تحاول ليبيا أخذ زمام أمورها بيدها، وتتجه في أواخر سبتمبر الجاري الى احتضان وإدارة أول مؤتمر دولي خاص بها، بعد أن كانت منذ العام 2011 محور مؤتمرات إقليمية ودولية تنتظم خارج أراضيها وتدار من قبل قوى خارجية.

وسيخصص المؤتمر الذي تشترك في الإشراف عليه الأمم المتحدة، ويتم بحضور ممثلي الجامعة العربية والاتحادين الأوروبي والأفريقي والدول ذات الاهتمام بالشأن الليبي لتفعيل مبادرة استقرار ليبيا، التي أطلقتها حكومة الوحدة الوطنية في مؤتمر برلين (2)، وتنفيذ بنودها، بالإضافة إلى وضع آليات محددة وعملية، لتنفيذ بنود مؤتمري برلين (1)، (2)، وقراري مجلس الأمن رقمي 2570 و2571.

وتراهن ليبيا على أن يستقطب المؤتمر أكبر عدد من الوفود المشاركة، وأن يكون منطلقا للدخول في مرحلة استعادة سيادة الدولة والقرار الوطني، وهو ما بات يمثل مطلبا شعبيا ووطنيا ملحّا.

وسيشارك في جلسات المؤتمر رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي ورئيس وأعضاء الحكومة وأعضاء البرلمان ومجلس الدولة الاستشاري ومنظمات المجتمع الأهلي.

وفيما طلب المجلس الرئاسي من كلّ دول الجوار دعم المبادرة الليبية في استضافة مؤتمر دولي لتفعيل مبادرة استقرار ليبيا وفق المقررات الدولية والأممية، دعت وزيرة الخارجية والتعاون الدولي الليبية نجلاء المنقوش دول جوار ليبيا لدعم وتبني مبادرة استقرار ليبيا، والمشاركة في المؤتمر الدولي، وقالت  الثلاثاء الماضي خلال مؤتمر صحفي بالجزائر، إن الهدف من إعلان مبادرة استقرار ليبيا هو أن تكون بقيادة وتوجه ليبي وطني، وبدعم  من الأمم المتحدة والدول الشقيقة والصديقة لمساندة الليبيين في اختيار مصيرهم ومستقبلهم انطلاقاً من مخرجات برلين.

وقالت المنقوش أن رؤية مبادرة استقرار ليبيا تتكون من مسارين عسكري وأمني، واقتصادي، إذ يعد المسار الأمني والعسكري التحدي الأكبر الذي يواجه ليبيا اليوم، لاسيما مع تقدمها نحو الانتخابات الوطنية العامة، وهو ما يتطلب وبدعم من شركاء ليبيا وحلفائها العمل على توحيد الجيش الليبي تحت قيادة واحدة لإعلاء السيادة الليبية، ودمج المجموعات المسلحة وتأهيلها، وكذلك سحب المرتزقة والقوات الأجنبية الذي يشكل استمرار وجودهم تهديداً ليس فقط لليبيا بل للمنطقة بأسرها.

واقتصاديا، تهدف المبادرة الى دعم ومساندة السلطات الليبية في تنفيذ خططها السياسية والأمنية والاقتصادية والمالية، وفي سبيل أن تمتلك ليبيا زمام المبادرة، وتحدد فرص العمل والتعاون في مجالات الاستثمار والصناعات النفطية والتمكين الاقتصادي، والتعليم والتدريب، وريادة الأعمال، والمشروعات الصغرى، وتطوير البنية التحتية، وإطلاق مشروع إعادة الإعمار.

كما سيطرق المؤتمر موضوع توحيد رؤى دول الجوار والتنسيق لمراقبة الحدود ومعالجة ظاهرة الهجرة واعتماد مناهج تعليم وتبادل الخبرات ودعم مبادرة الحكومة الليبية لاستقرار ليبيا.

وتراهن ليبيا على أن يجمع مؤتمرها الذي ينتظر عقده في مدينة سرت، وسط البلاد، جميع الدول المشاركة في مؤتمرين برلين الأول والثاني والدول الأعضاء في مجلس الأمن ودول الجوار، وقد قامت بالفعل بتوجيه الدعوات.

وأكدت المنقوش على أن الهدف من مبادرة استقرار ليبيا هو وضع الآليات التنفيذية الضرورية لتحقيق الاستقرار في ليبيا، وتمهيد الطريق وصولاً إلى الهدف الأسمى وهو ضمان استدامة الاستقرار والسلام لمصلحة جميع الليبيين، إضافة الى دعم ومساندة السلطات الليبية في تنفيذ خططها السياسية والأمنية والاقتصادية والمالية، وفي سبيل أن تمتلك ليبيا زمام المبادرة.

وأشارت الى أن "المبادرة ستعمل على خلق آليات تنفيذية لوضع برنامج زمني واضح لانسحاب المرتزقة، وستركز المبادرة على خلق آليات تنفيذية لحل المشاكل الأمنية والاقتصادية، تهدف إلى توحيد الجيش الليبي تحت قيادة واحدة، وتفعيل اتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذ شروطه".

وبينت المنقوش أن جميع دول الجوار الليبي وهي مصر وتونس والجزائر وتشاد والنيجر والسودان، وافقت على المشاركة في المؤتمر،

وكان رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة أعلن على هامش مشاركته في مؤتمر برلين 2 في يونيو الماضي مبادرة دعم الاستقرار في ليبيا والتي تضمنت إعادة القرار للشعب الليبي والسماح له بالتوجه للانتخابات في ديسمبر بمساعدة أصدقاء ليبيا واصراره على تجاوز كل العقبات لإجراء الانتخابات في موعدها.

وقال الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، أن الاتحاد الأوروبي يتشارك الأهداف ذاتها ويهدف إلى تهيئة الظروف لليبيا لتصبح شريكاً رئيسياً في البحر الأبيض المتوسط يرتبط ارتباطا كاملاً بسياسة الجوار الأوروبية، مؤكداً بأن الطريق أمامنا هو طريق واعد وأن الاتحاد الأوروبي، بصفته جارا وشريكا اقتصاديا ومستثمرا رئيسيا وحليفا، سيكون حاضرا إلى جانب ليبيا لمساعدتها في التغلب على الصراع وتحقيق مستقبل مزدهر.

ويرى المراقبون أن المبادرة لن تحقق أهدافها إلا بتشريك جميع الفرقاء المحليين في تحديد آلياتها وتقاسم المسؤولية على تنفيذ مخرجاتها التي ينتظر أن تمثل خطوة مهمة قبيل موعد الانتخابات المقررة للرابع والعشرين من ديسمبر القادم.