قدمت وزارة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية كشف حساب بإنجازاتها خلال المرحلة السابقة مؤكدة أنها تعمل في حقل ألغام وفي مشهد يتسم بغزارة التدخلات الخارجية.

وقال وكلاء ومديري إدارات ومكاتب وموظفي وزارة الخارجية في بيان "ليس بالأمر الهيّن أن تعمل وزارة سيادية كوزارة الخارجية والتعاون الدولي في حقل من الألغام، وفي مشهد يتّسم بغزارة التدخلات الخارجية، وفي ظلّ تحديات جسام أهمها العمل الدبلوماسي الحثيث لإرجاع السيادة الوطنية على أرضنا، فمن الجدير معرفته أنّ الواقع المُعاش غير المألوف يفرض في أحيانَ كثيرة تحركات آنية لازمة، لا تُلبّي أحياناً كل ما يطمح إليه الشعب الكريم، لكنّها في ذات الوقت تعمل على إزالة أكبر العوائق التي تحول دون تطوير العمل الدبلوماسي".

وأضافت الوزارة "ليس هذا من قبيل إشاعة اليأس أو استجلاء قتامة المشهد، بل على العكس إنّه التأكيد على أن العمل والمثابرة يتطلب أحيانا اتخاذ خطوات ذات طابع مرحلي تهدف إلى كنس المعوقات الأكثر خطراً وتهديداً على كيان الوطن، وهذا ما دأبت في فعله وزارة الخارجية والتعاون الدولي وفق توجيهات وزير الخارجية منذ ولادة حكومة الوحدة الوطنية".

وأردفت الوزارة أنها ليست بالوزارة الخدمية لذلك فإنّ أعمالها على الأغلب لا تمس المواطن الفرد، "بل تمس في الغالب الأعمّ كامل التراب الليبي في تفاعله مع الخارج، ولأجل ذلك فإنّ آثارها الملموسة ستُسْتظهر بعد حين، وبشكل رئيسي في تصحيح العلاقات الخارجية للدولة الليبية مع الدول الشقيقة والصديقة والفضاء الدولي بصفة عامة، وفي استنباط نهج جديد للعمل الدبلوماسي" مردفة "نستطيع أن نقول أنّ الهدف الأوسع كان في إعادة رسم صورة متجددة للدبلوماسية الليبية العريقة".

وبينت الوزارة أنها اتجهت وفق توجيهات الوزيرة والوكلاء إلى "رسم خطط قصيرة وطويلة الأمد تتماشى مع عمر حكومة الوحدة الوطنية وخارطة الطريق التي وضعها ملتقى الحوار السياسي، وتتعاطى بدقة مع ما تعيشه دولتنا ليبيا بعد حرب مدمرة عدمية رسّخت كثيراً من فاعلية التدخلات الخارجية وانتهاك السيادة الوطنية" مضيفة "إنّ الحالة التي تعيشها دولتنا استثنائية وطارئة، ما يتطلب لمعالجتها أفعالاً اجتهادية ومبتكرة تتوائم مع الظرف الحالي".

ولفتت الوزارة إلى أنها "طوال هذه الأشهر أشبه بخلية النحل عملاً وعطاء، بكل كوادرها ومسؤوليها، عملٌ جماعيٌّ ذو رسالة واحدة ألا وهي ضرورة إرجاع السيادة والهيبة الوطنية بكل ما تأتّى من عزم وجَلَد".

وتابعت الوزارة أنها عملت "خلال هذه الأشهر على إعادة ضبط العمل الإداري داخل الديوان ومع سفاراتنا الليبية بالخارج، وحاولت بقدر الامكان إلغاء جذور التسيب الحاصل، وقد كانت للمشاكل الإدارية الموجودة نصيب الأسد في ما شهدته الوزارة من عمل مضني لمعالجة ما تراكم طيلة السنوات الماضية، وقد كانت من أولى المهمات توحيد الكادر الوظيفي والذي في صلب عمل الوزارة، وكانت بذلك السبّاقة في إتمام توحيد الكادر الوظيفي بمنهجية عادلة، مُشكّلةً في ذلك لجاناً متعددة واصلت الليل بالنهار بقصد إتمام هذا المنجز، وقد تم ذلك في زمن قياسي رغم ما تكلله ذلك من مشقة بالغة".

وأضافت الوزارة أنها استطاعت "خلال هذه الفترة القصيرة استرداد العديد من الاستثمارات الخارجية للدولة الليبية وبالتعاون مع القطاعات المعنية، وتماشيا مع التوجيهات المرسومة تمكّنت الوزارة بالمجهودات الدبلوماسية في إقناع عديد الدول الشقيقة والصديقة لإعادة فتح سفاراتها وبعثاتها الدبلوماسية داخل الأراضي الليبية بما يسهل على المواطنين الليبيين الحصول على تأشيرات الدخول اللازمة".

وتابعت الوزارة أنه في مجال رعاية الجاليات الليبية بالخارج عملت الوزارة وبخطة مدروسة على تسهيل وتوفير كافة الإمكانيات وبالتنسيق مع الإدارة العامة للجوازات والجنسية بوزارة الداخلية لتوفير جواز السفر الليبي لأكثر الدول التي تتواجد فيها الجاليات الليبية بطريقة منضبطة وسلسة كمرحلة أولى تليها توسيع الدائرة لبقية الدول الأخرى، وسعت الوزارة في هذا الصدد وبكل حزم إلى تنظيم استخراج الجواز الدبلوماسي والخاص وفرز من يشمله هذا الحق من عدمه، وفق ما اقرته التشريعات الليبية بالخصوص. وهو ما قوبل باعتراض وهجوم حاد إزاء هذه الخطوة المتخذة والضغط الذي مورس لإفشال هذا المسعى.

وأردفت الوزارة أنه في المجال السياسي الدبلوماسي فقد كان من أولى الأهداف المرحلية التي انتهجتها الوزارة هو تكريس السيادة الوطنية على أرض ليبيا وذلك تنفيذاً لخارطة الطريق التي هي أساس المرحلة الحالية.

وأشارت الوزارة إلى أنها انتهجت نهجاً جديداً في كيفية وضع العلاقات الدبلوماسية بين ليبيا والعالم في الإطار القانوني والسيادي الصحيح، بما في ذلك عمل السفارات والبعثات الدبلوماسية وكيفية تعاطيها مع القطاعات الليبية بما يتماشى مع الأعراف الدبلوماسية بين الدول، وتصحيح الأوضاع القانونية للمنظمات الدولية العاملة في ليبيا ومتابعة أعمالها، ويضمن بذلك السير السليم للعلاقات الثنائية والدولية ويحفظ لليبيا مكانتها وشعبها.

وأكدت وزارة الخارجية أنها أعادت العمل بمبدأ المعاملة بالمثل المنصوص عليه في اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، قائلة "كم من مذكرات احتجاج أُقيمت إزاء تصرفات خارجة عن العرف الدبلوماسي وذلك بهدف تكريس هيبة البلاد، وكم من الأفعال التي تمت لأجل هذا السبيل، وكلّ ذلك تم نتيجة إقرار مبدئي يقول: بأنّ صون السيادة الوطنية والحفاظ على حقوق الليبيين أمام العالم هو العنوان الأبرز الذي تتخذه الوزارة خلال هذه المرحلة".

ولفتت الوزارة إلى أن إرجاع السيادة مرتبط بضبط الحدود والتعاون المثمر مع دول الجوار في هذا الصدد، مؤكدة أنها قامت "بالمشاركة والإعداد لعديد الزيارات الرسمية التي قام بها المجلس الرئاسي في هذا الصدد بغية تطوير التعاون بين الدول الحدودية والرفع من القدرات الوطنية لتأمين الحدود، ونظّمت العديد من الاجتماعات الداخلية في مقر ديوان الوزارة مع القطاعات المعنية بأمن الحدود وعلى رأسها رئاسة الأركان العامة وجهاز المخابرات العامة للتنسيق حول الآليات الناجعة لتأمين الحدود مع الدول المجاورة. وسعت وستسعى رغم كل العوائق والصعوبات الداخلية والخارجية إلى الدفع قدماً نحو إنجاح هذا التصور"

وأشارت الوزارة إلى أنها "اتخذت التعاون بين القطاعات الليبية أساساً في العمل، وقد أولت اهتماماً كبيراً بالأخص لجهاز المخابرات العامة لأهميته في تطوير العمل الدبلوماسي، فكانت هناك العديد من الاجتماعات الثنائية التنسيقية".

وأضافت "في ملف الهجرة غير الشرعية أعدت وزارة الخارجية تصوراً في التعاطي مع هذا الملف خاصة مع المنظمات الدولية العاملة في ليبيا والاتحاد الأوروبي ودوله والردود على التصريحات المضرة بصورة ليبيا في هذا الملفهذا عدا عن التصورات والمقترحات الناجعة والتي أعدتها الوزارة وأحالتها إلى الجهات المحلية والدولية المعنية لمعالجة هذه الاشكالية القائمة من واقع إنساني ووطني، حيث أنّ الوزارة قامت بانتهاج خطاب سياسي وطني معتمد على ركيزتين: هما قدسية القوانين الليبية الصادرة بالخصوص، وإعلاء المبدأ الانساني السامي

وقالت الوزارة "لم يخلو خطاب أو كلمة تلتها وزيرة الخارجية أو الوكلاء أو كافة أعضاء السلك الدبلوماسي في المحافل الدولية والإقليمية إلا وحوت في مضامينها التشديد على سيادة الدولة الليبية على أرضها، وحق الشعب الليبي في تقرير مصيره بذاته دون إكراه أو شرط، وكانت الرسالة التي تسعى وزارة الخارجية إلى إيصالها لكل دول العالم هو أنّ نهجاً وأسلوباً جديداً قد بدأْ، قوامه عدم التدخل في الشؤون الداخلية لليبيا إلّا في إصلاح ذات البين، والعمل على دعم الانتخابات الوطنية المقرر انعقادها".

وتابعت الوزارة أنها لاحظت خلال مسيرتها هذه أنّ المصالح المتعارضة للدول تجاه ليبيا كانت السبب الرئيسي في إعاقة الوصول إلى حل سياسي سلمي، فما كان منها إلّا أن سعت في الحد من هذا التعارض السلبي وتذويبه، وتحويله إلى تعاون إيجابي، وجعله يصب في إطار المصلحة المشتركة بين ليبيا وبقية دول العالم.

وتابعت الوزارة أن الجولات الخارجية والمباحثات المثمرة التي قامت بها وزيرة الخارجية طوال المدة الماضية أفضت إلى تنظيم أول مؤتمر وزاري دولي يعنى بليبيا على الأراضي الليبية منذ عقد من الزمن، ورغم أن هذه الخطوة في حد ذاتها تعتبر نجاحاً للدبلوماسية الليبية، إلّا أن النجاح الأكبر يكمن في استطاعة ليبيا ولأول مرة في قيادة محفل دولي يعنى بتسوية الأزمة الليبية، تضع فيه ليبيا جدول الأعمال بعد أن كانت تحضر المؤتمرات الدولية السابقة الخاصة بها كضيف لا كمنظم، كما استطاع المؤتمر أن يجمع الأطراف الدولية في طاولة واحدة، رغم التباينات فيما بينها إزاء الملف الليبي، كل ذلك تم بسواعد وأفكار ليبية خالصة، نابعة من جهود دبلوماسيي وكوادر وزارة الخارجية، وبمساعدة ودعم القطاعات الليبية.

وأضافت "كان الحدث ونجاحه عملاً وطنياً خالصاً. وأعطى طبيعة جديدة للدبلوماسية الليبية وبقدرتها على تنظيم هذه المؤتمرات الدولية الهامة، وقد شهدت الدول الشقيقة والصديقة على ذلك، مما أعطى تصوراً جديداً وإيجابيا على ما آلت إليه الأوضاع في بلادنا ليبيا".

وشددت وزارة الخارجية على أنها وزارة سيادية حساسة وهي معرضة على الدوام لضغوط كبيرة كون أعمالها تتعارض مع مصالح عديد المستفيدين، فهي عنوان السيادة الوطنية وأداة ترسيخها، والجدار المنيع ضد أي إكراه خارجي يمس أبناء الشعب الليبي وينقص من حريته مؤكدة أنها عاقدة العزم وبما تسخّر من إمكانيات وصلاحيات لمعالجة المشاكل والعراقيل الموضوعة، وصولا إلى تحقيق أهم بند في خارطة الطريق ألا وهو تنظيم الانتخابات الوطنية.