الحبيب الأسود

نظرة عابرة  يمكن أن تكشف مدى تغلغل الخطاب الإرهابي في المشهد الإعلامي الليبي بعد 2011، حيث تحولت  بعض وسائل الإعلام الى أدوات إجرام في حق الدولة والمجتمع، من خلال دورها السافر  في تمزيق النسيج الاجتماعي ونشر التطرف والإرهاب والكراهية، وفي خدمة مشاريع إقليمية ودولية مشبوهة على حساب مصلحة الشعب، وفي ذلك الإطار لا يزال نظام الدوحة  يسير على نهجه التخريبي في ليبيا معتمدا على وسائل عدة، من بينها تلك الأبواق الخاضعة لجماعات إرهابية مرتبطة أساسا بجماعتي الإخوان و"الإسلامية المقاتلة".

ومن بين الكيانات المصنفة إرهابية  من قبل الدول المناهضة للإرهاب، مركز السرايا للإعلام، وهو مؤسسة إعلامية تحريضية ذات مرجعية تكفيرية مرتبطة بأجندات المشروع القطري لدعم الإرهاب في المنطقة، وتعتبر من بين أبرز أجنحة مجلس شورى ثوار بنغازي الإرهابي الذي أعلن عن تأسيسه  في 20 يونيو 2014 كتجمع لميلشيات الاسلام السياسي  في مدينة بنغازي الليبية ومنها  تنظيم أنصار الشريعة  وميليشيا درع ليبيا 1 اضافة الى ميلشيا  شهداء 17 فبراير وراف الله السحاتي والعديد من المجموعات  الأخرى التي تأتمر بأوامر كل من عبد الحكيم بالحاج وعلي الصلابي ومفتي الإرهاب الصادق الغرياني.وقد عرف عن مركز السرايا للإعلام، بثه لأشرطة مصورة للعمليات الإنتحارية ولوصايا الإنتحاريين ولمشاهد تصفية عناصر من الجيش الوطني وفتاوى الإرهاب الصادرة عن الصادق الغرياني وبعض عناصر تنظيم القاعدة ممن يرتبطون مباشرة بالتحالف القطري الإخواني حتى أن بعض الليبيين أطلقوا عليه إسم مركز الرعب برعاية قطرية.

من جانبها، تمثل وكالة بشرى للإعلام الذراع الإعلامية لما يسمى بتنظيم سرايا الدفاع بنغازي الإرهابي المدعوم من قبل النظام القطري، وقد تخصصت في التحريض على القتل وبث الفتنة بين الليبيين، وبتزييف الأخبار وتزوير الوقائع ،ونشر فتاوى التكفير، وكانت سرايا الدفاع عن بنغازي قد تشكلت من فلول ميلشيات الإخوان وتنظيم القاعدة في مدينة بنغازي ممن دحرهم الجيش الوطني الليبي وإختاروا الفرار الى المنطقتين الغربية والوسطى حيث قاموا بلململة صفوفهم واستقطاب مئات المرتزقة من المعارضة التشادية المسلحة ومقاتلين من جماعات إرهابية ناشطة في مدن الساحل الغربي للبلاد كطرابلس وبنغازي.

وبحسب مصادر مطلعة، فإن التنظيم الإرهابي حصل على تمويلات من قطر وأخرى من تجار ورجال أعمال مرتبطين عقائديا بجماعة الإخوان كانوا قد فروا من بنغازي والمنطقة الشرقية الى العاصمة طرابلس حيث باتوا يشكلون مركز نفوذ مالي مهم مدعوم من الدوحة وأنقرة.

وفي أغسطس 2016 حذر  رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح  الأمم المتحدة من التداعيات الخطيرة الناجمة والمتكررة،  جراء الأفعال التي ترتكبها ما يسمى بـ “قوات سرايا الدفاع عن بنغازي”، التي ترقى لجرائم حرب .وعبر  صالح  في رسالة بعث بها إلى الأمين العام للأمم المتحدة  عن خشيته “من التداعيات الخطيرة لهذا الأمر” وقال:  "نذكر عنايتكم بما ترتكبه تلك المجموعات من أفعال إرهابية ترقى لجرائم حرب، من خلال ترويع القرى الآمنة وتخريب الممتلكات والبنى التحتية، واختطاف المواطنين الآمنين وقتل الأسرى دون وجه حق، كما أن بعض قياداته من ذوي السوابق والارتباط بجماعات متطرفة والتي تم تصنيفها دولياً كجماعات إرهابية ".

وتابع، “في الوقت الذي تشهد فيه بلادنا تطورات إيجابية نحو الاستقرار والتوافق السياسي، نود أن نلفت عنايتكم إلى أمر بالغ الخطورة؛ متمثلا في التطورات الأمنية الأخيرة، ومحاولة ما يعرف بـ “سرايا الدفاع عن بنغازي”، شن عدوان آخر على بعض الأجزاء من شرق البلاد، مستهدفة الوصول إلى مدينة بنغازي بعد نجاح جيشنا الوطني في دحرها في المرة السابقة ” .

وفي سبتمبر 2016 سيطر الجيش الوطني الليبي على منطقة الهلال النفطي، ما جعل سرايا الدفاع عن بنغازي تتحالف مع ميلشيات الاسلام السياسي في غرب البلاد، وتقوم بتكوين غرفة عمليات في منطقة الجفرة، لتقوم في مارس الماضي بهجوم على منطقة الهلال النفطي، حيث سيطرت لمدة أسبوعين على بعض المناطق قبل أن يطردها الجيش الوطني من جديد.

وأثناء تلك الأحداث 2017 أعلن  قائد مليشيا سرايا الدفاع عن بنغازي العميد مصطفى الشركسي بتبعية قواته إلى وزارة دفاع حكومة الوفاق ،وقال  إن قواته تضم أكثر من ثلاثة آلاف ضابط، وضابط صف، وجندي، فروا من بنغازي بعد رفضهم الاقرار للانقلابيين ومجرمي الحرب” في اشارة إلى عملية الكرامة التي أطلقها المشير خليفة حفتر”،   إضافة إلى الكتيبة 12 مشاة المكلفة من قبل وزارة دفاع حكومة الوفاق.

أمامؤسسة التناصح للدعوة والثقافة والاعلام، فتعتبر الجناح « الشرعي » لتحالف جماعة الإخوان الإرهابية  والجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا، وللميلشيات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة أو القريبة منه مثل مجالس شورى الثوار وسرايا الدفاع عن بنغازي والدروع التي تم تشكيلها رسميا في ظل حكومات المؤتمر الوطني العام في العامين 2012 و2013، إضافة الى منظومة فجر ليبيا الإخوانية التي قادت الأنقلاب على مجلس النواب المنتخب في يونيو 2014 بعد هزيمة الإسلاميين ،وسيطرت على العاصمة طرابلس بعد معارك دامية.

وللمؤسسة قناة فضائية تمولها قطر وتبث من تركيا ويديرها المدعو « أبو الحارث » وهو سهيل الغرياني ابن الإرهابي الصادق الغرياني مفتي ليبيا المعزول من قبل مجلس النواب في ديسمبر 2014 والذي استمر في إدارة دار الإفتاء بطرابلس تحت حماية الحكومات المتلاحقة الخاضعة لقوى الاسلام السياسي، الى جانبه عضويته لما يسمى بالإتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يتزعمه الإرهابي يوسف القرضاوي.

وقد تخصصت  القناة في التحريض على الجيش الوطني ومؤسسات الشرعية الليبية، وبث فتاوى مباشرة لمفتي الإرهاب يدعو من خلالها الى سفك دماء الليبيين، ومن على شاشتها أفتى الصادق الغرياني بإقتحام المدن والمناطق غير الخاضعة لحكم الإخوان وإعتبار الممتلكات العامة والخاصة فيها غنائم حرب للثوار، وبإعلان الحرب على المنطقة الشرقية  وإهدار دم القائد العام للقوات المسلحة المشير خليفة حفتر ،وتكفير التيارات السلفية المعادية للإسلام السياسي  والقوى العلمانية والديمقراطية، كما دعا إلى دعم ومساندة مجلس شورى مجاهدي بنغازي وسرايا الدفاع عن بنغازي بالمال والسلاح والأفراد، وبلغ به الأمر  أن أفتى بأن الحرب على الجيش الوطني أهمّ من الحرب على تنظيم داعش الإرهابي، وبأن مقاتلة أنصار النظام السابق فرض عين، وأن «من لا يشكر قطر مقامه أقل من مقام الكلب» ما أثار سخط الأغلبية الساحقة من الليبيين.

ويحمل مسؤولون ليبيون  قناة «التناصح» مسؤولية سفك دماء الليبيين في مناسبات عدة حيث حرضت على قتل المخالفين واعتبرت ممتلكاتهم غنائم لميلشيات الاسلام السياسية المرتبطة بقطر، كجماعة الإخوان والجماعة الليبية المقاتلة الإرهابيتين.وكان اسم  القناة واسم مديرها قد وردا ضمن لائحة الشخصيات والكيانات الإرهابية الصادرة عن مجلس النواب الليبي في يونيو الماضي، بينما أشار المركز الليبي لحرية الصحافة في تقريره الثاني الصادر في 15 يونيو 2017،حول "رصد خطاب الكراهية في القنوات التلفزيونية" الى أن  قناة التناصح تصدرت قائمة القنوات  الأكثر إخلالا  في تغطية النزاعات المسلحة والإرهاب، بالإضافة لتكريسها خطاب الكراهية والتحريض بنسبة بلغت 41 %.

وفي مارس 2016 تقدم  رئيس كتلة الوفاق، أبو القاسم قزيط، بدعوى قضائية ضد قناة التناصح و الإعلامي العامل فيها محمد البوسيفي  بتهمة التشهير والتحريض على العنف. وقال قزيط  إن الذين ظهروا على شاشة القناة بصفتهم ثوار الساحات، وفي مقدمتهم محمد البوسيفي  حرضوا عليه وعلى زملائه ممن اجتمعوا للتشاور من أجل تطبيق أحد بنود الاتفاق السياسي، وهو إنشاء مجلس الدولة. وأضاف قزيط أن الدعوى المقدمة تحمل رقم 172/2016، وبهذا أصبحت دعوى رسمية لدى النائب العام.

وفي يوليو 2016 أشاد ما يعرف بتنظيم قاعدة الجهاد في بلاد المغرب الإسلامي بما وصفه بالموقف الشجاع للمفتي المعزول  الصادق الغرياني من على شاشة قناة «التناصح» الداعم للتنظيم الإرهابي في حربه على الجيش الوطني.

وفي يونيو 2017 أدرج مجلس النواب الليبي مؤسسة التناصح وقناتها الفضائية ضمن قائمة الشخصيات والكيانات الإرهابية، والتي تنفذ أجندة قطرية تخريبية في ليبيا، ورداً على ذلك أشاد ما يعرف بتنظيم «قاعدة الجهاد في بلاد المغرب الإسلامي» الإرهابي بما وصفه بالموقف الشجاع للمفتي الليبي المعزول الصادق الغرياني من على شاشة قناة التناصح الداعم للتنظيم الإرهابي. وأكد المركز الليبي لحرية الصحافة في تقرير له، أن قناة التناصح تصدرت قائمة القنوات الأكثر إخلالاً في تغطية النزاعات المسلحة لمصلحة الجماعات الإرهابية، فضلاً عن تكريسها خطاب الكراهية والتحريض على العنف والقتال. وقد صنفت الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب  مؤسسة « التناصح» ومشرفها العام الصادق الغرياني ضمن قائمة العناصر والكيانات الإرهابية السائرة في فلك النظام القطري.

كما يعد الإرهابي والمتطرف عبدالباسط غويلة من أبرز المسؤولين الرسميين في مؤسسة التناصح، وقد كان غويلة مساعداً للإرهابي سلمان عبيدي، المسؤول عن الهجوم الإرهابي الذي وقع في ميدان مدينة مانشستر البريطانية في مايو  2017،  وكان مركز دراسة الإرهاب في كندا، قد كشف في 2014 عن شريط فيديو ظهر فيه عبدالباسط غويلة، وهو يدعو عدداً كبيراً من المقاتلين الإرهابيين إلى المشاركة في القتال ضد قوات الجيش الوطني الليبي، وذلك عند انطلاق عملية فجر ليبيا الإرهابية. كما أظهر عبدالباسط غويلة دعماً قوياً لجماعة أنصار الشريعة التي أصبحت فيما بعد جزءاً من تنظيم داعش الإرهابي في مدينة بنغازي، وقد قُتل ابنه يدعى أويس في عام 2016 خلال معارك ضد الجيش الوطني الليبي بالمحور الغربي لمدينة بنغازي، وكان يقاتل في صفوف تنظيم «داعش»، وأقيمت عليه صلاة الغائب في ميدان الشهداء بطرابلس، ونقلتها قناة التناصح وقناة النبأ المملوكة للإرهابي الليبي عبدالحكيم بلحاج.

ومنذ 2014 يخصص نظام الدوحة 7 ملايين دولار سنويا لقناة « التناصح » الإرهابية  التي يديرها سهيل الغرياني، وتنضوي تحت لواء ديوان الإفتاء بطرابلس تحت إشراف الإرهابي الصادق الغرياني الذي جعل من القناة منصة لإصادر الفتاوى الشاذة  أهمها الفتوى التي سمح فيها لعناصر الإخوان باقتحام  المدن والقرى الرافضة لفكر  تنظيم الإخوان، و دعا من خلالها  الليبيين إلى التطوع للقتال في صفوف الجماعات الإرهابية التي تضم ما يعرف باسم «مجلس شورى ثوار بنغازي»، وزعم أن الحرب الدائرة في ليبيا هي حرب بين الإسلام والكفر، ودعا أنصاره إلى دعم قوات فجر ليبيا المتطرفة، كما أفتى بتكفير الجيش الوطني وقآئده العام المشير خليفة حفتر، وبتحقير كل من لا يوالي قطر ونظامها.

كما أعلن الغرياني تكفير التيارات السلفية المعادية للإسلام السياسي  والقوى العلمانية والديمقراطية ،كما دعا الى دعم ومساندة مجلس ثوار بنغازي وسرايا الدفاع عن بنغازي بالمال والسلاح والأفراد، وبلغ به الأمر  أن أفتى بأن الحرب على الجيش الوطني أهمّ من الحرب على تنظيم داعش الإرهابي، وبأن مقاتلة أنصار النظام السابق فرض عين، وأن « من لايشكر قطر مقامه أقل من مقام الكلب » ما أثار سخط الأغلبية الساحقة من الليبيين.

أما قناة « النبأ» المدرجة ضمن الكيانات الإرهابية، فتعتبر كذلك أحد أهم أبواق الإرهاب القطري في ليبيا ،وهي إخبارية خاصة مملوكة لرجل قطر الأول في ليبيا  عبد الحكيم بلحاج القيادي في الجماعة الليبية المقاتلة  والمصنف إرهابيا في قائمة الدول الأربعة المناهضة للإرهاب، و محسوبة على تيار الإسلام السياسي المتشدد في ليبيا. انطلق بثها الفضائي  في اغسطس 2013 تحت إشراف الإخواني وضاح خنفر الذي تم تكليفه بعد الإطاحة بنظام القذافي، بتأطير  إعلام الجماعات الإرهابية في طرابلس،  وظلت ضمن القنوات القليلة التي تعمل في العاصمة طرابلس بعد طرد مليشيات فجر ليبيا لكافة القنوات الخاصة وإغلاقها، قبل أن تلتجيء الى الأراضي التركية حيث باتت تبث برامجها من اسطنبول.

وقد تخصصت قناة «النبأ» في التحريض على العنف وتمليع صورة الجماعات الإرهابية كتنظيم القاعدة وأنصار الشريعة وجبهة النصرة  وبتبنيها الكامل للإجندات القطرية والتركية داخل ليبيا وخارجها ،وفي 30 مارس 2016 تم اغلاق القناة إثر مداهمة مقرها  من قبل مسلحين في العاصمة طرابلس، حيث توقف بث القناة تماما بعدما ظهر على شاشتها خبر كتب فيه "عاجل: أبناء مدينة طرابلس وثوارها يوقفون قناة النبأ، قناة الفتنة والتحريض وكل من يشارك في القناة بعد فتحها سيتعرض للسؤال من ثوار المدينة".

وفي29  سبتمبر 2016 أصدرت  النقابة المستقلة للإعلاميين  بيانا أدانت فيه حالات التشهير والتحريض على العنف والكراهية التي تبث على قناة النبأ ،وأشارت الى «  كثرة البرامج غير الحيادية في القناة والتي تستضيف طرفا من أطراف الصراع في غياب الأطراف الأخرى التي تتهمها بالعمالة والخيانة والقتل كما فعل الضيف في إحدى حلقات برنامج ” بنغازي اليوم "عندما اتهم البعثة الأممية بالمساهمة في قتل المدنيين العالقين في قنفودة الأمر الذي يعد جريمة افتراء ترتكب على الهواء وتحريضا ضد البعثة".

وفي مارس 2017 توقفت قناة “النبأ” عن البث مرة أخرى  بعد تعرضها لهجوم بقذائف الأر .بي . جي، بمنطقة “زناتة” بالعاصمة طرابلس ،وأظهرت صور منتشرة لمقر القناة أشتعال النيران في المبنى، ثم سرعان ما عادت للبث من مقر بديل تحت حراسة مسلحين تابعين لتنظيم أنصار الشريعة، ومنه إنتقلت للبث من تركيا.

وفي أبريل من العام ذاته، أظهر تقرير المركز الليبي لحرية الصحافة حول خطاب التحريض والكراهية في الإعلام الليبي أن قناة النبأ تصدرت القنوات التليفزيوية، في بث خطاب التحريض والكراهية، وكشف التقرير أن عملية الكرامة جاءت في مقدمة المستهدفين بهذا الخطاب.

وفي يونيو 2017 إعتبر مجلس النواب الليبي القناة كيانا إرهابية ضمن لائحة بالشخصيات والكيانات المتهمة بالإرهاب في ليبيا.

وتعتبر قناة « النبأ» أحد أبرز أبواق الإرهاب القطري الإخواني في ليبيا والمنطقة العربية، ومؤسسها هو  عبد الحكيم الخويلدي بالحاج الذي  سافر إلى أفغانستان سنة 1988 للمشاركة في الحرب ضد القوات الروسية حيث أسس  هناك رفقة مقاتلين ليبيين آخرين ما تسمى الجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة ذراع تنظيم القاعدة في ليبيا مطلع التسعينيات ،وبعد سقوط كابول غادر بالحاج  أفغانستان، متوجهاً إلى عدة دول خصوصا 4 شملت جل إقامته هي السودان وباكستان وتركيا وقطر، قبل أن يعود  إلى ليبيا عام 1994 حيث أنطلاق في إعادة تشكيل جماعته  وتدريبها فى مناطق الجبل الأخضر الجبلية بشرق البلاد إستعدادا للاعلان عن بدء المواجهات المسلحة ضد نظام الليبي السابق ،إلا أن الإجهزة الأمنية  استبقت تحرك الجماعة الأرهابية بضرب مراكز التدريب عام 1995 وقتل أميرها في مناطق الجبل الأخضر فى ذلك الوقت عبد الرحمن حطاب واستطاع عبد الحكيم بلحاج مغادرة ليبيا والعودة إلى أفغانستان.

وفي العام 1995 نفذت الجماعة المقاتلة  أول عملية إرهابية  في مدينة درنة ( شرق )، عندما قامت مجموعة أرهابية بذبح 14 طالبا فى كلية الشرطة اثناء تمارينهم الصباحية في مرتفعات درنة، و تم تكليف اللواء عبد الفتاح يونس أنذاك بقيادة حملة أمنية وعسكرية للقضاء على جماعة بالحاج  استعمل فيها سلاح الطيران لقطع دابر الإرهابيين المتحصنين في المناطق الجبلية الوعرة، وفي يوليو 2011 تم إغتيال  يونس قائد الجناح العسكري لثورة 17 فبراير ضد نظام القذافي  إنتقاما من حربه على جماعات بالحاج في تسعينيات القرن الماضي ،ورفضه لسيطرة.

واعتقل ب بلحاج في ماليزيا في فبراير 2004 عن طريق مكتب الجوازات والهجرة بتدخل من المخابرات الامريكية ثم جرى ترحيله إلى بانكوك للتحقيق معه من قبل الأمريكيين من ثم نقل إلى ليبيا بتاريخ 8 مارس 2004.

وفي مارس 2010 أفرج عن  بلحاج ومجموعة من قيادات الليبية المقاتلة،  بعد سلسلة من الحوارات والمراجعات الفكرية بوساطة قطرية وبمشاركة فاعلة من الإرهابي يوسف القرضاوي وعدد من قيادات ما يسمى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الممول قطريا، وقاد تلك المراجعات علي الصلابي زعيم جماعة الاخوان المسلمين بليييا والمقيم في العاصمة القطرية الدوحة منذ سنوات، والذي يدير حاليا قناة « ليبيا الأحرار » التي أطلقتها قطر في 2011 كذراع أعلامية للجماعة الإرهابية المناوئة لنظام العقيد الراحل معمر القذافي.

وفي صيف 2011 قامت قطر بنقل عبد الحكيم الى قلب العاصمة الليبية لتقديمه على أنه قائد الثورة المسلحة ضد نظام القذافي، وقال الكاتب والمحلل السياسي الليبي جبريل العبيدي، أنه و في  سقوط طرابلس أظهرت بلحاج القيادي  على أنه قائد عمليات تحرير طرابلس، في حين الواقع أن طرابلس سقطت لانسحاب الكتائب الأمنية التابعة للقذافي، ونظرا لخروج القذافي من طرابلس وذهابه إلى سرت، قبل سقوط طرابلس بعدة أشهر، ولكن التضليل الإعلامي القطري اجتزأ الصورة، وأظهر بلحاج على أنه «محرر» طرابلس، في بدلة عسكرية جديدة لم تلمسها ذرة تراب واحدة؛ لأن صاحبها كان في استوديوهات الدوحة، وليس في أرض المعركة التي كانت مجرد نيران صديقة بين الميليشيات التي هاجمت مقر باب العزيزية وهي تقاتل نفسها”.

بعد سيطرته المزعومة على طرابلس وضع بالحاج يده على عدد من المصارف الحكومية، وكذلك على مبالغ مالية ضخمة كانت موجودة في مقر القذافي بباب العزيزية ،ما جعله يتحول الى صاحب مليارات من الدولارات، ومن سجين سابق الى صاحب شركة طيران وعشرات من المؤسسات الاقتصادية والعقارات وخاصة في تركيا وإسبانيا وإيطاليا ،وقد استفاد في ذلك من علاقات ساعدته قطر على ربطها مع وزير الخارجية ازمريكية أنذاك هيلاري كلينتون.

ورغم فشله وحزبه، في نيل ثقة الناخبين الليبيين في انتخابات 2012 و2014، استطاع بالحاج أن يسيطر على مفاصل العاصمة طرابلس وبعض المدن الأخرى عن طريق الميلشيات المدعوة قطر ومنها تنظيم أنصار الشريعة، والميلشيات المدعومة من الدوحة، وتنظيم القاعدة، إضافة الى استفادته من تحالفه مع جماعة الإخوان، تحت عباءة الرعاية القطرية التركية.

وكانتتقارير إعلامية ليبية كشفت أن النظام القطري خصص موازنة سنوية  ب70 مليون دولار أمريكي لتمويل القنوات الفضائية الليبية التابعة لجماعة الإخوان والجماعة المقاتلة ،مشيرة الىأن نظام الدوحة يتولى تمويل خمس قنوات تلفزيونية ليبية تبث برامجها من الأراضي التركية، منها قناتان تم تصنيفهما ضمن قائمة الكيانات والعناصر الإرهابية الصادرة عن الدول العربية الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب.وفي هذا السياق،  تحصلت قناة «ليبيا الأحرار» التي  تملكها شركة  «الريان» القطرية ويديرها حاليا سليمان دوغة على 23 مليون دولار سنويا. وكان «تنظيم الحمدين» أسس القناة في مارس 2011 لتطلق بثها من الدوحة، في إطار الحرب الإعلامية ضد النظام السابق، قبل أن يستقيل  تنتقل في العام الماضي الى البث من اسطنبول.

واستقال الإعلامي محمود شمام  من رئاسة  مجلس إدارتها في 12 يوليو 2014 بعد أن كشفت القناة عن هويتها الفكرية والسياسية بدعمها لمنظومة فجر ليبيا، وإنحيازها لجماعات الإسلام السياسي، ليعلن لاحقا عن إستقالة عدد من مذيعي ومراسلي القناة، من بينهم  الإعلاميان نبيل الحاج، ومحمد زيدان،  إلى جانب رئيس التحرير علي حامد العريبي والمنتج احمد عرابي والمحرر محمد أنور والمذيع محمد صالح ورئيس القسم الرياضي عصام حسين، كما استقال  المراسل أحمد اللبيدي، والمصورون عبدالعزيز هاشم، وخالد خميس، والمراسلة سيرين العماري. وبعد أن بدأت مسيرتها كقناة تتظاهر بأنها «مستقلة جامعة» تحولت القناة الى أحد أبرز أبواق الإخوان ومن ورائهم نظام الدوحة كما يخصص نظام الدوحة سنويا 19 مليون دولار لتمويل قناة « النبأ»، وملايين دولار سنويا لقناة « التناصح. » 

كما تحظى قناة « الرائد »  بتمويل سنوي من النظام القطري يبلغ تسعة ملايين دولار أمريكي، بعد أن أطلقت بثها لأول مرة في 16 سبتمبر 2015 من أسطنبول، ضمن ما يسمى بشبكة الرائد الإعلامية التابعة لجماعة الإخوان الليبية. وبدورها، تحصل قناة « بانوراما » التابعة لحزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوانية الليبية، على تمويل سنوي يصل الى 11 مليون دولار أمريكي.