جريمة مقتل المواطن رشيد البكوش، العنوان الأبرز في ليبيا لهذا اليوم، وبين منددين ومستنكرين ووسط صمت عدد من الجهات المسؤولة رغم مرور أكثر من 24 ساعة على تلك الجريمة، بقيت علامات الاستفهام وملامح الغموض تدور جميعها حول أسباب الجريمة، فلماذا قتل البكوش وأصيب أخوه؟

وبحسب ما تداوله نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، وفي محاولة منا لحل شفيرة وطلاسم هذا اللغز، رصدت بوابة إفريقيا الإخبارية روايتان مختلفتان حول أسباب الجريمة، وجاءت الرواية الأولى حيث قيل إن مسلحين أقدموا على قتل الشاب رشيد البكوش – من مواليد 2000- إثر مشاجرة في الطريق العام رميا بالرصاص، بمنطقة السراج غرب العاصمة طرابلس، وذلك بسبب احتكاك سيارتهما ببعض الأمر الذي أدى لاحتقان الطرفين وأسفر عن مقتل البكوش وإصابة أخيه.

ووثقت كاميرا إحدى المحلات القريبة من مكان الواقعة كواليس الجريمة، حيث أظهرت نزول 3 أشخاص من سيارة زرقاء اللون، في شارع مزدحم بالمارة والسيارات، قبل أن يقوم أحدهم برفع سلاحه وإطلاق الرصاص على رأس الضحية، ليسقط على الفور، وفي الوقت ذاته يظهر في الفيديو أخو المجني عليه وهو يهرول مسرعا باتجاه أخيه لإنقاذه ليتم تصويب الرصاص عليه هو الأخر.

وفي الرواية الثانية، تداول أحد النشطاء قصة أخرى أن الجاني قام بأخذ 3 زجاجات من العطور وساعتين من محل المجني عليه بالقوة ورفض دفع ثمنها ولاحقه المجني عليه رشيد البكوش لمطالبته بدفع ثمن البضائع التي أخذها فكان رد فعل الأول أن أطلق على البكوش الرصاص لإنهاء الجدال "على غرار أفلام الأكشن".

وفي السياق، أفادت مصادر بأنه تم التعرف على الشخص الذي قام بجريمة القتل وهو (عاصم عبدالرزاق البشتي) كما تم التعرف على مرافقه هو (مجد عبد العزيز البريشني) والسائق ويُدعى (عبد الرحيم الشاوش) وهم جميعا من مدينة الزاوية، لافتة إلى أن عصام هو نجل أحد قيادي جماعة الإخوان في ليبيا ممن يخرجون بفتاوي الدم ووصف الحرب الأهلية بالجهاد، كما معروف عنه التطرف والتحريض على الاقتتال بين المدن ويعتبر هذا جهاد.

والد الجاني عبد الرزاق البشتي، كتب تدوينة عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ترحم في بدايتها على روح البكوش، سائلا المولى عزوجل الشفاء العاجل لأخيه، وكشف في تفاصيل التدوينة أنه قام بتسليم ابنه عاصم البشتى إلى الجهات الأمنية بمدينة الزاوية، وذلك لإيمانه بضرورة أن تأخذ العدالة مجراها وأن يطبق شرع الله على الجميع دون استثناء.

ومن جهتها دعت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق، اليوم الجمعة، من مجلس رئاسة الوزراء إعلان حالة الطوارئ واتخاذ الإجراءات والتدابير الاستثنائية وذلك لمواجهة العصابات الإجرامية وفرض الأمن وتقديم الجناة للعدالة وردع كل من تسول له نفسه المساس بأمن وسلامة الوطن والمواطن، مؤكدة أن مديرية أمن جنزور وعبر مركز شرطة السراج وقسم البحث الجنائي قد قاموا باتخاذ جميع إجراءات جمع الاستدلال لمعرفة الجناة ومباشرة إجراءات التحري لغرض القبض عليهم وتقديهم للعدالة.

كما أعلن وزير الداخلية المفوض بحكومة الوفاق فتحي باشاغا، عزم وزارته لإطلاق حملة أمنية واسعة في البلاد، قائلا في تدوينة نشرها عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، "المجرم الخارج عن القانون لا يستحق الا المواجهة بقوة وشدة دون تسامح ولا تهاون. الإجرام اليومي الذي ينغص حياة المواطن اعتبره صنفاً من صنوف الإرهاب الذي يجب التصدي له بكافة التدابير الرادعة. لا مجال للتمترس وراء الحصون الثورية أو القبلية أو الفئوية فسلطان المظلوم هو الغالب على إجرام الفاسدين. وزارة الداخلية بصدد إطلاق حملة أمنية واسعة لن نرحم فيها من تطاول على أمن المواطن أو استهان بدماء الأبرياء. فقد جعلنا لوليه سلطاناً .. وسلطان الدولة سيكون سيفاً باتراً يقطع دابر المجرمين والمفسدين".

وفي الجانب الأخر قال المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة، في بيان أصدره إنه تابع الممارسات الإجرامية التي لم تتوقف والتي ليس أخرها مقتل الشاب رشيد البكوش وإصابة أخيه في وضح النهار بمنطقة السراج، حيث محله التجاري لأنه طالب بدفع ثمن ما أخذوه من روائح وساعات، مؤكدا إن هذه الممارسات لن تذهب دون جزاء.

وقال المركز في بيانه، "إننا نتحدى حكومة الصخيرات وداخليتها وما يدعونه من أجهزة أمنية أن توقف هذه الممارسات أو أن تقبض على مرتكبيها أو حتى تفكر في معاقبتهم ولكن جيشكم لن يترككم وستقوم دولة القانون والمؤسسات وتتحقق السيادة".

الجديد في هذه القضية هو اجتماع مختلف المكونات الليبية على وحشية الجريمة وضرورة معاقبة الجناة فهل سيكون مقتل البكوش نواة لاجتماع الليبيين على كلمة الحق ورفض الظلم، أم سيقفل المحضر ويحفظ في أرشيف تاريخ ليبيا الدامي؟