قال رئيس الجمعية التونسية للمراقبين العموميين, شرف الدين اليعقوبي إن دراسة تعدهاا الجمعية أثبتت أن نحو 27 بالمائة من التونسيين قاموا في السنة الماضية بدفع رشوة تتراوح قيمتها بين 5 دنانير 100 دينار ، ووصف اليعقوبي هذا الرقم بالخطير وبكونه ينبئ بدخول تونس إلى مرحلة خطيرة في تفشي الفساد وهو ما يستدعي إرساء رؤية و استراتيجية فعلية لمكافحة هذه الظاهرة. 

ومن جهته ، أكد كمال العيادي الخبير الدولي في مكافحة الفساد إنّ الرشوة ساهمت في فقدان 20 ألف فرصة عمل سنويا بما يعني اضمحلال نحو 60 ألف وظيفة بتونس منذ الإطاحة بالنظام السابق 

ويجمع الخبراء على أن ظاهرة الرشوة تفاقمت في تونس في ظل تراجع هيبة الدولة وإتساع دائرة الأزمة الإقتصادية وخصوصا من حيث التضخم والغلاء ،وأن الظاهرة تشمل كل القطاعات وخاصة الأمنية والجمركية والصحية والإدارية ، ولا تستثني المجال السياسي بعد الكشف عن إلتجاء رجال أعمال الى دفع رشاو الى أحزاب سياسية من أجل رفع أحكام التجميد عن حسابتهم والسماح لهم بالسفر وعدم ملاحقتهم قانونيا بتهمة الفساد في عهد النظام السابق 

 

أرث ثقافي 

في الأثناء ، كشفت الجمعية التونسية لمكافحة الفساد استنادا لدراسة قامت بها حول نظام النزاهة في تونس، أنّ الفساد تفاقم في تونس بعد الثورة، لعدة أسباب أهمها ضعف الموارد وصعوبة المقاربة وكثرة المتدخلين من هياكل وجمعيات مع التركيز على الشكليات إلى جانب تسييس عملية مقاومة الفساد وربطها بالشعارات والحملات الانتخابية.

وأوضح مدير المعهد العالي للمحاسبة وإدارة الأعمال  كريم بنكحلة  الذي أعد الدراسة الممولة من قبل منظمة الشفافية المالية، بأنه استنادا للدراسة فقد تأكّد غياب سياسة عامة وشاملة لمكافحة الفساد رغم ما يتسم به الخطاب السياسي اليوم من تركيز على هذه الظاهرة.

كما أشار رئيس الجمعية التونسية لمكافحة الفساد  إبراهيم الميساوي  إلى وجود ارث ثقافي في مجال الفساد يحتم ضرورة وضع معايير واضحة على جميع المستويات القانونية والإدارية والاجتماعية والثقافية للحد من هذه الظاهرة، مبينا بالخصوص عدم وجود قوانين تحمي المبلغين عن الفساد رغم مصادقة تونس على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

 

العمل مقابل الرشوة

وكشفت  نتائج سبر آراء الشباب التونسي حول الفساد التي أجرتها منظمة "أنا يقظ »  غير الحكومية ،كشفت أن 80 بالمائة من الشباب يرون أن الفساد انتشر أكثر بعد الثورة في حين يرى 47 بالمائة من الشباب المستجوب أن الفساد منتشر بصفة خطيرة في تونس ، وبينت أن الاختيار في مناظرات الوظيفة العمومية بعد الثورة اصبح يقوم على التمييز حيث يرى الشباب الذين شملهم استطلاع الرأي ان هناك تمييزا في مناظرات الوظيفة العمومية قائما على العمر والجنس والعرق والمكانة الاجتماعية والآراء السياسية للمرشح فضلا عن العائلة التي ينتسب اليها. وأظهر هذا الاستطلاع ان 12 بالمائة من الشباب المستجوبين قد صرحوا أنهم قد استعملوا طرق فساد في محاولة للنجاح في احدى الاختبارات الوظيفية.

 وعن أسباب انتشار الفساد في مناظرات الدخول الى الوظيفة العمومية صرّح 70 بالمائة من المستجوبين أن السبب الرئيسي يعود الى غياب قوانين الرقابة والإجراءات الزجرية.