انتشرت صور الفرحة والإنتصار مجددا في الشارع التونسي، في "يوم جديد لتونس" خلال حملة تلقيح وطني اعتبرها المحللون والمراقبون المحليون والعالميون واللأطباء والمؤسسات الحكومية التونسية الرسمية المختصة" تاريخية وقياسية".

امرأة مسنة تصير بخطى ثابتة تمسك بقوة يد زوجها الثمانيني أو يفوق داخل مركز للتلقيح، جندي يحمل شيخا بين يديه نحو قاعة التلقيح، الجيش التونسي، الأطباء، الأمن،الكشافة التونسية، والمتطوعون من مختلف الأعمار ومختلف مكونات المجتمع المدني، الإحتفال والفرحة العارمة "والمشموم التونسي" يجوب الصفوف المنظمة والمواطن المترقب المتحمس لتلقي جرعته والإطار الطبي يرقص ويغني فرحا بالنجاح الكبير الذي حققه أول أيام الحملة الوطنية للتقيح .


مشهد رسم بوضوح معالم الأمل بين التونسيين وصدّر للعالم صورة جديدة حول تونس "الغارقة في الأزمات" والتي عاشت على ضوء تطورات كبيرة متسارعة في الأيام الماضية أثبتت للعالم أنه"إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر".

أعلنت رئاسة الجمهورية التونسية عن يوم وطني للتلقيح ضد فيروس كورونا يوم 8 أغسطس/أوت 2021 للفئات العمرية من 40 سنة فما فوق. فسارعت كل مؤسسات الدولة للمساهمة في إنجاح هذه الحملة حيث وضعت وزارة الصحة التي تنظم العملية بالتعاون مع وزارة الدفاع والصحة العسكرية كل الوسائل الضرورية لانجاح هذه العملية وذلك بالتنسيق مع عدد من المنظمات الوطنية التي وفرت عددا كبيرا من المتطوعين. كما أعلنت وزارة النقل التونسية عن مجانية التنقل بالوسائل العمومية من وإلى مراكز التلقيح.

وسخّرت المؤسسة العسكرية 666 إطارا طبيا وشبه طبي في كافة ولايات الجمهورية وفق ما أكده العميد الطبيب رياض العلاني في تصريح إعلامي .كما أكد أنه سيتم تأمين مراكز التلقيح بدوريات عسكرية، كماتم تسخير وسائل برية وجوية لجلب التلاقيح إلى الأماكن التي تستحق الإمداد، وفق تصريحه.

وشهد 355 مركز تلقيح معتمد في مختلف مناطق البلاد إقبالا كبيرا من المواطنين المعنيين منذ الساعات الأولى لهذا اليوم، حيث اصطفوا في طوابير طويلة منظمة لازحاما فيه ولا كلل في انتظار دورهم للحصول على جرعة التطعيم المضاد لفيروس كورونا، وفق ما عاينتُهُ وماعاينته وسائل الإعلام المحلية وما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي من فيديوهات وصور.


احتفالات كثيرة ميزت مراكز التلقيح تعددت مظاهرها وصورها من "الطبال التونسي" والفرق الفلكلورية التي جابت عددا من المراكز لنشر الفرحة وتحفيز المواطنين وصولا إلى التفاعل الكبير بين الطاقم الطبي والشبه الطبي والمتطوعين داخل مراكز التلقيح بالتصفيق والرقص وترديد الأغاني الوطنية والمحلية في عرس بهيج عاشته تونس في أحد أجمل أيام انتصاراتها رغم كل الأزمات.



"يوم تاريخي" هكذا عبر الرئيس التونسي عن الحملة في كلمة له على هامش زيارته لأحد مراكز التلقيح لمواكبة سير الحملة الوطنية للتلقيح حيث  أكد قيس سعيد، أن تونس ستواصل النهوض حتى عودتها لمكانتها الطبيعية، مشيراً إلى أن القوات المسلحة والأمنية التونسية تصنع تاريخا جديدا في تونس. 

وأضاف "تونس قدمت اليوم درسا للعالم على تعاضد التونسيين، وشكرا لكل رجال قواتنا المسلحة على وقوفهم في كل مكان لأنهم يصنعون تاريخاً جديداً لتونس، ويفتحون آفاقاً أرحب". مشدّدا على أنه "حين توفرت الإرادة صار عدد اللقاحات بالملايين، ورأيت صورا تاريخية قام بها رجال الأمن والجيش والمتطوعين وشباب صغار، لأنهم مؤمنين بتونس والمستقبل ومؤمنين بقدرتنا على صنع المعجزات".

وقال المستشار لدى رئيس الجمهورية التونسية وليد الحجّام، "إن الإقبال الكبير الذي شهدته اليوم الأحد مراكز التلقيح الموزعة على كامل تراب الجمهورية، يُقيم الدليل على استرجاع ثقة المواطن في مؤسسات الدولة".

وبين  الحجّام في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية أن التوصل إلى تلقيح ما يزيد عن 406 آلاف شخص، إلى حدود الساعة السادسة والنصف مساء، "يعد نتيجة محترمة يمكن البناء عليها لمواصلة هذه الأيام المفتوحة للتلقيح والتي ستشمل خلال الأيام القادمة فئات عمرية أصغر (أي أقل من 40 سنة).

واعتبر أن هذه الأرقام، ما كانت لتحقّق "لولا المجهودات التي بذلتها مختلف أجهزة الدولة والتنسيق المحكم بين مختلف الأطراف المتداخلة في هذه البادرة، ما جعل عملية التلقيح تسير في أحسن الظروف".

من جهته قال رئيس الحكومة التونسية السابق ورئيس حركة تحيا تونس، يوسف الشاهد، مساء اليوم الأحد، تعقيبا منه على نجاح اليوم الوطني المفتوح للتقيح ضد فيروس كورونا أن "هذا يوم من أيام تونس".


و أضاف الشاهد في تدوينة على صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فايسبوك أن "أكثر من 500.000 ألف تونسي نجحت الدولة التونسية في تلقيحهم في ظرف 12 ساعة".

وقد أعلنت وزارة الصحّة التونسيّة في بلاغ لها منذ قليل أنّ الحصيلة النهائية لليوم الإفتتاحي لحملة التلقيح المكثف بكامل ولايات الجمهورية بلغت 551.008 عملية تلقيح بــ 335 مركز مخصص لهذا الغرض.