قصته يعرفها جيدا كل من اعتقل في  الاستخبارات العسكرية مصراته ومعتقل الهدى، إنه الصبي التاورغي صاحب البشرة السمراء نعيم (17 عام)، الذي ينتمي لقبيلة القذاذفة.

يصورها بروايته د.سعد مناع سجين سابق في  سجون  مصراته، فيقول: "كانت تلك المواصفات كافية لاتهامه بالقتل والاغتصاب ومعرفة مكان المقابر الجماعية ، وكان عليه الصمود لنفى هذه التهم"

يضيف د.مناع: "كأى أسير يجرى له ما يسمى بحفل الاستقبال، الضرب والجلد والصعق بالكهرباء و التعليق فى السقف لساعات ، ثم يرمى به جثة هامدة في زنزانة 6، تحت إشراف من كل من رئيس المجلس العسكري مصراته، إبراهيم بيت المال، وإسماعيل شكرى، وناصر شخدون، وخالد معافى، محمد الكبير ، محمد فنص"

يصف مناع الزنزانة رقم 6، قائلا: "كانت غرفة لا تسع 10 أفراد، زجوا بعشرين أسير بها..نوافذها مفتوحة و تتهاطل علينا المطر و لا يوجد بها اى فرأش إلا بعض الجرائد و كل 3 سجناء فى بطانية، وكنّا ننام بشكل طولى كعلب السردين لأن المكان لايسع والغطاء لا يكفى"


ويستدرك: "استقبلنا ضفينا الجديد -نعيم-، كان يرجف من البرد و دمه يتقاطر و بالكاد يتحدث بعض الكلمات"، ويتابع: "قمنا بغسل وجهه وأطرافه وأعطاه أحد الرفاق كسرة خبزة ادخرها من رغيف عشاه، التف الجميع حوله لرفع معنوياته والدعاء له بالصموده، لأننا كنّا نعرف أن معركته ستكون طويلة و قاسية"

ويكمل: "بدأت وجبات العذاب تتوالى، كانوا يأخذونه من بعد صلاة العشاء حتى ساعات الفجر، وكان يعود قديدة من العذاب و جثة هامدة لم يبق بها إلا الروح، وكانت مائدة العذاب، هرواة وعصيى و أسباط الخيل و الصعق بالكهرباء، وعليه الاعتراف"

ويردف: "ظل هذا الطفل البرئ يقاوم و يرفض الاعتراف بجريمة اقترفها، وذات ليلة، بعد أن عاد من وجبة العذاب، قال لى : يا عمى غدا سأتعرف بكل ما اتهمونى به"


ويستطرد: "قلت له، وهل اقترفت أنت جربمة مما قالوا؟

قال طبعا لا 

قلت له ؛ هل لم تعد قادر على تحمل العذاب؟

قال ؛ لا

قلت له : إذا كيف تعترف بجريمة لم ترتكبها؟

قال لى : لقد هددونى إذا لم اعترف غدا، فإنهم سيقبضون على أمى و أبى و سيفعلون بهم كل منكر و أمام عينى ، أنا قادر على تحمل الضرب لكن لا أقدر أن أتحمل إهانة أبى و أمى أمامى"

قلت له ؛ لا لا تعترف و أنت انتصرت هم فقط عجزوا على قهر صمودك و لن يفعلوا ما قالوا وإذا صبرت غدا لن يضربوك مرة اخرى، واذا اعترفت زورا بالقتل و الاغتصاب فسيقتلوك.


وذكر د.سعد مناع، أنه من تلك الليلة توقفوا عن عذابه بعد أن عجزوا عن انتزاع اعترافات كاذبة منه، حيث نقل بعدها إلى معتقل الهدى و استمر فى صموده صبره رغم صغر سنه"

يروي د.سعد مناع فصلا جديدا من المأساة قائلا: "تعرضت أسرتة القادمة لزيارتة لحادث مرورى بشع أدى إلى وفاة والده و أخته و أخيه، واستقبل البطل نعيم الخبر بكل احتساب وصبر"

وتابع: "علم السجانون بالحادثة، و رغم فداحة و عظمة المصيبة على طفل فى عمره، لكنهم رفضوا إعطائه فرصة اتصال هاتفي لتعزية أهله والاطمئنان عليهم"

ظل نعيم معتقلا لأكثر من 3 سنوات، و خرج ببراءة من كل مانسب له من جرائم زوراً.