يعد المركز الليبي للدراسات الإستراتيجية والأمن الوطني أحد المؤسسات التي تهتم بإعداد الاستراتيجية العامة للدولة في شتى المجالات، ورغم أنه تأسس حديثا إلا أنه تولى إعداد العديد من الدراسات والأبحاث والاستطلاعات المهمة، وللتعرف أكثر على تأسيس المركز ومهامه وأبرز إنجازاته والصعوبات التي تواجهه وخططه المستقبلية، أجرت بوابة إفريقيا الإخبارية حوارا مع رئيس المركز الليبي للدراسات الإستراتيجية والأمن الوطني أ.د مختار مفتاح أبوصاع.

إلى نص الحوار: 

هل يمكن أن تعطينا نبذة تعريفية عن تأسيس المركز ومراحل تطوره وفروعه؟

  في البداية ننتهز هذه الفرصة لنعبر لكم عن جزيل شكرنا على إتاحة هذه الفرصة لنا للتعريف بالمركز عبر هذه المنصة الإعلامية الرائدة والمتميزة ، أما فيما يخص المركز فهو مؤسسة بحثية تمثل بيتاً للخبرة في المجالات الإستراتيجية والأمنية تم إنشاؤه بموجب قرار المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق الوطني رقم (394) لسنة 2021م كوحدة إدارية تتبع وزارة الداخلية ثم بعد ذلك رأى صانع القرار أن يتم إعادة النظر في تبعية المركز بحيث يتبع مجلس الوزراء مباشرة نظراً لما أوكل إليه من مهام تتميز بشمولها للعديد من المجالات التي تتجاوز في مجملها ما أنيط من صلاحيات بوزارة الداخلية، وفي هذا الصدد فقد أصدر مجلس الوزراء بحكومة الوحدة الوطنية قراره رقم (109) لسنة 2021م بشأن إعادة تنظيم المركز ونقل تبعيته إلى مجلس الوزراء بمسمى المركز الليبي للدراسات الإستراتيجية والأمن الوطني .

ما مهام المركز ؟

من المهام التي أوكلت إلى المركز إعداد الإستراتيجية العامة للدولة الليبية في شتى المجالات لا سيما تلك التي تضمن تحقيق المصالح العليا للدولة فضلاً عن إعداد الدراسات والبحوث بما يكفل تعزيز قدرة الدولة الليبية في مواجهة كافة التهديدات التي تمس أمن الدولة وأستقرارها وما يساعد على مواجهة الأزمات والكوارث بالإضافة إلى التعاون مع الجهات المختصة في سبر أغوار الظواهر الهدامة التي قد تظهر في المجتمع الليبي والمجتمعات المجاورة وكذلك تقديم المشورة والدعم لأجهزة الدولة المختلفة لتطوير إستراتيجياتها وهو ما سوف ينعكس إيجاباً على تكامل تلك الأجهزة لتحقيق حماية الأمن الوطني 

ومن الصلاحيات التي أسندت إلى المركز أيضاً إنشاء قاعدة بيانات متطورة ومتكاملة للدولة الليبية بالتعاون مع الأجهزة الأمنية وإجراء الدراسات والبحوث النظرية والعملية عن خطط الحكومة في مختلف المجالات وإبداء الرأي الإستشاري حولها وتزويد الحكومة ومؤسساتها بالبيانات والمعطيات والأثار المحتملة لقراراتها وتقديم المشورة الفنية لها .

كما يطلع المركز برصد ومتابعة التغيرات والأحداث السياسية والإقتصادية والإجتماعية محلياً ودولياً لدراستها وتحليلها وإقتراح الحلول المناسبة لها وإعداد الدراسات الأمنية عن الجريمة المنظمة والإرهاب والجرائم الإلكترونية وجرائم غسيل الأموال وغيرها من المهام الأخرى التي تتمحور حول تقييم الأوضاع الاقتصادية والمستوى المعيشي للأفراد لتقييمها وقياس إتجاه مستوى الجريمة المنظمة والإرهاب وإعداد وتنفيذ الخطط التدريبية واقتراح برامج التوعية والإرشاد الأمني وإصدار النشرات والدوريات البحثية في المجالات التي يختص المركز بدراستها ونتطلع مستقبلاً إلى إنشاء فروع للمركز في مختلف مناطق ليبيا تمثل رافداً للمركز فيما يخص تدفق المعلومات والبيانات .

كم عدد الباحثين المعتمدين لدى المركز – وفي أي تخصصات ؟

يضم المركز مجموعة من الباحثين المتميزين المشهود لهم بالخبرة والكفاءة في جل اختصاصات المركز ويقومون بمجهودات جبارة لكي تأخذ هذه المؤسسة المكانة التي تستحقها على الرغم من قلة الإمكانيات .

هل يمكن أن تعطينا فكرة عن طبيعة الدراسات والبحوث التي يقوم بها المركز ؟

ساهم المركز في العديد من البحوث والدراسات التي تدخل ضمن إختصاصاته ومنها إعداد استطلاع الرأي العام الليبي حول إجراء الانتخابات وقد تم التوصل إلى عينة لا بأس بها من أطياف الشعب الليبي وتم تحقيق نتائج مرضية من خلال هذا الاستطاع.

كما تم تشكيل فريق متخصص يعمل على الإعداد لعقد مؤتمر الأمن الوطني الشامل كما تم إعداد ورقة علمية حول تأثير المنظمات الحكومية وغير الحكومية حول الهجرة غير الشرعية بالتعاون مع وزارة الخارجية والتعاون الدولي بالإضافة إلى إعداد دراسة استطلاعية حول رفع الدعم عن المحروقات فضلاً عن عقد ندوة علمية حول مكافحة الفساد وأثرها على الأمن الوطني والتنمية المستدامة ونحن بصدد إعداد مشروع بحثي بشأن توجهات الرأي العام الليبي حول حاملي الرقم الإداري والمركز يعمل على تنفيذ مشروع بحثي متكامل حول التداعيات الأمنية المترتبة عن الإنتشار غير المشروع للسلاح .

ويعكف المركز كذلك على إعداد مجموعة من الدراسات والأبحاث التي تمرر من اللجنة العلمية بالمركز طبقاً للشروط والضوابط المعمول بها .

كيف يمكن الاستفادة من نتائج البحث العلمي على أرض الواقع ؟

كما هو معلوم فإن إيجاد مراكز البحوث من الأفكار الرائدة التي توليها دول العالم أهمية بالغة لما تمثله من وسيلة تساعد تلك الدول في إيجاد الحلول للمشاكل المستعصية التي تحول دون تنفيذ برامج التنمية اللازمة لنهضتها .

ويمكن الإستفادة من نتائج البحث العلمي على أرض الواقع من خلال تنفيذها كونها تمثل مقترحات عملية جدية لحل المعضلات والمشاكل التي تواجه الحكومات لأنها ببساطة قد تم التوصل إليها بطريق البحث العلمي الأمر الذي يجعل منها غالباً حلولاً واقعية للمختنقات التي تواجهها أجهزة الدولة .

إلى أي مدى يمكن للمركز أن يسهم في إعداد خطط إستراتيجية متوسطة وطويلة المدى؟

من واجبات المركز ومهامه المشاركة في وضع ومراجعة إستراتجيات الدولة بشكل عام وبعض الأجهزة الأمنية على وجه الخصوص ونحن على تواصل مع الجهات ذات الإختصاص ومنها مجلس التخطيط الوطني للمساهمة الفعلية في وضع استراتيجيات الحكومة المتوسطة وبعيدة الأمد لمواجهة مختلف التحديات التي تقف حجر عثرة أمام إستقرار البلاد وتنميتها لا سيما إعداد الدستور وإجراء الانتخابات الأمر الذي سوف تكون له انعكاسات جيدة على الأوضاع الاقتصادية والسلم الاجتماعي وصولاً إلى تنفيذ برامج التنمية في كافة مناحي الحياة .

من خلال متابعتنا لعمل المركز لاحظنا أنه يبحث في موضوعات متنوعة وفي مجالات مختلفة فهل يمكن أن تضعنا في صورة علاقة التعاون والتنسيق بين المركز ومؤسسات الدولة (وزارات – هيئات )؟

يتطلع المركز إلى إنشاء علاقات تكامل وتنسيق مع جل مؤسسات الدولة إنطلاقاً مما أسند إليه من إختصاصات وفي هذا الشأن لدينا إتفاقيات تعاون مع عدد من الجامعات الليبية وعلى رأسها جامعة طرابلس وأيضاً يوجد تنسيق وتواصل مع عدد من الهيئات العامة منها الهيئة العامة للمعلومات بالإضافة إلى الهيئة العامة للإتصالات وسلامة أمن المعلومات والهيئة الوطنية للبحث العلمي وعدد من المراكز البحثية منها على سبيل المثال لا الحصر مركز البحوث الاجتماعية ومركز الدراسات الأفريقية وكذلك وزارة الخارجية والداخلية ووزارة التخطيط ووزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة التعليم التقني والفني بالإضافة إلى المصرف الوطني للبذور ومجلس التطوير الاقتصادي والإجتماعي وبعض الأجهزة الأمنية وغيرها من المؤسسات العامة، وفي هذا الصدد فإننا نعمل على قدم وساق وفق ما أتيح لنا من إمكانيات لعقد علاقات التعاون وتكريس التنسيق مع مختلف مؤسسات الدولة لتقديم الدعم الفني والمشورة بما يسهم في الرفع من مستوى الأداء وتدليل الصعاب أمام تلك المؤسسات حتى  تقوم بما أنيط إليها من مهام على الوجه المطلوب .

المركز يهتم بتنظيم ندوات ومؤتمرات تثقيفية وإرشادية – إلي أي مدى تلقى هذه النشاطات تفاعل من قبل المواطنين؟

نظراً لحداثة نشأة المركز فإنه وفق السياقات العامة يعد تفاعل الموطنين ضعيف نوعاً ما ونحن نعمل على التعريف بهذه المؤسسة من خلال عقد عدد من الفاعليات العلمية والحوارات التي يتم من خلالها إستضافة بعض القامات الليبية الرائدة في مختلف المجالات كما تم إستحداث صحيفة شهرية تصدر عن المركز تحت اسم صحيفة الرؤية تصدر كصحيفة ورقية والإلكترونية يتم نشرها بالصفحة الخاصة بالمركز على موقع التواصل الاجتماعي (( فيس بوك )) والتي لاحظنا أنها تلقي رواجاً بين متصفحي مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، وقريباً سوف يتم إنشاء مجلة علمية محكمة تصدر عن المركز لنشر الأبحاث والدراسات وفق المعايير المتبعة وهو ما سوف يكون له دور في التعريف بالمركز في أوساط النخبة العلمية في البلد .

إلى أي مدى يوجد تنسيق بينكم وبين مؤسسات المجتمع المدني في ليبيا ؟

لا يخفى عليكم أهمية الدور الذي تلعبه مؤسسات المجتمع المدني في إثراء مختلف جوانب الحياة داخل الدولة إذا ما أحُسن إدارتها، ونظراً لما تمثله تلك المؤسسات فإننا على تواصل مع مفوضية المجتمع المدني لبحث وتفعيل أوجه التعاون والتكامل فيما بيننا وفي هذا الاتجاه فإننا نعمل على أكثر من صعيد مع المفوضية لتحقيق أفضل النتائج في هذا المجال .

هل يوجد تواصل بينكم وبين المراكز المناظرة لكم خارج ليبيا ؟

نعم لدينا تواصل وتنسيق مع عدد من المراكز النظيرة الإقليمية والدولية 

ما أبرز التحديات والصعوبات التي تواجهكم ؟

كأي مؤسسة أخرى فإنه يوجد عدداً من الصعوبات والعراقيل خصوصاً في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد من عدم الاستقرار المؤسسي واحتدام النزاع السياسي الأمر الذي ترتب عنه عدم وضوح رؤية الدولة فضلاً عن عرقلة صرف الميزانيات وتأخير إصدار التشريعات واللوائح التي لها علاقة مباشرة بعمل المركز من حيث ما ينجم عن ذلك من تأخير في تنفيذ ما تم إعداده من خطط إستراتيجية ناهيك عن بعض النقص في ما يحتاجه المركز من الناحية اللوجستية منها على سبيل المثال عدم إمتلاك مقر إداري مناسب يمكن من خلاله تنفيذ المهام الموكلة للمركز وعلى الرغم من هذه الصعوبات والعراقيل فإننا نمضي قدماً في إنجاح المركز من خلال مساهمته الفاعلة في دعم مؤسسات الدولة وتقديم المشورة إليها حتى يقوم بما أسند إليه من مهام على الوجه المطلوب .

هل يمكن أن تحدثنا عن خطط المركز المستقبلية ورؤيتكم لتطويره؟ 

للمركز خطة عمل إستراتيجية بعيدة المدى تشمل أهداف المركز وتطلعاته في تنفيذ مختلف مهامه تم إعدادها من قبل عدد من خبراء المركز المتميزين وهذه الخطة قابلة للتعديل والتطوير بحسب ما تفرضه ظروف وأحوال العمل أما فيما يتعلق برؤيتنا لهذه المؤسسة فإننا نعمل على أن ينزل المركز منزلته التي يستحقها بين مراكز البحوث المرموقة من خلال تقديم البحوث والدراسات المتميزة في مختلف المجالات التي يكون لهما الأثر الإيجابي في دعم الدولة الليبية لكي تستعيد مكانتها بين دول العالم .