في ظل مستجدات الأوضاع السياسية والأمنية السريعة التش تعيشها ليبيا منذ اطلاق القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية في 4 أبريل الماضي 2019 عملياتها العسكرية لتطهير العاصمة طرابلس من الإرهاب، ومع إعلان رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج عن مبادرة لحل الأزمة الليبية، أجرت بوابة أفريقيا الإخبارية حوار مع الباحث في الشؤون الاسترتيجية فرج زيدان، للاقتراب من المشهد الليبي في محاولة لفهم مجريات الأمور على الساحة، حيث كشف زيدان أن الجيش ماض في عملياته لحسم معركة طرابلس، متحدثا عن مباردة السراج وما تحمله في طياتها، ومن ثم المقترحات التي من شأنها أن تعيد للوطن الأمن والاستقرار... وإلى نص الحوار

 بداية.. كيف تقيم تطورات الأوضاع العسكرية في جنوب العاصمة طرابلس؟

نحن نقيم العمليات العسكرية للقوات المسلحة الليبية في جنوب العاصمة طرابلس وفقا لما يتم اعلانه عبر المركز الإعلامي لعمليات طوفان الكرامة، والمتحدث باسم القيادة العامة للجيش بشأن ما تقوم به الوحدات المسلحة من عمليات استنزاف للمجموعات والمليشيات المسلحة، وهنا نقول إن عملية حسم معركة طرابلي تنقسم إلى مرحلتين، المرحلة الأولى هي "مرحلة الاستنزاف" للمجموعات والمليشيات المسلحة – والمجاميع المسلحة التي نتحدث عنها هنا تضم المليشات المسلحة سواء الكتائب التابعة لهيثم التاجوري وعبدالغني الككلي أوالقادمة من مدينة مصراتة، بالإضافة لغيرها الهاربة من بنغازي ودرنة مثل سرايا الدفاع وكتيبة الفاروق، بالإضافة لعناصر تنظيم داعش التي تم جلبها من قبل عبد الحكيم بلحاج، وأيضا لا ننسى مجموعات تهريب البشر والوقود، والمجموعات المسلحة التشادية أو المرتزقة التشادية وغيرها من جنسيات مختلفة مثل الطيار البرتغالي، وتلك المجاميع كلها تتحالف ضد القوات المسلحة العربية الليبية، تحت الإدعاء بالدفاع عن حكومة الوفاق الذي تتخذ منها الغطاء لها وهي في الأساس تدافع عن مصالحها في ليبيا.

وهذه المليشيات التي ذكرناها تمتلك ترسانة ضخمة من الأسلحة، فخلال 2011 استغلت هذه المليشيات الأوضاع الأمنية ودخلت إلى معسكرات الجيش وقام بالاستيلاء على الأسلحة والذخائر، وأيضا لا ننسى الدعم والأسلحة التي تصلها من الدوحة.

وبالتالي إذا عدنا إلى "مرحلة الاستنزاف" سنجد أنه وبحسب القيادات العامة للقوات المسلحة العربية الليبية، فأن تلك المرحلة ونقصد "مرحلة الاستنزاف" تهدف إلى تدمير أكبر قدر من مخازن الأسلحة لتلك المليشيات وجر عناصر المجموعات المسلحة إلى الخارج، حيث أنه وفي ظل ما تملك تلك المليشيات من أسلحة وعتاد ستكون عملية دخول القوات المسلحة العربية لقلب العاصمة طرابلس خطيرة جدا،  وسيكون هناك ضحايا من المدنيين، وبالتالي وضعت القيادة العامة خطتها خلال مرحلة الاستنزاف بهدف البقاء على الحدود وجر المليشيات خارج طرابلس للحفاظ على أرواح المدنيين في المقام الأول، ولتكون هدفا سهلا لسلاح الجو، وتسهيل المرحلة الثانية أو مرحلة حسم المعركة وإعلان التحرير والتي ستبدأ في القريب العاجل.

 ماذا عن المبادرة التي أطلقها رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج لحل الأزمة الليبية؟

بداية مبادرة السراج لا يمكن أن يقال عنها مبادرة فهي ليست إلى مناورة سياسية لصب الزيت عن النار، وأثبتت أن السراج وحكومته ليست حكومة وفاق وإنما جسم صراعي، وهذه المناورة التي سميت بالمبادرة من شأنها أن تزيد المشهد السياسي الليبي تعقيدا، وترفع من لغة الكراهية، وتهدف لاستفزاز الليبيين والداعمين للجيش في عملية تحرير طرابلس.

وهنا نقول لماذا خرج السراج بهذا التكتيك في شكل مبادرة الآن، الإجابة هي أن مبادرة السراج جاءت بناء على دفع من المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة، ونربط مسألة الحديث عن هذه المبادرة أو المناورة السياسية بالمؤتمر الصحفي الذي عقده غسان سلامة خلال الأيام الماضية مع رئيس الخارجية التونسي خميس الجهيناوي في تونس عندما قال "إننا إلتقينا مع الأطراف، وقلت لهم إنه آن الآوان أن تقدما مبادراتكما لكي يعلم المجتمع الدولي شروطكما للعودة للعملية السياسية"، كما قال سلامة خلال المؤتمر الصحفي "ستخرج عليكم الأطراف المتخاصمة بمبادراتها خلال الأيام المقبلة"، وهذا يعني أن هذه المبادرة جاءت بدفع من البعثة الأممية بهدف إظهار السراج باعتباره رجل السلام أو صانع السلام، ولكن الحقيقة هي أن السراج لا يمتلك قراره، وتيارات الإسلام السياسي هي المسيطرة عليه، ونرى هذا جليا في الشكل المتطرف والمتناقد الذي خرجت به المبادرة من حيث الدباجة والبنود، فنجد أن السراج يتحدث عن السلام ومن جهة أخرى يستخدم أسلوب عدائي تجاه القيادة العامة للجيش الليبي، ويتحدث عن خارطة طريق مع جميع الأطراف، ثم إستثناء من أسماهم بالأدوات الديكتاتورية، ويقصد عنها القيادة العامة للجيش والداعمين لها، وبالتالي فأن السراج يصد أبواب الحوار بهذا الاستثناء لأنه لن يتحاور مع الطرف الأهم في الصراع الطرف الذي يسيطر على 95% من الأراضي الليبية، وهذا الاستثناء يشمل أيضا جميع القبائل والتيارات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني الداعمة للجيش في معركة تحرير طرابلس، وكذلك يستثني البرلمان وهو من الأطراف المهمة جدا في العملية السياسية.

 برأيك ما هو السيناريو أو التسلسل الأصلح أو الأجدر لحل الأزمة الليبية؟

أولا يجب القضاء على المليشيات والمجموعات المسلحة وهو الأمر الذي تهدف القيادة العامة للقوات المسلحة لتحقيقه من خلال عملياتها العسكرية، وبعد هذه المرحلة يمكن الحديث عن مؤتمر أو ملتقى وطني ليبي يعقد بقيادة الليبيين أنفسهم دون أي تدخلات للأطراف الخارجية، لبدء تحديد أو رسم خارطة طريق جديدة للبلاد، وفي توقعي أن الليبيين لن يسمحوا خلال تلك المرحلة لمجرمي الحرب ومن أمثالهم السراج ونائبه أحمد معيتيق، وفتحي باشاغا، وخالد المشري، وغيرهم من تلك الوجوه التي ساهمت في تدمير ليبيا بأن يكون لها دور في المشهد الليبي، ومن ثم تشكيل حكومة وحدة وطنيةن وهنا نذكر أن القائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر خلال اجتماعه بالرجمة مع مجموعات من الشباب من مختلف المناطق أكد أنه سيتم تشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل على تقديم الخدمات الأساسية للمواطن الليبي وتعمل على بناء البلاد خلال المرحلة المقبلة.