1) هو أبوبكر عبدالعزيز مرسي محمد غيث البرهومي من قبيلة البراهمة، فرع أولاد خروف إحدى قبائل أولاد علي القاطنه بأقاليم مطروح والبحيرة والإسكندرية، ولقب بالشيخ صديق نسبة إلى اسمه أبوبكر، تيمنا بأبي بكر الصديق رضي الله عنه .

2) ولد المرحوم الشيخ صديق بوعبعاب في عام 1935م في منطقة وادي القمر بالإسكندرية، ولا زالت أسرته تقطن في هذه المنطقة.

3 ) نظرا لفقدان بصره وهو في سن مبكرة من عمره، كان وقتها يبلغ ستة أشهر، فقد اتجه إلى حفظ القرآن الكريم، وأتم حفظه كاملا، وكان ذو صوت جميل، مما أتاح له فرصة العمل كمقريء للقرآن الكريم في مسجد شركة المكس للملاحات بالإسكندرية، وبسبب فقدان بصره وهو صغير لم تتح له الفرصه اللعب مع أطفال جيله، فاتجه إلى اللعب بطريقة أخرى، وهي أن جدته رحمها الله صنعت له لعبة خشبيه ذات أوتار، فأخذ يلعب بها حتى قام بتطويرها مع الزمن عن طريق أحد النجارين، وأصبحت (السمسمية) التي يعزف عليها ويتحفنا بأشدى الألحان.

4) بدأ الشيخ صديق حياته الفنية وهو في عمر الخمس والعشرين ربيعا، أي سنة 1970 تحديدا، واستمر في الفن حتى وفاته.

 5) يعتبر  شيخ المطربين البدو. وقيل عنه إنه أسطورة لن تتكرر لما يتمتع به من موهبة صوتية مميزة، وتمكن في الآداء، وفي العزف على آلة (السمسمية) التي رافقته طوال مشوار حياته الفنية والغنائية، والذي أمتع خلالها جماهير الباديه غرباً وشرقاً، فعشقوا فنه ونبرات صوته العذب الدافيء، الذي يحمل في داخله عبق الصحراء وصفو سمائها ونقاء نسماتها العليلة، ذلك وهو شيخ المطربين البدو، و لقب بـ (بوعبعاب) نسبة لأغنيته الشهيرة التي بدأ بها حياته الفنية الحقيقة، والتي يقول في مطلعها:

تعال خبر يا بوعبعاب .. أنت صادق مانك كذاب

والمقصود هنا بـ ( بوعبعاب) هو طائر الهدهد المعروف لنا جميعا، فقد استخدمه كمرسال بينه وبين محبوبته، لمصداقيته وسرعة ترحاله وسفره، والشيخ صديق انفرد بلون غنائي متميز بمصاحبة آلة السمسمية، بالرغم من أنها آلة سواحلية الهوية، إلا أنه استطاع بعبقرية أن يطوعها لآداء ألحانه البدوية، والغناء على نغماتها الرقيقة، وصنع تاريخ غير مسبوق في هذا اللون الفريد، وذلك يرجع لحسن اختياره لما يغنيه من كلمات، وحسن آداء، ساعده عليه مخارج ألفاظه الصحيحة، والتي اكتسبها من قراءته للقرآن الكريم، وتجويده له، حيث أنه بدأ حياته قارئا للقرآن، ومقيما للشعائر بمسجد بحي وادي القمر، بمنطقة المكس غرب الإسكندرية.

6) كانت تصاحب الشيخ صديق في حفلاته فرقة صغيرة جدا مكونة من آلة الكمان ودف بندير والإيقاع والطبلة، والتي كان يعزف عليها الفنان حامد عبدالمنعم مرسي (ابن عمه)، والذي رافقه طوال حياته وحتى رحيله، وحامد هو ابن الشاعر الكبير ومؤلف جميع أغنيات الشيخ صديق الراحل عبدالمنعم مرسي غيث البرهومي، والذي كان يطلق عليه أمير شعراء البدو، 

7) للشيخ صديق أكثر من 50 ألبوم غنائي بدوي، يحوي روائع جميلة من إبداعات ومن كلمات الشاعر العملاق عمه عبدالمنعم بومرسي، وقد ظهر بعد رحيله ابن عمه الفنان الشاب لطوفة البرهومي، والذي سار على نهجه وأسلوبه، سواء مطربا أو عازفا على آلة السمسمية. نتمنى له دوام التوفيق والنجاح، وأن يكون خلفا حقيقا وامتدادا مشرفا للمدرسة التي بدأها الشيخ صديق بوعبعاب.

8) كان المرحوم الشيخ صديق جادا في حياته، لا يخاف في الحق لومة لائم، صارما في تربية أولاده، وكان دائما يبعدهم عن مهنة الغناء، وبرغم صرامته معهم إلا أنه كان يملك قلبا رحيما ودودا، يلبي لهم ما يطلبونه منه عن طيب خاطر، وهذا الأمر لمسته عند مقابلتي لهم، فكانوا يتمتعون بدماثة أخلاق منقطعة النظير، فهم كرماء في استقبالهم، لبقين في حديثهم، ومن صفات الشيخ أيضا أنه كان حاضر الذاكرة سريع الرد على من يداعبه. و كان يتمتع بحس عال جدا وبذكاء فائق، وكان أيضا يتمتع بخفة ظل ليس لها مثيل، حيث أنه كان يداعب جماهيره بتعليقات كوميدية ساخرة أثناء آداء وصلاته الغنائية، وكانوا يعشقون تلك الداعبات والقفشات المهذبة منه في حفلاته الغنائية

9 ) حدث يوما أن داعبه شخص، وكان يومها يحيي حفلا، فقال له: "يا شيخ صديق، لوكنت بصيرا ماذا فعلت؟ أي وأنت أعمى تتحفنا بهذا الغناء الجميل، فما بالك لو كنت مبصرا. فأحس شيخنا برائحة الاستهزاء، فرد عليه فورا، وقال بلهجته البدوية: "نقعد عمى خير بيش ما انحقش أشكالكم".

وكانت أيضا ذاكرته قوية جدا حتى إنه كان يحفظ الأغنية من المرة الأولى لسماعه لها، وكان عمه عبد المنعم مرسي* هو من ألف له أغلب أغانيه، بينما كانت الألحان للشيخ صديق.

10) توفى رحمه الله يوم 19 سبتمبر 1991  تاركا وراءه رصيدا ضخما من الأعمال الفنية