باتت دائرة الضوء مؤخرا مسلطة على الجنوب الليبي، الذي يعد منطقة تزداد توترا يوما بعد يوم ويغب عنها الإستقرار منذ سنوات، خاصة بعد أن ازداد توغل الجماعات المتطرفة والعصابات الأجنبية التي تعمل في تهريب السلاح والوقود والهجرة غير الشرعية،وتمارس النهب والخطف ما زاد الوضع سوءا. 

وتدور منذ أيام رحى مواجهات حامية بين عناصر تنظيم "داعش" من جهة، وقوات الجيش الليبي المتمركزة في الجنوب الليبي من جهة أخرى،والتي بدأت عقب الهجوم الذي شنه "داعش"، على بلدة "تازريو" فى الجنوب الشرقي، ما أسفر عن سقوط عدد من الضحايا بين قتيل وجريح وخطف آخرين.

فلول "داعش"

كشف الجيش الوطني الليبي، عن تعقب فلول تنظيم داعش في صحراء مدينة الكُفرة بجنوب شرقي ليبيا،وقال الناطق باسم القيادة العامة للجيش، العميد أحمد المسماري،في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس، إن منطقة الكفرة العسكرية "لا تزال تطارد الإرهابيين في عرض الصحراء"، مشيراً إلى أن فلول التنظيم تبحث عن ملاذات آمنة في الكهوف الجبلية، بعيداً عن ضربات سلاح الجو، والقوات المسلحة العربية الليبية.

وتبنى تنظيم داعش مسؤولية هجمات متعددة على بلدات في جنوب البلاد، منذ انسحابه إلى الصحراء بعد خسارته مدينة سرت الساحلية، معقله الرئيسي عام 2016.وآخر هجماته،كانت على بلدة تازربو في صحراء الجنوب، يوم 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي،حيث قتل التنظيم 9 أشخاص، وأصاب 10 آخرين، وخطف مسلحوه عدداً من رجال الشرطة والمدنيين.

وعقب الهجوم، أعلن آمر منطقة الكُفرة العسكرية، العميد بلقاسم الأبعج، أن الجيش تمكن من دحر وطرد فلول بقايا "الجماعات الإرهابية" المتطرفة لأكثر من 400 كيلومتر عن البلدة. وقال الأبعج لوكالة الأنباء الليبية، إنه "ليست هناك فرصة أخرى للتنظيم المتطرف لتكرار هجماته على القرى والبلدات الواقعة (في شرق البلاد) تحت حماية القوات المسلحة.

ولفت الأبعج، إلى أن الخسائر التي تكبدتها عناصر التنظيم المتسللة خفية للبلدة في معركتها الأخيرة مع قوات من الجيش في تازربو أدت إلى تراجع قدرات التنظيم المالية والعسكرية. وكانت عناصر التنظيم هاجمت نقطة للشرطة في بلدة الفقهاء بجنوب ليبيا، وقتلت 4 أفراد، كما خطفت عدداً من قوات الشرطة.

وأصبح داعش يشكل خطرًا كبيرًا على الجنوب الليبي، لأنه  يطمع في السيطرة عليه وتأسيس قاعدة له في تلك المنطقة.ويشير مراقبون إلى أن التنظيم الإرهابي يستطيع أن يشن هجمات متكررة على دول الشمال الأفريقي، من الجنوب الليبي لهذا فهو يستميت على تلك المنطقة، فضلًا عن رغبة داعش في  تأسيس شبكة كبيرة لتهريب السلاح والاتجار بالبشر.

المعارضة التشادية

وفي غضون ذلك،تتواصل تحركات العناصر الأجنبية في الجنوب الليبي،وعلى رأسها قوات المعارضة التشادية،التي تتخذ من الأراضي الليبية مسرحا لتنفيذ أنشطتها داخل ليبيا وخارجها.

وأفادت تقارير إعلامية، بأن مجموعة من عناصر المعارضة التشادية، قامت فجر الإثنين الماضي، بالسيطرة على عدة مواقع في مدينة "سبها"، بعد أن تسللوا على شكل مجموعات بآلياتهم العسكرية.وقامت هذه المجموعات بالسيطرة على موقع مبنى مصنع المشروبات الغازية سابقا والذي يقع في مدخل المدينة باتجاه الشمال بطريق تمنهنت على بعد خمس كيلو مترات.

وكذلك تمت السيطرة على مقر كتيبة المغاوير سابقا وهي تقع ايضا  بإتجاه طريق طرابلس عن طريق تمنهنت والتي تقع جنوب شرق مدينة سبها.كما تمت السيطرة على مقر ومبنى فندق الجبل والذي يقع على بعد مسافة عشره كيلو مترات باتجاه الجنوب الشرقي لمدينة سبها باتجاه طريق أوباري مرزق.

ونقل موقع "إرم نيوز"،عن الناشط السياسي من الجنوب الليبي صقرالزوي أن "المعارضة التشادية بقيادة التبو سيطرت على عدة مواقع حيوية في سبها".وأشار الزوي،إلى أن "ما يجري جزء من مؤامرة لتقسيم الجنوب، كاشفا عن مقتل  200 ليبي وإصابة 70 آخرين بإصابات خطيرة ، حتى الآن؛ وذلك لـ"إفشال هذا المخطط، وسنواصل" على حد وصفه.

وتتهم ليبيا العناصر التشادية بالمشاركة في عمليات الخطف والابتزاز للمواطنين والأجانب.وفي أكتوبر الماضي،أدان مجلس النواب الليبى انتهاك المعارضة التشادية لحرمة التراب الليبى بتواجد قواتها فى مناطق الجنوب الليبى وممارستها لعمليات النهب والخطف والقتل.طالب القيادة العامة للقوات المسلحة الليبىة بتقديم التعزيزات والدعم اللازم لتطهير تراب الجنوب الليبي من دنس هذه العصابات الإجرامية.

ويمثل وجود هذه العناصر التشادية إضافة إلى العناصر الإرهابية،في مناطق الجنوب الليبي خطرًا حقيقيًا، لا سيما في ظلّ استغلالها للوضع الأمني المتردي في تنشيط وتوسيع عملياتهم الإجرامية،وهو ما يزيد في تأزيم الأوضاع في هذه المنطقة التي تعاني التهميش والفوضى منذ سنوات. 

وتتصاعد حالة السخط والغضب،في مناطق الجنوب الليبي الذي يعيش حالة من البؤس بسبب عدم مده بالخدمات الأساسية، واستمرار تهميش مطالب سكانه وتواصل غياب السلطة المركزية.ويخشى المتابعون للشأن الليبي،أن تتجه المنطقة نحو مزيد من الفوضى والخروج عن القانون مع تفشي التهريب وازدياد الهجرة الإفريقية وتنامي نفوذ الجماعات المتطرفة.