سلطت الناشطة الحقوقية الليبية حنين أبو شوشة، الضوء على ملف حقوق الإنسان في ليبيا بشكل عام، وحقوق المرأة الليبية بشكل خاصة، حيث أكدت أن حقوق الليبيات بدأت بالتراجع خلال الآونة الأخيرة، مشيرة إلى ارتفاع حالات الاخفاء القسري والتغييب والقتل خارج إطار القانون في كل مناطق ليبيا، مشددة في الوقت ذاته على ضرورة القضاء على كافة أشكال العنف والانتهاكات في ليبيا ومعاقبة مرتكبيها محليا ودوليا، وإبرام عقد اجتماعي يحترم التنوع ويحتكم لسلطة القانون والتبادل السلمي للسلطة والفصل بين السلطات قائم على احترام حقوق الإنسان، وللمزيد من التفاصيل كان لـ"بوابة إفريقيا الإخبارية" هذا الحوار مع الناشطة الحقوقية الليبية حنين أبو شوشة، وإلى نص الحوار


كيف تقيمين ملف حقوق الإنسان في ليبيا؟

يتساءل البعض أن كان ملف حقوق الإنسان أصبح أداة ضغط تستخدمها الأطراف المتصارعة والقوى الدولية التي تتحكم بالمشهد الليبي وعلى الرغم من تلك الشكوك والتجاذبات الجدلية حول صحتها من عدمها الا أن تلك الانتهاكات أصبحت على مرأى ومسمع العالم.


ماذا عن وضع حقوق المرأة في ليبيا؟

حقوق الليبيات بدأت بالتراجع عن بعض المكتسبات التي تحصلن عليها في النظام السابق، وعلى سبيل المثال نجد الدفع بعدم دستورية قانون تقييد التعدد والأخرى المقدمة بعدم دستورية تولى المرأة للقضاء، وبعدها توالت الأحداث حتى وصل الحال لاغتيال النساء، والأسماء كثيرة بكل أسف بدأت بسيدة الحوار سلوى بوقعيقيص، والنائبة فريحة البركاوي، والناشطة المدنية انتصار الحصائري، والصحفية نصيب كرنافة، وأخيرا شاهدنا اغتيال الناشطة الحقوقية حنان البرعصي، إضافة إلى المصير المجهول للنائبة سهام سرقيوة، والكثير الكثير من حالات الاخفاء القسري والتغييب والقتل خارج إطار القانون في كل مناطق ليبيا. 

كما نود أن نشير إلى أن الاتفاق على وقف إطلاق النار بين الأطراف المتنازعة يشكل بعدا مهما في صنع عمليات السلام ولكنه غير كافي إذا لم يبدأ بتحديد وتشكيل هياكل سياسية جديدة ومؤسسات للحكم ودساتير جديدة مع التركيز على أهمية المشاركة الفعلية للمرأة في تلك العمليات لأنها ستحدد أهدافها واستراتيجياتها المستقبلية. ورغم التقدم الملحوظ نسبيا لمشاركة النساء سياسيا، الا أنه هناك ضعف للتأثير في صناعة القرار ومشاريع القوانين فغياب أو قلة المبادرات التشريعية تبقى رهينة للتوازنات داخل البرلمان وهذا يصعب عليهن تكوين ائتلافات تشكل كتلة قادرة على أن يكون لها ثقل عند التصويت. 


برأيك.. ما السبب وراء ذلك؟

لا شك أن هناك محاولات من عدة أطراف لتسيس هذا الملف والمتاجرة به وتوظيفه سياسيا، وربما تتعدد الجرائم بين جنائي وسياسي وتصفيات وخطف على الهوية والانتماء السياسي، الا أن ضعف الأجهزة الشرطية ووزارات الداخلية في الحكومات المتعاقبة لم يسفر عن أي نتائج للتحقيق في تلك الجرائم البشعة ومعرفة مصير أصحابها وأخذ حق الضحايا. فهذا الصراع منذ 2015 بين السلطات التنفيذية والتشريعية لاكتساب الشرعية زاد الطين بلة وعرقل مسار التحول واستولى على مقدرات البلاد وقضى على النظام القضائي فلم يعد قادرا على تحقيق العدالة في انتهاكات حقوق الإنسان. 


ماذا بشأن حالة الإفلات من العقاب وانتشار العنف والجريمة؟  

يبدو أن الواقع الليبي لازال يسير نحو التعقيد فيما يتعلق بحالة الإفلات من العقاب وتردي الوضع الأمني والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، ونقول إن المساومات السلطوية وانتشار السلاح والمليشيات وتحجيم القضاء وتداخل السلطات والفساد وقبلها التنظيمات الإرهابية المتطرفة بكل مسمياتها ألقت بظلالها على المشهد الإنساني والاجتماعي بين استقطاب وتحريض وتطرف عنيف بممارسة الضغوط أيا كان شكلها على أي حراك مجتمعي يدعم الوصول إلى حلحلة الأزمة والتوافق السلمي، ناهيك عن الوضع الاقتصادي المتردي كل ذلك أدى الى ازدياد وتيرة العنف وانتشار الجريمة المنظمة وغير المنظمة وعابرة للحدود، وهذا الوضع أفضى إلى وجود مؤسسات مهلهلة مبنية على الفوضى وجوفاء وتحكمها قوى المصالح والسلاح، كما أن مؤسسات وأجهزة الدولة ليس لها القدرة على الصمود رغم أن هذا المصطلح أساسا جذوره من العلوم المادية والبيئية الا أنه يطبق في العلوم الإنسانية والاجتماعية والمقصود به هنا قدرة النظام على الاستجابة للمتغيرات والتكيف لإيجاد حلول للضغوطات الخارجية. 


كلمة أخيرة...

في الختام نقول إنه لابد من الوصول إلى اتفاق للقضاء على كافة أشكال العنف والانتهاكات في ليبيا ومعاقبة مرتكبيها محليا ودوليا، ولابد من وجود عقد اجتماعي يحترم التنوع ويحتكم لسلطة القانون والتبادل السلمي للسلطة مع الفصل بين السلطات واستقلال القضاء القائم على احترام حقوق الإنسان.