الحظ والسعد والنحس عبارات ترافق حياة الإنسان منذ القدم ولا تزال ترافقه في تفاصيل حياته ولعلها ستبقى كذلك ما دام الصراع قائما بين فناء الإنسان وبقائه.
والحظ، كما عرفه المختصون، هو «أمر خير أو شر، يحدث خارجاً عن سيطرة ونية الإنسان».
وكثيرا ما ترد في المهاتفات والاعتذارات البينية عبارة «لسوء الحظ وقع كذا أو حدث كذا» أو عبارة «آسف، لسوء الحظ لم يقع كذا أو وقع كذا».
ومن الناس المحظوظ الذي لا يصادفه في حياته إلا ما يسره، ومنهم ذو الحظ العاثر الذي لا يلاقي في حياته سوى المطبات والعراقيل المربكة.
وتختلف وجهات النظر إزاء الحظ فهناك من يرى «أن الحظ أمر عشوائي تحركه قدرة غيبية» وثمة من يرى أن العناية بمتابعة «الحظ مرده الإيمان بالخرافة» ورأي ثالث هو الغالب يرى «أن الحظ تتحكم فيه عوامل يمكن للإنسان أن يتصرف فيها بحيث يمكنه أن يحسن من حظه العاثر».
ويرى عارفون في هذا المجال أن مرد العناية بالحظ السعيد والسيئ هو العقل الباطن الذي يختزن مشاعر الإنسان، والذي يوحي له أن ما في داخله من أحاسيس خير وشر سينجذب إليه في واقع حياته عندما يكثر التفكير فيه.
فمن يفكر في النجاح في الامتحان سينجح ومن يكثر التفكير في الرسوب سيرسب، ومن تسيطر التعاسة عليه يشقى، ومن يتفاءل ويرى الوجود جميلا يسعد، وهكذا.
ويركز الناس في الغالب على مقاومة النحس لأنه أكبر عدو يواجهه الإنسان.
وبينما لا تعتني المجتمعات الغربية بالنحس، نجد المجتمعات المتخلفة تقاوم الحظ العاثر، وتبتكر طرقا للتخلص منه غالبا ما تكون غريبة وبعيدة عن العلم والمنطق.
ويستخدم الكثيرون في افريقيا وشرق آسيا البخور للوقاية من الحظ العاثر، فقبل أن ينطلق الزوج من بيته، أو الابن الشاب إلى مكتبه، أو البنت إلى زفافها، لا بد أن يقف لحظات أمام المبخرة ليخترق دخان البخور ملابسه أو ملابسها طاردا الحظ السيئ والعين والنظرة.
ومن طوارد الحظ السيئ التختم بالحجارة الكريمة كالعقيق والفيروز، فهما حجران جالبان للمال طاردان للشر.
أما الصاروخ الطارد للحظ السيئ فهو كسر البيضة أي بيضة؛ ففي المعتقدات الشعبية «أن البيضة إذا كسرت خرج منها روح رباني يحيل الحظ العاثر إلى حظ سعيد».
ويتبع آخرون طريقة أخرى، هي رش كمية من مسحوق الملح عند الجانب الأيمن للشخص قبل خروجه من بيته، فمبجرد أن تتم عملية الرش تهرب الأرواح الشريرة الجالبة لسوء الحظ ويبقى المكان خاليا للحظ السعيد.
ومن طرق طرد الحظوظ السيئة في كثير من المعتقدات، أن يسافر المصاب بها إلى مكان بعيد ليتركها هناك ويتخلص منها ويعود إلى بيته سعيدا بحظ جميل.
ويلجأ الكثيرون للدعاء والاغتسال بمبطلات السحر والعين، والبعض يعلق خاتم سليمان عليه السلام للتخلص من مكدرات الحظ العاثر.
وقد استخرج مهتمون بعلاج الحظ العاثر أقوالا حكيمة وآراء لأشخاص عاديين حول الحظ، منها «سوء الحظ عقدة نفسية»؛ «السلاح الوحيد القادر على قهر الحظ العاثر هو العمل الجاد»؛ «إذا أمطرت السماء بلحاً افتح فمك»؛ «ديك المحظوظ يبيض»؛ «يعطي الله اللحم لمن لا أضراس له»؛ «ينقل الجمل السكر لكنه يرعى الشوك».
يقول أديب العربية مصطفى صادق الرافعي: «وهذه الدنيا للمحظوظ كأنها دنيا له وحده، فمتى جاءت إليه فقد جاءت، ولو أنها أدبرت عنه من ناحية لَرجعت من ناحية أخرى، ليثبت الحظ أنه الحظ».
على هذا، يظل الأمر مرتبطا، حسبما يعتقده الكثيرون، بعاملين أحدهما التفكير الداخلي والآخر المؤثرات الخارجية، فبين الأمرين يواجه كل واحد منا حظه في هذا الجانب أو ذاك.