في خطوة أثارت حالة من عدم الرضى الشعبي، أعلنت الحكومة المصرية عن زيادة جديدة في أسعار المحروقات، وذلك على عكس ما تشهده أسواق النفط العالمية من انخفاض منذ أسابيع. ورغم محاولات الحكومة امتصاص الغضب عبر بيانات تؤكد متابعة الأسواق وتطبيق زيادات طفيفة على تعريفة المواصلات العامة، إلا أن قرار رفع الأسعار يعكس واقعًا اقتصاديًا محليًا يبدو منفصلًا عن الأوضاع العالمية.
فقد كشفت الأسعار الجديدة للبنزين والسولار التي أعلنت عنها وزارة البترول المصرية، الجمعة، عن تباين واضح بين السوق المحلية والاتجاهات العالمية لأسعار الطاقة. وعلى إثر ذلك، تراجعت الحكومة عن زيادة كانت مقررة في يوليو المقبل، وأكدت عدم دراسة أي تغيير في الأسعار الحالية قبل ستة أشهر قادمة.
وأوضحت الوزارة أن هذه الزيادة، وهي الأولى خلال العام الجاري، تأتي في إطار خطة لخفض دعم الوقود وتماشيًا مع حزمة الدعم المقدمة من صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار. وتراوحت الزيادات بين 11.76 و14.81 بالمئة على مختلف أنواع الوقود، وذلك بعد نحو شهر من موافقة صندوق النقد على صرف شريحة بقيمة 1.2 مليار دولار لمصر عقب استكمال المراجعة الرابعة لبرنامج القرض.
ويأتي هذا القرار في توقيت حساس تمر به مصر، وسط أزمات إقليمية متواصلة، مما يثير تساؤلات حول التوقيت والمبررات الاقتصادية لهذه الخطوة وتأثيرها المحتمل على المواطنين الذين يعانون بالفعل من تحديات اقتصادية محلية وعالمية متزايدة.
وقد أظهر قرار رفع أسعار الوقود تناقضًا في مواقف الحكومة تجاه تخفيف الأعباء الاقتصادية على المواطنين، فبينما تسعى لتوفير الدعم في بعض القطاعات، تتخذ قرارات تزيد من أعباء المعيشة عبر رفع أسعار الوقود، وهو مدخل أساسي يؤثر على تكلفة النقل والإنتاج وبالتالي على أسعار السلع والخدمات في الأسواق.
ويواجه المواطن المصري بالفعل تضخمًا مستمرًا وارتفاعًا في تكاليف المعيشة، وهو ما أكدته بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بتسجيل معدل تضخم شهري لإجمالي البلاد بلغ 1.5 بالمئة في شهر مارس، وارتفاع معدل التضخم السنوي إلى 13.1 بالمئة مقارنة بـ 12.5 بالمئة في فبراير الماضي.
ويرى مراقبون أن هذه الزيادة في أسعار الوقود قد تزيد من حالة الاستياء الشعبي في وقت يعاني فيه المواطنون من ضغوط اقتصادية متزايدة، وقد تضعف الثقة في قدرة الحكومة على إدارة الأزمات الاقتصادية في ظل الأوضاع الإقليمية المضطربة.
وفي ظل الانخفاض الحالي في أسعار النفط العالمية، يرى خبراء اقتصاديون أن الحكومة قد تحتاج إلى إعادة النظر في سياسة العقود الآجلة لضمان عدم تحميل المواطنين أعباء إضافية في المستقبل، مع اقتراح البدء في تعديل سياسة العقود النفطية بما يتماشى مع الأسعار العالمية.
ويرجح محللون أنه في حال استمرار انخفاض أسعار البترول عالميًا، قد تستفيد مصر من ذلك وتقوم بخفض تدريجي لأسعار الوقود في مراحل لاحقة، إلا أن تحقيق هذا الهدف يعتمد على تفاعلات معقدة لعدة عوامل اقتصادية محلية، بما في ذلك سعر صرف الجنيه أمام الدولار، والضغوط التضخمية، وأعباء الدين العام.
وقد شملت الزيادات الأخيرة رفع سعر الديزل جنيهين إلى 15.50 جنيها للتر، ورفع أسعار البنزين بنسب تصل إلى 14.5 بالمئة، حيث ارتفع بنزين 80 إلى 15.75 جنيها، وبنزين 92 إلى 17.25 جنيها، وبنزين 95 إلى 19 جنيهًا، كما زاد سعر أسطوانة غاز الطهي للمنازل إلى 200 جنيه من 150 جنيهًا.