قدم المسؤول الليبي السابق عمار لطيف قراءة تحليلية في أساب إسقاط المجتمع الدولي لليبيا عام 2011 وما أعقبه من تداعيات.

وقال لطيف في تدوينة له بموقع "فيسبوك" بعنوان "ليبيا إلى أين" إن كثير من المحللين يرون "أن ما يجري في ليبيا من قتال وحرب هو قتال على السلطة والمال أو الاثنين معا  وهو قول يشاركهم فيه كثير من الساسة وعامة الناس" مضيفا "أنا أرى أن ذلك يشكل فقط الجزء الظاهر أو الطافي فوق السطح من المشكلة وأن ما يجري في ليبيا شئيا آخر قد يكون في اطار إعادة تخريط مناطق النفوذ وإعادة تقسيمها في العالم أو توزيع مراكز القوة في العالم أو استعدادا لحرب كونية جديدة".

وأضاف لطيف "أما كلام الصحافة وتصريحات السياسيون مثل الكلام عن السيطرة على النفط (وإنتاج ليبيا لا يشكل شئيا بالنسبة للاحتياج العالمي إذا قسنا ذلك بمنطق الدول وليس صفقات الأفراد)".

وأردف لطيف أن "تلك التصريحات التي تقول إن الهدف خلق داعش جديدة ونشر فكر التطرف في ليبيا" نتبعها "بسؤال آخر لماذا ليبيا؟ ألم تكن داعش تحكم أغلب مساحة ثلاث دول في الشرق الأوسط؟ وفي منطقة صراع أهم للقوى العالمية من ليبيا، وأهم على مستوى الكتلة البشرية والإمكانيات الاقتصادية من نفط ومياه، وارث ثقافي وتأثير فكري ، والقوة التاريخية والإرث الإنساني سماوي وبشري بينما ليبيا بلد صغير وذو قوة بشرية واقتصادية ضعيفة، وقوة عسكرية متواضعة وتاريخيا لم تكن ليبيا يوما مؤثرة في الصراع الدولي، ولم تكن قيادة لإمبراطورية، أو مركز إشعاع فكري وحتى وان لعبت في العشرين سنة الاخيرة من قيادة معمر القذافي أدوارا مؤثرة سياسيا في مساعدة حركات التحرير أو محاولة لملمة الدول العربية أو الإفريقية لخلق وحدات كبيرة تستطيع أن تؤثر في العالم، فإن ذلك يرجع لزعامة معمر القذافي وكاريزميته الشخصية وليس لقوة ليبيا الدولة اقتصاديا أو عسكريا وتلك مرحلة انتهت باغتيال معمر القذافي".

وأردف لطيف "إذن لماذا هذا الاهتمام بليبيا؟ والتركيز على تدميرها عسكريا بضرب قواتها المسلحة من حلف دولي يمثل أقوى قوة على الأرض، دون غيرها من الدول التي شهدت صراعات سياسية أو اجتماعية في العالم؟ لماذا التركيز على ضرب بنيتها السياسية وقتل قائد الدولة ووزير دفاعه واغلب القيادات العسكرية والسياسية؟ لماذا رحلت قوات هذه الدول وتركت ليبيا بلدا مهلهلا وفاشلا تنهشه المليشيات؟ لماذا اختلفت هذه الدول على إدارة ليبيا؟ لماذا اختلفت الأدوار بين هذه الدول؟ فبعد أن كانت فرنسا في رأس القائمة في الحرب على ليبيا تخرج تركيا اليوم لتتصدر المشهد وتتحكم فيه ويتراجع الدور الفرنسي إلى المعارضة".

وتابع لطيف "عدم وضوح الدور الأمريكي الذي تأرجح طوال الأزمة بين المراقب واللعب من وراء الستار" انتهازية الموقف الروسي في استعمال الورقة الليبية" هذا على المستوى الخارجي، أما على المستوى الداخلي لماذا لم تحكم قوى فبراير البلاد على اختلافها؟ هل هو عدم القدرة العسكرية والإدارية أو هو عدم الإمكانية السياسية وتوازن القوى في العالم".

وزاد لطيف "تلك التيارات الإسلامية واليسارية، وزعامات الحرب، وقادة المليشيات؟ لماذا لم تحكم البلد عقب سقوط النظام وكان ذلك أمرا سهلا، ولكنها اتخذت طريقا أخر، وبدل أن تلملم جراح البلد، بعد حرب مدمرة وتقود الصلح المجتمعي، وتعيد تنظيم الجهاز الإداري القائم، وأجهزة الأمن والجيش قامت بعكس ذلك بإصدار قانون العزل السياسي، وحل الجيش، والأجهزة الأمنية، كل ذلك على خطى قانون بريمر في العراق".

وتابع لطيف "كان لبعض هذه القوة مثل الإخوان المسلمين القدرة على حكم ليبيا وفرض الأمن فيها منذ بداية عام 2012 م في غرب البلاد وشرقها والجيش عام 2019م ولكن ذلك لم يحصل هل ذلك يعطينا الجواب على أن هذه القوة لا تريد حكم ليبيا أو أن ذلك يدلنا إلى أن هذه القوة لم يسمح لها من أتى بها إلى الحكم السيطرة على البلد من جديد وتنظيم المجتمع والدولة".

وأضاف لطيف "جاء عام 2012 ليكشف عن خلافات عميقة بين قوى فبراير، والتي غرقت في حمامات الدم، بين التيار الديني واليساري فيها ثم بين التيار المدني والعسكري في فبراير هل كان ذلك الاختلاف والحروب والقتل والصراع السياسي ناتج عن طبيعة الأشياء في حالة وجود مثل هذا الاختلاف الأيدولوجي؟، أم أن ذلك الصراع مخطط له وصولا للدولة الفاشلة؟" وتابع "إن الذين أوصلوا قوى فبراير إلى كرسي الحكم كانوا يعلمون ويعرفون جيدا الكوادر التي تم تجميعها ودعمها لاستغلالها في إنهاء النظام، بل كثير منهم يعملون في دواوين هذه الدول او موظفون في مراكز أبحاث لديها او عناصر على علاقة بأجهزة الأمن فيها".

وأردف لطيف "ألم تكن كل هذه القوة التي تتناحر اليوم في ليبيا مرتبطة أصلا بنفس القوة الاستعمارية التي أوصلتهم للسلطة؟ لماذا لم تعمل هذه الدول منفردة ومجتمعة على التدخل ولو بالقوة على فرض تسوية الخلافات بينها ونحن نعرف أنها قادرة، فالجميع ليس لديهم شرعية وطنية لحكم ليبيا بل شرعيتهم الوحيدة وكما يقولون هم بأنفسهم هي الشرعية الدولية ولو راجعنا سيرة جهاز الأمم المتحدة وممثلها المقيم في ليبيا سيقدم لنا دليلا على أن الدول النافذة في المنظمة الأممية تسعى إلى استمرار الفوضى في ليبيا سياسية وعسكرية حيث سعت وتسعى هذه الدول إلى خلط الأوراق كلما بزغت نقطة ضوء لانفراج الوضع حيث نجد محاولة تغليب طرف على آخر كلما رجحت كفة أي من القوتين، وشهدنا ذلك من خلال مؤتمر الصخيرات وما تلاه من مؤتمرات ثم من خلال تبادل أدوار هذه الدول في معالجة الأزمة بين المد والجزر والتشدد والمرونة".

وتابع لطيف "كما أن موقف هذه الدول لقيادة ليبيا نحو الدولة الفاشلة يتضح جليا في وقوفها ضد قيام قوات مسلحة ليبية قادرة على ضبط الأمن والحدود ومنعها من التسلح وتنظيم نفسها وانتشارها على كامل التراب الليبي، وهي قوة تقاد من عناصر محسوبة على فبراير ولا تنادي بعودة النظام السابق" مضيفا "إن هذه المواقف والحسابات وغيرها تقودنا لنتيجة واحدة وهي أن حرب الناتو على ليبيا ومن خلفه الدول الاستعمارية له هدف واحد وهو الوصول بليبيا للدولة الفاشلة لتصفية حسابات قديمة وجديدة بين الدول الاستعمارية وتلك المتطلعة لاستعمار أراضي الغير من جديد والى أن يعي الليبيون حجم المشكلة ستظل ليبيا مسرحا لتفاهمات مفروضة بعدما فتحو لها الباب" وقد ترجع طرابلس ايالة تتبع الاستانة او شاطئ رابع لروما وقد يرجع علم التاج البريطاني على سارية قاعدة جمال عبد الناصر في طبرق وعلم امريكا على قاعدة امعيتيقة في طرابلس وعلم فرنسا على قلعة سبها وقد يجد الروس في المياه الدافئة الليبية منتجعا لاسطولهم".