لايزال الاتفاق المبرم بين الحكومة التركية وحكومة الوفاق بقيادة فائز السراج يثير جدلا دوليا خاصة مع الانتقادات المتصاعدة من قبل عدد من دول المنطقة.

حيث طالب الاتحاد الأوروبي بمزيد من الإيضاحات حول الاتفاقية الموقعة بين تركيا وحكومة الوفاق الليبي، بشأن الحدود البحرية.

وأعلن الاتحاد الأوروبي في بيانه "تضامنه التام مع اليونان وقبرص"،مشددا على "ضرورة أن تحترم تركيا السيادة والحقوق السيادية لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي".

إذ يعتزم قادة دول الاتحاد الأوروبي الإعراب عن رفضهم للاتفاق الليبي التركي لترسيم الحدود البحرية، على اعتبار أنّه "خرق للقانون الدولي"، مؤكدين في ذلك دعمهم لموقف اليونان المندد بالاتفاق.

وكانت اليونان طردت السفير الليبي الأسبوع الماضي على خلفية الاتفاق المذكور الذي يصل إلى حدود جزيرة كريت اليونانية ويمثل اعتداء على الجرف القاري للجزيرة من وجهة نظر أثينا.

وجاء في مسوّدة البيان الذي تمّ إعداده للقمّة الأوروبية التي تنطلق غداً الخميس وتستمر يومين: "إن مذكرة التفاهم بين تركيا وليبيا بشأن ترسيم الحدود البحرية في البحر الأبيض المتوسط تنتهك الحقوق السيادية لدول ثالثة (و) لا تمتثل لقانون البحار (للأمم المتحدة)"، حسب "رويترز".

ووفق مسوّدة بيان القمّة الأوروبية بشأن الاتفاق التركي:" فإن المجلس الأوروبي يؤكد بشكل قاطع تضامنه مع اليونان وقبرص فيما يتعلق بتلك الإجراءات من جانب تركيا".

وأوضح جوزيف بوريل، مسؤول السياسة الخارجية الجديد بالاتحاد الأوروبي قبل عقد الاجتماع ان وزراء الخارجية سيدرسون المسالة مشيرا بان الامر لا يتعلق بعقوبات فقط فيما قال وزير الخارجية النمساوي ألكساندر شالينبرغ انه مندهش من طريقة تقسيم البحر المتوسط.

وبدوره اكد وزير الخارجية الهولندي ستيف بلوك ان بلاده ستقف الى جنب اليونان والى جانب القانون الدولي وان بلاده مؤيدة للشرعية الدولية.

من ناحيته،قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، "الاتفاق بين أردوغان والسراج ليس مشروعاً".

وأوضح، في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، "مذكرة التفاهم تتجاوز الصلاحيات المقررة في اتفاق الصخيرات، وتنتهك قواعد القانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن بشأن حظر السلاح إلى ليبيا".

ودعا الاتحاد الأوروبي تركيا إلى "احترام سيادة الدول الأعضاء فيه"، وطالبها بتقديم "مزيدٍ من التوضيحات حول المذكرة الموقعة مع حكومة الوفاق الليبية".

وحثَّت وزارة الخارجية الروسية، تركيا وحكومة الوفاق الوطني الليبية، إلى تجنُّب "اتخاذ أي خطوات قد تزيد من حدة توتر الأوضاع المعقدة في ليبيا ومنطقة البحر المتوسط برمتها".

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في بيان، "روسيا مهتمة بالرد الحاد بما فيه الكفاية على توقيعهما (أردوغان والسراج) من قبل بعض دول منطقة البحر الأبيض المتوسط، خصوصاً اليونان وقبرص ومصر".

وأضافت، "مذكرة التفاهم حول التعاون في مجال الأمن، أعطى إبرامها أسساً للحديث عن محاولات تركيا لشرعنة دعمها العسكري للحكومة في طرابلس في المواجهة مع الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، بما في ذلك عبر الخرق السافر لحظر توريد السلاح".

وشملت تلك التفاعلات فرنسا وإيطاليا والإمارات وقبرص واليونان والمبعوث الأممي للأمم المتحدة غسان سلامة ومسؤولين ليبيين من بينهم نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي الدكتور فتحي المجبري، الذي أكد خلال زيارة إلى القاهرة "وجود انقسام داخل المجلس الرئاسي الليبي".

في ذات السياق، قال الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس، إن بلاده طلبت من محكمة العدل الدولية في لاهاي حماية حقوقها في الموارد المعدنية البحرية، التي تنازعها تركيا السيادة عليها.

وذكر الرئيس القبرصي إن بلاده ملتزمة بحماية حقوقها السيادية بكل الوسائل القانونية الممكنة، مضيفاً: "هذا بالتحديد هو الغرض من شكوانا إلى لاهاي"، موضحاً أن قبرص سعت لتوجيه مذكرة بنياتها للسفارة التركية في أثينا؛ لكنها لم تقبلها، ولذلك أرسلت في وجهة أخرى. وتابع: "هناك دليل على تسلمها، وهذا يعطي قبرص حق التظلم".

في نفس الإطار،يقول "جليل حرشاوي" وهو زميل أبحاث متخصص في ليبيا بمعهد "كلينجيندال"، إن المسؤولين الأتراك كانوا على الأرجح يستجيبون لعزلة دولتهم عن تطورات الطاقة الجارية في المنطقة عقب إنشاء منتدى شرق البحر المتوسط للغاز في وقت سابق من هذا العام بين كل من: جمهورية قبرص، اليونان، (إسرائيل)، الأردن، فلسطين، مصر وإيطاليا.

ونقل موقع "المونيتور" الأمريكي عن "حرشاوي" قوله إن "تركيا مهتمة بشدة بالدفاع عن تفسيرها لقانون المياه الإقليمية؛ لذلك، تحتاج من أجل تعزيز خطابها القانوني وعلى المسرح الدولي إلى شريك آخر غير شمال قبرص، وهذا ما تتوقعه تركيا من حكومة الوفاق الوطني في طرابلس".

وأضاف "حرشاوي" أن أنقرة تسعى إلى الحصول على سابقة للتطورات المستقبلية في شرق البحر المتوسط، حيث أشار المسؤولون الأتراك مرارا إلى أن أنشطة التنقيب عن الغاز ستستمر على الرغم من التهديد المتزايد للعقوبات من جانب الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بمثل هذه الأعمال.