكومة البلجيكية لعبت دورًا في تمويل الميليشيات الليبية المسؤولة عن الإتجار بالبشر". وذكرت إذاعة "آر تي بي إف إم" اليوم الاثنين، حسب المصدر الذي اشترط عدم كشف هويته، "إن فريقًا تابعًا لها أجرى تحقيقًا حول المسألة، وجمع معلومات حصرية وخطيرة"، وأضاف أن الحرب الأهلية في ليبيا أدت إلى أزمة هجرة كبرى. ووفقًا لهذا المصدر القريب من عناصر الأمن السريين، فإن دور بلجيكا ليس محايدًا في هذه الحالة.

ونقلت عنه قوله: "على مدار 7 سنوات، يتضح أن فصائل الميليشيات الليبية حصلت على جميع الأسلحة التي يحتاجونها. وبعض الدول تسلحهم علنًا، لكنهم وجدوا أيضًا الأسلحة بوسائل أخرى"، مضيفًا: "كانت هناك قضية أو اثنتان مرتبطتان بطائرات قد توقفت في مطار (أوستند) البلجيكي محملة بالأسلحة نحو ليبيا".

في نفس السياق،طالب عضو مجلس النواب عبد السلام نصية المؤسسة الوطنية للاستثمار أن تسارع بالتحرك من أجل تحديد مصير فوائد الأموال الليبية المجمدة المفرج عنها من قبل بلجيكا، داعيًا النائب العام إلى تكليف قاضٍ للتحقيق في الملف.

وأضاف نصية، في تغريدة له على حسابه في تويتر أمس الأحد قائلاً:"مرةً أخرى نحن لا نريد معلومات عن كيف أفرجت بلجيكا عن فوائد الأموال الليبية المجمدة وما قانونية ذلك، نحن نريد أن نعرف أين ذهبت هذه الأموال وكيف تم التصرف فيها".

مستقبل واعد

في ظل العتمة التي تحوم حول الإقتصاد الليبي يبزغ بصيص أمل حيث قال خبراء في اللجنة الحكومية الدولية لمكتب اللجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة، إن ارتفاع أسعار النفط عاد بالفائدة على الاقتصاد الليبي بتسجيل فائض بنسبة 2.2% سنة 2017.

وبخصوص تطور مؤشر التنمية البشرية في ليبيا، بعد أن كانت تتصدر الترتيب خلال العشرية الأولى لسنوات الـ2000 عرفت ليبيا تراجعًا هامًا في مجال التنمية البشرية، ما يدل على أن التطور ليس مستمرا ولا مضمونا بالضرورة، وأن الأزمات يمكن أن تقلب الأوضاع رأسا على عقب، وفق تعبير بن حموش.

في الإطار ذاته،عبّر أحمد معيتيق عضو المجلس الرئاسي خلال حضوره الاحتفالية التي أقامتها الشبكة العالمية لريادة الأعمال ليبيا بمناسبة اختتام اسبوعها العالمي عن أمله في أن يرى القطاع الخاص منتعش من خلال المشروعات الصغيرة التي تكبر شيئا فشيئا طالما هناك الرغبة لتطويرها،مشيدا بدور الشباب القادرين على الابداع والتغير لتحقيق المبادرات عملا ملموساً على أرض الواقع.

وشدد عضو المجلس الرئاسي على أن ليبيا دولة واعدة وكل المشاريع التي تقام فيها سيكتب لها النجاح