كالعديد من البلدان الأخرى في العالم، فرضت ليبيا إجراءات الحظر التام، كما فرضت إغلاق جميع الأماكن العامة وحظر التجول في محاولة لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19). أدى الحظر التام إلى إغلاق جميع الأسواق الكبيرة والأنشطة التجارية غير الأساسية وحظر حركة السيارات، ما أدى إلى تقييد حركة المواطنين وصعوبة حصولهم على السلع.


"قفة"، تطبيق الكتروني يحوي على عدة بائعين تم إنشاؤه حديثاً، يقدم حلاً للمواطنين في طرابلس ممن يسعون لشراء السلع واللوازم مثل الطعام والملابس ومستحضرات التجميل والإلكترونيات، حيث عمل مؤسسها السيد شاكر القبطان، ذو 27 عاماً، على تطوير أعماله العامين الماضيين لتقديم حلول التسويق الالكتروني وتوصيل الاحتياجات في العاصمة.

شارك شاكر في المخيم التابع لمركز تطوير لريادة الأعمال، حيث يهدف هذا المخيم إلى تعزيز النظام البيئي لريادة الأعمال في ليبيا من خلال برامج مختلفة بما في ذلك حاضنات الأعمال ومساحات العمل المشتركة وبرامج التدريب في مجال التكنولوجيا وإدارة الأعمال والإدارة المالية في البلاد.

اطلق تطوير للأبحاث وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي مركز تطوير لريادة الأعمال في مارس 2017  بدعم من الاتحاد الأوروبي، حيث ساعد المركز حتى الآن حوالي 75 من رواد الأعمال في ليبيا على تطوير أفكارهم التجارية.

من فكرة…إلى حقيقة

يستذكر شاكر بدايات مشروعه، حيث كان مجرد فكرة بدأت مع مجموعة من أصدقائه. توقف استمرار المشروع في عدة مناسبات، وانتهى بشاكر العمل في المشروع بشكل مستقل. وبالرغم من معرفته الراسخة في تكنولوجيا المعلومات والتسويق، شعر شاكر أنه يفتقر إلى مهارات إدارة الأعمال، وتقدم بطلب للانضمام إلى برنامج حاضنة الأعمال في مركز تطوير في طرابلس. ويوضح قائلاً: "بعد اجتياز التدريب بنجاح، بدأت العمل على إطلاق" قفة "، وهو مصطلح ليبي يشير إلى السلة التقليدية المصنوعة من أوراق النخيل والمستخدمة في حمل الطعام.“

يتوفر التطبيق في الإنترنت على أجهزة اندرويد وIOSالمحمولة، حيث يستطيع العملاء تنزيل التطبيق والطلب مباشرة من المنصة. كما يتم تسليم الطلبية بعد ذلك إلى الموقع المحدد داخل منطقة طرابلس الكبرى.

                                                    

إطلاق "قفة" وسط الحرب والوباء

بعد عامين من العمل الشاق، تم إطلاق التطبيق في أبريل 2020، ولكن لم يحدث هذا دون عراقيل. يذكر شاكر أنه واجه العديد من العقبات على طول الطريق، بما في ذلك القيود المالية والصعوبات الفنية وكذلك تحديات الوصول إلى صفقات عادلة مع الموردين. إن محاولته لإدارة مشروع جديد بينما لا يزال القتال مستمراً في مدينته ليس بالأمر السهل. يقول: "إن الاستمرار في العمل في خضم الصراع، مع القصف المستمر بالصواريخ، يبدو ضرباً من الجنون، خاصة أن موظفي التوصيل لدينا يخرجون ويخاطرون بحياتهم وهم يقومون بعملهم. إنه ثقل على عاتقي، لكنهم يصرون على القيام بذلك دون شكوى ”.

كان هنالك تحد آخر أيضا هذا العام، حيث ضرب وباء فيروس كورونا العالم بأسره، وتم وضع إجراءات الحظر في البلاد التي لم تسترح يوما من شتات الحرب. ومع ذلك، رأى شاكر وفريقه أن تقييد التحركات فرصة لكسب النفوذ. حيث وضح: "سارعنا للتواصل مع السلطات في طرابلس، التي أعطتنا التصاريح اللازمة للاستمرار في خدمات التوصيل“.

يقوم فريق التوصيل المتكون من خمس أشخاص بنقل البضائع والسلع من المورد إلى الزبون. حيث تلقى هذا الفريق التدريب حول كيفية أخذ التدابير اللازمة لتوصيل البضائع بشكل آمن. كما تم توفير الكمامات والقفازات لهم، ونحرص على غسل وتعقيم أيديهم قبل وبعد تسليم كل طلب. حيث يعمل الفريق على مدار الأربع وعشرين ساعة لضمان توفير الاحتياجات لسكان العاصمة، بالأخص في شهر رمضان الكريم، حيث يصوم أغلب الناس.


الاستعدادللتحدياتالمستقبلية

يرى فريققفةأن هناك تحديات مستقبلية اخرى لفيروس كورونا والذي يتحتم عليهم مواجهتها. يقول شاكر: "إن انخفاض قيمة الدينار الليبي، إلى جانب تباطؤ القدرة التصنيعية للمواد الغذائية سيكون مصدر قلق كبير في المستقبل".إن ما يقلقه هو الزيادة المتوقعة في أسعار السلع الغذائية، لكنه مستعد لمواجهة هذا التحدي، قائلاً"لن نقف مكتوفي الأيدي.سنقوم بتطوير نظام إدارة العمليات لدينا وتحسين تجربة المستخدم لتشمل أكبر عدد ممكن من الموردين”.

لا يزال شاكر وفريقه يتلقون التوجيه من مدربي حاضنة مركز تطوير والذين يقدمون لهم المشورة بشأن إدارة الأعمال والتسويق وإدارة العمليات والموارد البشرية.

أحلام كبيرة

لدى شاكر شغف بمشروع"قفة"ولديه أحلام كبيرة لمستقبل أعماله، حيث يخطط لتوسيع خدماته لتشمل ليبيا بأكملها، من أصغر قرية إلى أكبر مدينة بها، وبعد ذلك يأمل في توسيع نطاق خدماته في شمال إفريقيا والشرق الأوسط.يقول: "لم لا؟"لقد واجهت بعض أكبر التطبيقات في العالم تحديات مماثلة في البداية، وربما أكثر، لذا لدينا أمل كبير، وسنستمر في المضي قدماً."وعلى الرغم من المصاعب والحرب المستمرة والوباء الحالي، فإن شاكر عازم على مواصلة التقدم وتحقيق أحلامه في المشروع.


حتى الآن، دعم الاتحاد الأوروبي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي مبادرة مركز تطوير لريادة الأعمال، التي تم تنفيذها بالشراكة مع شركة تطوير للأبحاث، حيث قدم المركز فرص التعلم والإرشاد والمساعدة لـ30 شركة ناشئة في ليبيا والتي تركز على التكنولوجيا.ومن خلال الدعم المستمر للشباب الليبي وتعزيز نظام بيئي لريادة الأعمال، سيتمكن المواطنون في ليبيا من تلبية احتياجاتهم داخل مجتمعاتهم وكذلك خلق فرص كسب العيش.