أثار تأسيس مجلس فزان تساؤلات حول أهدافه وتمويله ودوره في المشهد الليبي المعقد بالإضافة إلى مخاوف التقسيم وتوطين المهاجرين وعلاقات المجلس بأطراف خارجية وللحصول على إجابات لكل هذه التساؤلات التقينا أحد مؤسسي مجلس إقليم فزان المهندس عمر مسعود عبد الحفيظ

حدثنا عن أهداف مجلس فزان؟

 للمجلس أهداف سياسية واجتماعية واقتصادية فلا يخف على أحد أن ما حدث في ليبيا تحديدا في أكتوبر 2011 ليس سقوط النظام بقدر ما هو سقوط للدولة الليبية برمتها مما أعادنا لفترة ما قبل 1945 إن لم تكن أشد صعوبة لذلك فإنه يتوجب على الليبيين جميعا التكاتف لإعادة بناء الدولة التي تفككت وهذا لا يتأتى إلا بتلاحم الأقاليم الليبية التاريخية الثلاث كما أن المجتمع الدولي يتعامل مع الملف الليبي على أساس الأقاليم. وهذا ما جاء في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الصادر في يناير 2020 وأكده مؤتمر برلين وإعلان القاهرة وليس آخرهم بيان الرئيس الروسي على لسان خارجيته.

عليه وجدنا أنفسنا كمواطنين معنيين أمام أهلنا في فزان إيصال هذه الحقيقة لهم وعلينا التزام أخلاقي وتاريخي تجاههم مهما تعددت آراؤهم واتجاهاتهم فزان منذ نحو عقد من الزمان صودرت إرادتها السياسية وحرمت من إسماع صوتها للداخل الليبي والمجتمع الدولي بل تعيش حالة استلاب سياسي واقتصادي وساحة للنفايات السياسية التي لا تعبر حقيقة عن فزان.

إذن والحالة هذه نهدف إلى إعادة تموضع فزان سياسيا لفرض حقوقها السياسية والمدنية سواء محلية على مستوى الوطن دستوريا بما يضمن حقوقها تفصيلا أسوة بباقي الليبيين وهذا باب واسع من التدافع الوطني قبل أن يسد هذا الباب المهم من مفردات بناء الجمهورية "الدولة الليبية الثالثة".

كما يستوجب الهدف السياسي الدفع بشخصيات لها خبرة وباع ونضال وطني داخل اللعبة الدولية لفرض رؤية هذا الإقليم داخل أروقة الدول المتصارعة على ليبيا والتي يشكل فيها إقليم فزان ركن الصراع.

سياسيا تعتبر فزان العمق الاستراتيجي والمهدد الرئيس للأمن القومي الليبي وترك هذا البعد لأنظمة هشة لا خبرة تراكمية لها سيهدد وجودنا الليبي في هذا الجزء بالهجرة العابرة للقارات والمنظمات الإجرامية وانتقال الأوبية والأمراض ناهيك  عن التداخل القبلي  بيننا وبين دول الجوار الليبي وهذه جزيئات لا يفقهها كثير ممن تصدروا إدارة مؤسسات الدولة ما بعد اكتوبر 2011 مما يتطلب أخذ زمام المبادرة بقوة من قبل أبناء هذا الجزء من الوطن.

من يمول مجلس فزان؟

اقترحنا تأسيس صندوق لدعم المبادرة من الأعضاء وغيرهم ممن يؤمن بقضيتنا على أن تكون أموال نظيفة وغير مشروطة كما اتفقنا على عدم قبول أي دعم دولي أو إقليمي ولو لم يكن مشروطا.

كم عدد أعضاء المجلس؟

المجال مفتوح حتى من الليبيين خارج فزان ولقد أثلج صدورنا ترحيب مدن وشخصيات وطنية من طرابلس وبنغازي ونرحب بأي عضو ينضم إلينا وقد تجاوز عدد الأعضاء حتى الآن المئات والعدد في ازدياد..

إلى أي مدى يوجد تواصل بينكم وبين المسؤولين سواء في حكومة الوفاق أو الحكومة المؤقتة؟

فيما يتصل بعلاقتنا مع الحكومات كمجلس لا يوجد اتصال حقيقي مباشر حتى هذه اللحظة ولا نمانع في التواصل معهم خاصة فيما يتعلق بالقضايا الكبرى في ليبيا كملف المفاوضات المحلية والدولية وملف الأزمات الداخلية وغيرها.

ما الذي يمكن أن يضيفه المجلس في المشهد السياسي الليبي؟

المجلس محاولة للوصول لأدنى مستوى من التعايش السلمي بين المكونات المتحاربة بالإضافة إلى إسماع صوتنا للداخل والخارجوضمان مكان يليق بفزان داخل اللعبة المحلية والتسويات الدوليةوخلق تنمية حقيقية تضمن مستقبل هذا الجزء المهم من الوطن.

البعض يعرب عن تخوفه من أن يكون تأسيس المجلس خطوة نحو التقسيم فما ردكم؟

تنقسم آراء لرافضين للمجلس إلى فريقين فريق لازالت فيه شيء من الوطنية يخشى من هواجس التقسيم نحن نشاطرهم الأمر وفريق يثير تلك الهواجس فقط من أجل التشويش وضرب أي رؤية تنادي بحقوق الناس السياسية والاقتصادية وهذا الفريق له مأرب سياسية ومستفيد من حالة الانقسام الفعلية حيث توجد ثلاث حكومات ومصرفين مركزيين.

.كما لا يخف على أي عاقل أن تقسيم ليبيا لا ينادي به أي طرف ذي شأن حتى لو اجتمعت لا قدر الله إرادة كل الليبيين على التقسيم فلن يتحقق نظرا للمزاج الدولي ورفض دول الجوار كما أنه ليس من السهولة تحقيق ذلك.

 أنظروا إلى إقليم كردستان العراق ولومبارديا بشمال إيطاليا وكاتولونيا بشمال إسبانيا كلها فشلت رغم مرور قرن على مطالباتهم. أما تجربة جنوب السودان وتيمور الشرقية فهما  تجارب تقف وراءها دول لها أهدافها التي لا تخفى عليكم

ولا أحد يزايد على فزان في توحيد ليبيا فقد رفض أعيان فزان عشية الاستقلال عرض بعض دول الحلفاء (فرنسا) تحديدا باستقلال فزان جمهورية مستقلة إلا أنهمً آثروا وحدة ليبيا على تمزقها بل من أبناء إقليم فزان من قاد الحكومة التي ألغت النظام الفدرالي إلى الأبد واستعاضه بنظام وحدوي وخلال  أحداث فبراير قاوم قيادات فزان كثير من الإغراءات بالانفصال وضمان الحكم ورفضوا هذه الدعوات  ليثبتوا أن فزان  الأم الحاضنة لليبيا.

كيف تابعتم ردود الفعل المحلية سواء في الجنوب أو ليبيا عموما على تأسيس المجلس؟

أهم ردود الأفعال المحلية أننا تلقينا اتصال من مجلس طرابلس الكبرى الذي رحب بمجلسنا واعتبره لبنة وذراعا مهما من اذرع إعادة بناء الدولة الليبية المفككة والتاريخ يعيد نفسه لا ننسى وقوف المؤتمر الوطني الطرابلسي في دعم الجمعية الوطنية الفزانية اثناء الاستقلال.

 أما ردود الأفعال المحلية عموما فتباينت كل حسب مصالحه وفهمه وهواجسه ولقد حبستنا كورونا عن تفعيل لجنة التواصل التي نعول عليها كثيرا في شرح الفكرة ورؤيتنا للناس  .

باستثناء إيطاليا هل كان هناك ردود فعل دولية على تأسيس المجلس؟

دوليا كانت ردود الأفعال مفاجأة لنا وننظر بحذر لمواقف بعض الدول ولكن هذا لن يثنينا عن هدفنا أما موقف إيطاليا فقد جاء من منطلق مصالح إيطاليا في ليبيا وما يشكله الجنوب الليبي من خطر على أمنها القومي ولقد تواصلت منظمات إيطالية بشكل مباشر مع السلطات الليبية منذ سنوات في محاولة لتقريب وجهات نظر القبائل المتصارعة وفي هذا الشأن كتبت تقارير دولية آخرها مجموعة الأزمة الدولية التي أفردت تقريرا بعنوان(فزان الجار الجديد لأوروبا) وهذه نظرة متقدمة للأهمية الجوسياسية لفزان كهمزة وصل بين حوض المتوسط والمنطقة القارية الأفريقية.

البعض يقول إن إيطاليا لديها أطماع في ليبيا وترحيبها بتأسيس المجلس ربما يأتي في سياق تحقيق أهدافها أو أطماعها؟

 إيطاليا لها مصالح في ليبيا كتركيا وفرنسا وغيرها وتنظر إلينا كجار يشكل تهديدا في ظل الفوضى التي تضرب الجنوب تحديداً وكل ليبيا كما أن ليبيا سوق استهلاكية ومصدر للطاقة لذلك نهدف من خلال مشاركتنا في إدارة الدولة مستقبلا الى تشخيص مصلحة ليبيا العليا ومصلحة هذا الجزء الخطير من ليبيا (إقليم فزان) وخصوصيته الجغرافية وتداخلاته الديمغرافية بما يجعلنا ضمن معادلة الكل رابح أما اللغة القديمة فتجاوزها الزمن وعلينا الإستفادة من هذه الوضعية الدولية وتوظيفها لصالحنا .

بعد تأسيس المجلس تعالت الأصوات التي تتحدث عن توطين المهاجرين في ليبيا فما رأيكم؟

توطين المهاجرين يحرمه القانون الليبي الذي لا زال يجرم الهجرة غير الشرعية ولقد رفضنا كمواطنين وناشطين في مجال المجتمع المدني الغاء القانون مرارا وتكرارا لخطورة ذلك على الأمن القومي والبعد الديمغرافي لفزان كما رفضنا محاولات بعض الحكومات مغازلة المجتمع الدولي لإلغاء القانون المذكور ومحاولة توطين عشرة ملايين مهاجر في الجنوب الليبي  كما رفضنا ذلك من المبعوث الدولي طارق متري حين زار عاصمة الإقليم سبها.

ومن أجل ذلك ترتكز رؤيتنا فيما يتعلق بالهجرة على عدة أسس أهمها تتبع مصادر الهجرة داخل دول الطوق وتنمية منابع الهجرة والحصول على دعم ومساعدات من الدول الاوروبية المتضررة من الهجرة والمشاركة مع منظمة الهجرة في تدريب العمالة وفقا لسوق العمل الليبي والاقليمي كما وضعنا خطط في فتح حوارات مع الجماعات المسلحة المهاجرة التي ترتزق على الحروب في ليبيا لاعادتها لبلدانهم عبر اتفاقات وضمانات دولية للاستقرار في بلدانهم وضمان المشاركة السياسية مع حكوماتهم وصولا للسلام والاستقرار ونمتلك الأدوات والقدرات والعلاقات للقيام بذلك العمل.

كيف تنظر الى مستقبل المجلس في ظل المتغيرات والظروف الراهنة؟

مستقبل المجلس يتوقف على المراحل التي سيقطعها وآليات العمل التنفيذي التي سيعتمدها فنحن ينتظرنا عمل وجهد شاق يتطلب تكاتف وترابط الجميع وعندما يحقق المجلس أهدافه التي أشرنا الى بعضها سينحل كما انحلت الجمعية الوطنية الفزانية بعد الاستقلال وانحلت لجنة الستين وغيرها من المؤسسات.