وسط حالة الصراع المتواصل في العاصمة الليبية طرابلس منذ أشهر بين قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر والقوات الموالية لحكوم الوفاق برئاسة فائز السراج،مازال الجنوب الليبي،يفرض نفسه في دائرة الضوء في ظل التطورات التي تشهدها هذه المنطة الحبلى بالأحداث الساخنة طوال السنوات الماضية التي أعقبت اندلاع الأزمة في البلاد.

الى ذلك،أعادت ليبيا، الجمعة، فتح المطار في مدينة سبها، المدينة الرئيسية في جنوب البلاد، بعد إغلاقه منذ يناير/كانون الثاني 2014 بسبب مشكلات أمنية،حيث استقبل المطار، أول رحلة لطائرة مدنية.والطائرة التي استقبلها المطار تعود للخطوط الجوية الليبية، وأقلعت من مطار بنينا الدولي بمدينة بنغازي شرق البلاد.

وأعلنت مصلحة المطارات التابعة للهيئة العامة للمواصلات والنقل بالحكومة المؤقتة،الجمعة، إعادة افتتاح مطار سبها الدولي وتدشين أول رحلة للخطوط الليبية ذهاب وعودة من مطار بنينا الدولي إلى مطار سبها الدولي.وقالت المصلحة، أن الخطوة جاءت بعد زيارة وفد مصلحة المطارات وعلى رأسهم رئيس المصلحة إمحمد الأطرش، ضمن وفد الحكومة المؤقتة الذي زار مدينة سبها وبناءً على تقرير زيارة مطار سبها الدولي في نهاية شهر فبراير الماضي الذي تم تقديمه، حيث أصدر رئيس الهيئة محمد عبدالقادر، تعليماته بخصوص فتح المطار للحالات الإنسانية بعد التنسيق مع الطيران المدني على أن تستمر الصيانة للمطار لفتحه بصفة رسمية أمام الحركة الجوية.

وفي وقت سابق الجمعة،اعلنت الخطوط الجوية الليبية عبر صفحتها الرسمية على "فيسبوك" عودة الملاحة لمطار سبها الدولي.ونشرت الخطوط الليبية صورا للمسافرين اثناء نزولهم من الطائرة القادمة من مطار بنينا الدولي في بنغازي اضافة الى صور قائد الطائرة.وبين مصدر ملاحي من مطار بنينا، أن الرحلة التي حطت بمطار سبها كإشارة لاستئناف الملاحة الجوية بالمطار الذي توقفت الرحلات منه وإليه منذ مايزيد عن خمس سنوات، مضيفا أن الرحلة الأولى جاءت على طائرة إيرباص 320 بقيادة الكابتن والمدرب عبدالله الطيرة، الكابتن محمد الحداد، وكان على متنها 93 راكب.

واجتاحت ليبيا الفوضى وانعدام الأمن العام 2011،حين تدخلت قوات الناتو مدعومة من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا لإسقاط نظام العقيد الراحل معمر القذافي واغتيال الاستقرار والأمن في هذا البلد العربي ،وكان نصيب الجنوب من ذلك أكبر.وأدت اشتباكات قبلية اندلعت بين قبيلتي أولاد سليمان والتبو قرب مطار سبها في 10 يناير 2014؛ إبان حكم المؤتمر الوطني إلى توقف حركة الملاحة بالمطار.

وأطلق الجيش الليبي في يناير الماضي عملية عسكرية انتهت بالسيطرة شبه التامة على كامل الجنوب (إقليم فزان) بما في ذلك أكبر حقول النفط (الشرارة والفيل).وساهم تدخل الجيش الليبي في تحسن الأوضاع الأمنية في المنطقة،وسارعت الحكومة المؤقتة منذ انطلاق عملية تطهير الجنوب في منتصف يناير الماضي الى رصد ميزانية للعمل على إعادة إعمار وصيانة مطار سبها.

وتأتي إعادة تشغيل مطار سبها الدولي،التي حظيت بفرحة رسمية وشعبية في سبها، للتخفيف من معاناة  المسافرين من سكان المدينة، إلى جانب المرضى والحجاج الذين كانوا يقطعون مسافات في طرق برية خطرة للوصول إلى أقرب مطار جوي.هذا إلى جانب أهمية المطار في تسهيل نقل السلع والمساعدات وازدهار حركة التجارة بالمنطقة.

وتشهد منطقة جنوب ليبيا عدم الاستقرار تحت وطأة النزاعات الأهلية، ونقص الخدمات الأساسية، وانقسامات هذه المنطقة على هامش الحياة السياسية في ليبيا.وأعادت الأوضاع الأمنية المتردية، الجنوب الليبي إلى دائرة الضوء،حيث شهدت مدينة مرزق خلال الأيام الماضية أحداثا دامية نفذتها عناصر من المرتزقة التشاديين ومجموعات متطرفة ضد سكان المدينة من العرب.

وقتل ما لا يقل عن 43 شخصا وأصيب العشرات بجروح في قصف جوي استهدف مدينة مرزق جنوب ليبيا منذ نحو أسبوعين.وقال الجيش الوطني الليبي في بيان حينئذ إن الضربة استهدفت "مقاتلي المعارضة التشادية"، لينفي بذلك اتهامات وجهتها له حكومة الوفاق بقتل المدنيين.

وجاء لك في أعقاب هجوم شنته مجموعات مسلحة من المعارضة التشادية تابعة لحسن موسى اقتحمت بلدة مرزق وحاصرت بعض الأحياء وقصفتها بالهاون والمدفعية المحمولة على السيارات.ووفقًا لصفحة المكتب الإعلامي لعملية الكرامة فإن الغارات الجوية استهدفت عدة مسلحين تابعين للجماعات التشادية المعارضة، وكذلك بعض المسلحين التابعين لبعض الجماعات الإرهابية الليبية مدعومة من حكومة الوفاق.

وسارع الجيش الليبي للدفع بقواته نحو مرزق بهدف استعادة الأمن فيها،حيث دخلت وحدات تابعة للقوات المسلحة العربية الليبية، وقوات مساندة لها الأحد الماضي إلى مدينة مرزق، في ظل ترحيب كبير من أهالي المدينة.وقال المركز الإعلامي لغرفة عملية الكرامة بالمنطقة الغربية،أن مجموعات مسلحة تابعة لتنظيم داعش، وشورى بنغازي، وعصابات من المعرضة التشادية، لاذت بالفرار وغادرت مدينة مرزق عقب وصول تعزيزات القوات المسلحة للمدينة.

فيما أعلنت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش الليبي، أن الوحدات العسكرية، التي وصلت إلى مدينة مرزق الأحد، ألقت القبض عدد من عناصر المجموعات المسلحة التي هاجمت المدينة.وبينت الشعبة عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أن الوحدات التي دخلت مرزق، تقوم بالتأمين الكامل لمدينة مرزق ، وتلقي القبض على عدد 27  عنصر تابع للجموعات المسلحة والذين وصفتهم بالمرتزقة.

وأكد الناطق العسكري للجيش الوطني الليبي أحمد المسماري الأسبوع الماضي أن "القوات المسلحة خاضت مواجهات ضد المرتزقة وتنظيم داعش في مرزق وسيطرت عليها بالكامل"، مشيرًا إلى أن القوات تسير دوريات من عدة مناطق عسكرية لتأمين الجنوب.وأضاف خلال مؤتمر صحافي أن "القوات تحاصر بقايا من فلول المرتزقة في مرزق ومقاتلات سلاح الجو مرت رتلا للمعارضة التشادية جنوب المدينة".

وارتكبت "مليشيات حماية الجنوب" عددا من الجرائم المسلحة في مدينة "مرزق" و"سبها" و"غدوة" وغيرها من المدن منذ إعلان الجيش الليبي إطلاق عملية "طوفان الكرامة" لتحرير العاصمة طرابلس في 4 أبريل/نيسان الماضي من المليشيات كنوع من تخفيف الضغط على المليشيات المتحالفة معها بعد اشتداد ضربات الجيش الليبي.

وتحاول حكومة الوفاق ومن ورائها المليشيات المتطرفة في العاصمة التأثير على الجنوب الليبي الحلقة الأمنية الأضعف في جغرافية ليبيا المطلة على 6 حدود دولية،مستغلة في ذلك طبيعته الجيوغرافية والديموغرافية، إضافة إلى الانتشار الواسع للمليشيات والتنظيمات المتطرفة ومهربي البشر والوقود والسلاح.حيث تسعى لتشتيت الجيش الليبي وادخاله في مواجهات بعيدا عن طرابلس لتخفيف الضغط على المليشيات خاصة بعد أن كثف الجيش الليبي ضرباته مؤخرا.