وجه رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، أحمد حمزة، رسالة إلى أطراف النزاع الليبي بضرورة وقف الاقتتال وتجنيب الأبرياء ويلات الحروب والنزاعات المسلحة التي كان ولازال لها الآثار والتداعيات الكارثية على الأبرياء والأطفال والشيوخ والنساء والعجزه، قائلا "أنظروا إلى الأوضاع المأسوية التي يمر بها أبناء وطنكم  جراء هذه الحرب، كما نتمنى من جميع أطراف النزاع المسلح الإصغاء إلى صوت الحكمة".

جاء ذلك خلال حوار أجرته بوابة أفريقيا الإخبارية مع رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، أحمد حمزة، لتسليط الضوء على الأوضاع الإنسانية في ليبيا وحقوق المدنيين خلال أوقات الحروب والنزاعات.

وفيما يلي نص الحوار: 



بداية كيف تقيم الأوضاع في طرابلس فيما يتعلق بالمدنيين؟

منذ اندلاع المواجهات المسلحة في مناطق النزاع والتوتر بجنوب وجنوب غرب مدينة طرابلس ومحيطها ترتب عليها تردي للأوضاع الإنسانية والمعيشية للسكان المدنيين في المدينة ناهيك عن تصاعد حجم المخاطر والتهديدات التي تمس حياة وسلامة المدنيين بالإضافة إلى حدوث حالات نزوح وتهجير قسري للسكان فقد بلغ تعدد النازحين والمهجرين من مناطق النزاع والتوتر بجنوب وجنوب غرب طرابلس والعزيزية وقصر بن غشير قرابة الـ 120 ألف نسمة مما فاقم من حجم المعاناة الإنسانية للسكان مع انقطاع الكهرباء لساعات طويلة جدا، وكذلك انعدام الخدمات الأساسية وانقطاع المياه عن المدينة التي يقطنها قرابة الاثنين مليون نسمة وانعدام السيولة النقدية، وبشكل عام التقييم للأوضاع الإنسانية في مدينة طرابلس تعد كارثية على الصعيد الإنساني. 



إلى أي مدى نجحت "هدنة طرابلس" في تخفيف معاناة المدنيين خلال عيد الأضحى وما هي نتائجها؟

بنسبة 50 % أسهمت الهدنة الإنسانية بمناسبة عيد الأضحى المبارك في التخفيف من حدة المعاناة الإنسانية وخففت من حجم المخاطر والتهديدات التي تمس حياة وسلامة المدنيين بالمدينة، وأعطت الفرصة للمواطنين أن يعيشوا أجواء العيد في وضع أمن نسبيا بعيدا عن أصوات المدافع والصواريخ والرصاص الذي يثير مخاوف السكان، بالإضافة إلى أنها كانت اختبار حقيقي على مدي قدرة إلتزام جميع أطراف النزاع المسلح وأطراف الأزمة السياسية في ليبيا على القدرة على وقف الاقتتال والمواجهات المسلحة.

 ويمكن أن يتم التأسيس على هذه الهدنة الإنسانية حتي وان كانت هش, ووقعت فيها بعضا من الخروقات من هنا وهناك الا انه يمكن التأسيس عليها في مبادرة لوقف إطلاق النار والتهدئة، وأتمنى أن تسعى البعثة الأممية لدي ليبيا والأطراف الليبية والإقليمية والدولية الداعمة لجهود وقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة الحوار والمفاوضات فيما بين أطراف النزاع المسلح إلى تبني مقترح لوقف إطلاق النار في طرابلس ووضع آليات لوقف إطلاق النار وخطوط التماس وآليات مراقبة وقف إطلاق النار وآليات التعامل مع أي خروقات وتحديد مناطق التهدئة وخفض التصعيد، على أن تترافق مع هذه الخطوة خطوة مباشرة الحوار و المفاوضات فيما بين أطراف النزاع المسلح وأطراف الأزمة السياسية في ليبيا، والعمل على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار ولحل سياسي شامل للازمة الليبية والعمل على توحيد المؤسسات السيادية الليبية وتوحيد المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية في ليبيا وتهيئة الظروف المناسبة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في البلاد.


ماذا عن الوضع الانساني في محاور القتال في طرابلس؟

الأوضاع سيئة للغاية والسكان المدنيين يعانون الأمرين في ظل فشل الحكومة ولجنة الأزمة بطرابلس على الإيفاء بإلتزاماتهم الإنسانية في توفير الاحتياجات الإنسانية الطارئة والأساسية للسكان.


هل لديكم احصائيات أو أرقام حول الأضرار والخسائر البشرية والمادية والاقتصاديّة الناتجة عن الاشتباكات؟ 

حجم الخسائر المادية كبير للغاية ويصعب الآن تقدير حجم الأضرار التي لحقت بممتلكات المواطنين جراء القصف الصاروخي العشوائي بالأسلحة الثقيلة والأحياء التي تحولت إلى ساحات قتال ويتحصن بها كلا طرفي النزاع المسلح، ناهيك عن أن حجم الخسائر البشرية من ضحايا ومصابين وجرحى في صفوف المدنيين جراء القصف الصاروخي العشوائي بالأسلحة الثقيلة على الأحياء والمناطق المدنية السكنية والأهداف المدنية بمناطق النزاع والتوتر فقد بلغ 136 قتيل في صفوف المدنيين من بينهم ( 13عنصر طبي و24 سيدة و31طفلا ) وبلغ عدد المصابين والجرحى في صفوف المدنيين قرابة (256 جريح ومصاب). 


وماذا عن الوضع الصحّي في العاصمة طرابلس؟ 

القطاع الصحي في طرابلس منهار ويعاني من سوء الخدمات حتى ما قبل الحرب في طرابلس وزداد تردي وسوء مع حجم فشل وزارة الصحة في توفير الخدمات الصحية والطبية للمواطنين ناهيك عن أن المواطنين الليبيين في طرابلس بدأو  يلجأون إلى العيادات والمصحات الطبية الخاصة من أجل الحصول على خدمات صحية وطبية جيدة وعدد كبير من المواطنين يضطرون إلى السفر لتونس ومصر والأردن لتلقي العلاج والتشخيص لحالاتهم الصحية، مما فاقمَ من حجم معاناة المواطنين الليبيين جراء انهيار النظام الصحي في ليبيا. 


ما دور المنظمات الحقوقية في أوقات الحروب والنزاعات؟

بالدرجة الأولى يكون الدور الرئيسي للمنظمات الحقوقية في أي بلد يشهد حالات نزاع مسلح وحرب أهلية هو الرصد والتوثيق وتقصي الحقائق للانتهاكات والجرائم اللانسانية التي ترتكب بحق الأبرياء والمدنيين جراء هذا النزاع المسلح والعمل على متابعة وتقييم الوضع الإنساني للسكان المدنيين، بالإضافة إلى تقييم حالة ووضع حقوق الإنسان ومدى إلتزام جميع أطراف النزاع المسلح وكذلك مدى الإيفاء بالتزاماتهم الإنسانية والقانونية اتجاه ضمان سلامة وحماية السكان المدنيين وتأمين إيصال المساعدات الإنسانية والطبية والإغاثية الطارئة.

 بالإضافة إلى تأمين الممرات الإنسانية لإجلاء المدنيين العالقين بمناطق النزاع والتوتر، وضمان سلامة وحماية أسرى الحرب وضمان حماية وسلامة فرق الإسعاف والطوارئ والهلال الأحمر في القيام بمهام عملهم الإنساني وعدم استهدافهم أو عرقلة مهمة عملهم الإنساني.

 كما نعمل على التواصل مع جميع أطراف النزاع المسلح من أجل التأكيد على جملة التوصيات السابقة الذكر والدعوة بين الفترة والأخرى إلى وقف إطلاق النار والتهدئة ووقف نزيف الدماء وتجنيب الأبرياء ويلات الحروب والنزاعات المسلحة التي كان ولازال لها الآثار السلبية والتداعيات الكارثية على الأبرياء الذين يدفعون وحدهم ثمن هذه الحرب وما سبقها من حروب في عموم البلاد من سنوات، وما نرغب التأكيد عليه هنا هو أن حجم سلطة المؤسسات والمنظمات الحقوقية هي سلطة أدبية وأخلاقية وإنسانية بحته وليس لديها السلطة الإلزامية لأن حدود سلطاتها هو المراقبة والتقييم والرصد والتوثيق وإحالة البلاغات للسلطات القضائية المعنية بشأن إجراء التحقيقات وتحديد هوية الجناة وملاحقتهم وضمان تقديمهم للعدالة ومحاسبتهم، وكذلك العمل على إصدار التقارير والبيانات الدورية التي يتم من خلال تقييم الأوضاع الإنسانية وحالة حقوق الإنسان في البلاد.


وهل نجحت المنظمات الليبية في أداء هذا الدور؟ 

عدد من المنظمات الحقوقية وليس جميعها نجحت إلى حد ما في أداء مهام عملها الإنساني برغم من حجم التحديات والمخاطر الأمنية التي تهدد حياة وسلامة المدافعين عن حقوق الإنسان في مثل هكذا ظروف استثنائية صعبة للغاية تحول فيها ميدان العمل الحقوقي والإنساني إلى حقل ألغام نظرا لحجم المخاطر المحدقة بالمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء المدنيين.


ما أبرز المعوقات التي تواجه المنظمات الليبية وتحول دون القيام بدورها؟

الموارد والإمكانيات التقنية والفنية التي تساعد في مسألة الرصد والتوثيق وتقصى الحقائق فيما يتعلق بالانتهاكات والجرائم التي ترتكب بحق الأبرياء والمدنيين، بالإضافة إلى التحدي الأكبر الذي يواجه كل مؤسسات الدولة الليبية وهو التحدي الأمني والمخاوف والمخاطر الأمنية التي تهدد العاملين في ميدان العمل الإنساني والحقوقي والقانوني مخاطر كبيرة وكثيرا ما تم استهدافهم ووضعهم في دائرة الاستهداف.


ما هي الرسالة التي توجهونها إلى أطراف النزاع الليبي؟

رسالتنا الأولى دائما هي وقف الاقتتال وتجنيب الأبرياء ويلات الحروب والنزاعات المسلحة التي كان ولازال لها الآثار والتداعيات الكارثية على الأبرياء والأطفال والشيوخ والنساء والعجزه، أنظروا إلى الأوضاع المأسوية التي يمر بها أبناء وطنكم  جراء هذه الحرب، كما نتمنى من جميع أطراف النزاع المسلح الإصغاء إلى صوت الحكمة.