مع إطلاق عملية الكرامة في مدينة بنغازي شرقي ليبيا ،في 16 مايو/أيار من السنة الماضية ،دخلت ليبيا مرحلة جديدة من الصراع العسكري ،المندلع منذ أحداث السابع عشر من فبراير ،إذ تمكنت هذه العملية بقيادة اللواء خليفة حفتر ،وخلال فترة وجيزة من قلب موازين القوى العسكرية و رسم خارطة جديدة للنفوذ داخل هذا البلد الذي يعاني منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي ،فوضى الميليشيات.

وقد أعادت "عملية الكرامة" ومنذ إطلاقها النفس للجيش الوطني الليبي و الذي عرف طيلة أربع سنوات تشتّتا و قصورا في مجابهة الجماعات المتطرّفة ،حيث انضم عدد من الضباط إلى نداء اللواء خليفة حفتر ثم التحقت كتيبتان الأولى من مدينة المرج والثانية من مدينة البيضاء ،لتكونا معا النواة الأولى لهذه العملية ، وفي 16 اكتوبر 2014 أعلن حفتر رسميا ،عن انطلاق الحرب ضد الإرهابيين لتحرير عاصمة الشرق بنغازي بعد تلقيه دعما سياسيا واسعا من مجلس النواب والذي سارع في 21 أكتوبر/تشرين الأول ،لإعلان تبنّيه لـ"عملية الكرامة" ،معتبرا إياها عملية رسمية للجيش الليبي ،يقودها جميع ضباط وجنود الجيش الليبي الوطنيين.

ميدانيا  تعززت عملية الكرامة بأبناء قبائل الشرق البراعصة، العبيدات، المغاربة، الاشراف، الدرسة ورفلة، القذاذفة، الرجبان، النوايل، الربايع، الصيعان، المقارحة ،كما انصهرت العديد من الكتائب في هذه العملية ،بانضمام كتيبة الدبابات 204 والكتيبة 309 والصاعقة 21 وهي من القوات الخاصة والنخبة ،وتمكنت قوات الجيش من استرجاع أكثر من 80 بالمائة من أحياء مدينة بنغازي ،و استرداد معسكراته بالمنطقة الشرقية.

أما غربا فيمكن اعتبار أن انضمام لواء القعقاع والصواعق من الزنتان الذي يعد حوالي 10 الاف مقاتل أكبر تعزيز "لعملية الكرامة" ،إذ و رغم الخسائر التي تكبدها "القعقاع" خلال حرب مطار طرابلس الدولي فهو يبقى قوة ضاربة و قد نجح في بسط نفوذه على عدة مناطق غرب ليبيا و الاقتراب من استعادة معبر راس جدير الحدودي مع تونس ،المسيطر عليه من قبل الميليشيات المتطرّفة ،كما تمكن من القبض على كبار عملية "فجر ليبيا" ،خلال عملياته العسكرية بالمناطق الغربية.

و تتوزّع تشكيلات عملية الكرامة على النحو التالي:

الآلاف من عناصر النخبة بالجيش السابق في عهد القذافي والذين همشوا واضطهدوا، وذلك بتقديم مليشيات الثوار السابقين رغم انضمامهم المبكر لصفوف الثورة. وكشف مصدر عسكري مقرب من اللواء حفتر أن عدد الضباط الذين

انضموا إلى عملية « ليبيا الكرامة» يتوزعون كالآتي : 5 برتبة لواء – 8 عمداء – 59 عقيدا – 25 مقدما ورائدا، وتحفظ المصدر عن ذكر عدد الأفراد في سياق التكتم والسرية والذين يقدرون بالآلاف.

-"قوات الصاعقة" التي يقودها العقيد ونيس بوخماده، وهي قوات الجيش الشرعية المتبقية من الجيش الرسمي. وفي 20 مايو أعلن العقيد ونيس بوخمادة، أن قوات "الصاعقة" هي مع "إرادة الشعب ومعركة الكرامة التي يقوم بها الجيش الوطني ضد الإرهاب" في موقف مؤيد للواء خليفة حفتر.

لواء القعقاع وكتيبة الصواعق ولواء الشهيد محمد المدني، المحسوبون على مدينة الزنتان  الواقعة جنوب غرب طرابلس (وهي قوات قبلية)، حيث تشير كل التقارير إلى أنها هي التي هاجمت مقر المؤتمر الوطني (البرلمان)، وذلك بسبب ما وصفه مساندته للمتطرفين.

كتيبة "حسن الجويفي" وتقع في نطاق مدينتي شحات والبيضاء، وتحظى بشهرة عند الليبيين، وتعرف أيضا باسم كتيبة «الجارح» نسبة للعميد الجارح فركاش، عم السيدة صفية فركاش، حرم القذافي وهي أكبر كتائب الجيش الليبي في الشرق، وكتيبة أولياء الدم، وتضم ابناء الذين قتلوا على يد المليشيات الإسلامية المتطرفة.

القبائل الكبرى في الشرق الليبي، مثل: قبائل العبيدات، والبراعصة، والعواقير، والعرفة، أما في الغرب الليبي، فقد أيد معركة الكرامة كل من قبائل ورفلة، والمقارحة، والقذاذفة، وأولاد سليمان والحسون.

الجناح المسلح للتيار الفيدرالي في برقة، الذين يحاصرون مرافئ نفطية، ويطالبون بحكم ذاتي في مناطق شرق ليبيا، تأييدهم لمعركة الكرامة وانضمامهم إلى قوات حفتر.

في مطلع كانون الثاني/ يناير الماضي ، وقّع رئيس مجلس النواب الليبي قرارا باعتبار ،قائد "عملية الكرامة" خليفة حفتر القائد الأعلى للقوات المسلحة، و أعاد بموجبه 129 ضابطا إلى صفوف الجيش بحسب القرار، من بينهم قائد ركن القوات الجوية السابق العميد صقر الجروشي ،وقد كان هذا الإعلان بدوره

و بحسب المعطيات يميل ميزان القوى لفائدة "عملية الكرامة" عددا وعتادا فقد تقلصت الى حد كبير المساحة الجغرافية الواقعة تحت نفوذ "فجر ليبيا" فبعدما كانت في حدود 70 من مساحة ليبيا ومناطقها أصبحت اليوم في حدود 20 و 30 % فقط . اكثر من ذلك نجحت قوات "عملية الكرامة" في عزل مواقع "فجر ليبيا" عن بعضها مثلما هو الحال بين الجبل الغربي وطرابلس بعدما جرى تجنيد الجنوب بأكمله ولم تبق سوى بعض القبائل محافظة على ولائها لـ"فجر ليبيا".